هذا لثامُ حبيبيَ الأسد!

ملثم

تأبهون لوجودهم، أرى فيكم جنونًا أحلى من الشهد، أفكر حينما يعود أحدكم سالمًا لبيته يرى ذات قميصه ولثامه، يضحك بحب الحياة لدرجة الموت، ويفكر في ذهنه أهذا أنا ؟! ههه يا إلهي سأعاود الكرة غدًا، وسأراني مرة أخرى على الشاشة، وسأروح أتابع المقالات التي كتبت فيّ، وبعدها أتجول في صفحات جميلات بلادي، أقرأ في نصوصهن غزل غير معلن، وكأن إحداهن تعرض عليّ محبتها دون أن أزيل اللثام!

أفكر هل سأقبل؟! نعم!لا! لست أدري، لكني سأقول لها: أنا إن لم أزل لثامي ربما ستصبحين في ليلة وضحاها عاشقة شهيد، إن كنت ترضين ؛ فلن أزيله.

يفكر، ربما فضولها القوي لأن تراني وتعرفني في اللثام ستقبل، من المؤكد ستسألني كيف أضرب الحجر وأصدقائي عن اليمين واليسار ومن كل جانب، كيف لا يصيبهم حجري؟! ستسألني إن كنا نخطط لأن نرتدي الكوفيات بألوان العلم، لتظهر صورنا في الصفحات الأولى في الجرائد، معنونةٌ بالخط العريض " الفلسطينيون موحدون في ساحة الدم". ستسألني إن كنا نستعرض عضلاتنا أمام الفتيات في المواجهة؟ ستسألني مستنكرة عليّ فعل ذلك.

ستسألني أنّى لنا بكل هذه الحجارة والطريق جرداء من كل حجر كانت؟  ستنظر إليّ بعيون الشكّ والحب المجنون وتسألني، إن كنت أخذت حجرًا من رفيقة في المواجهات؟! وحتمًا ستسأل إن كنت نظرت في عينيها!

إنها عاشقة مجنونة تحب شهيدًا زفته مؤجلة إلى حين، فمن اللامنطق أن تغار عليّ؟ وهل من المنطق أن تحبني دون أن تعرف تفاصيل وجهي تحت اللثام؟ لا تعرف سوى قهوة عينيّ.

وأظنها في كل مرة تقف أمام التلفاز تشاهد المواجهات، ستبحث عن لثامي، فإن لم يصبني مراسل بكاميرته الصحفية ولم يذعن لفضول كاميرته لأن تتجول في زاويتي حيث أنا، حينها ستحزن وتظن أنها قاربت لتصبح عاشقة الشهيد!

فجأة يظهر لثامي  من تحت جيب إحتلالي، بسرعة البرق تتحسس نبض قلبها، وأحدهم يقول أسد والله أسد، حينها ستضحك وأمّها بجانبها مندهشة، تقول: مجنون متل البسة بسبع  أرواح! هذا لثام حبيبي.

ترفض أن أزيل اللثام، ولذا أنا أحبها أكثر، تخاف أن تسألني عن المواجهات عبر الرسائل وتنتظر رؤيتي وجهًا لوجه، فنرتب موعدًا حيث المواجهات، في زاوية ليست بعيدة، تقف وتسألني دون حروف:

- ألا زلت حيًا! 
- وأموت فيكِ كما موتي في فلسطين.
-  تسألني مرة أخرى  بنصف عين ! أفهم وأجيب: أحبكِ قدر حبكِ لللثام.
-  تضحك: أحبك ولثامك، ليس لثامك وحسب!
- لا فرق المهم أن شيئًا منّي تحبينه.
- هل ستعود؟!
- أكيد، وسأعود في الغد لأرى ابتسامتك في قلبي، حينما تريني.

تجمع له كومة من الأحجار وتوبخه ألا يأخذ حجرًا من رفيقة،  تعطيه حجرًا وتوبخه بقبضة يدها على يده، يضحك كثيرًا. يعود لمكانه حيث هو إحداثيات لفوهة بندقية صهيوني لعين إرهابي مجرم، يرمي حجره مبتسمًا، ينظف ملابسه وحذاءه ويغسل وجهه قبل دخوله البيت، يرى والدته على التلفاز تناجي ربها " يا رب احم هالشباب" يدخل فتنظر إليه وتكمل " يا رب كلهم زي اولادي احميهم يا رب"  يبتسم ويجلس بجانبها يداعب ألم الفرحة في عينيها .. وينام  في اليوم التالي؛ تقف هي تنتظره، فيأتي ولثامه .. وكل يوم تراه،
-  تقول هذا لثام حبيبيَ الأسد.

التدوينات المنشورة تعبر عن رأي كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي زمن برس.