ما في زلمات!
كان والدي - رحمه الله - قد اعتاد على أصطحابي في نهاية الأسبوع إلى مدينته التي يعشق ، و التي قال لي عنها يوما : أتمنى أن أعيش و أموت في القدس .
وذات مرة كنا نستقل الباص متجهين صباحا إلى مدينة القدس التي تبعد عن قريتنا عناتا بضعة كيلو مترات فقط و في الطريق اوقفنا حاجز للاحتلال في بيت حنينا وصعد جنديا من الدورية المتواجدة في المكان و قال: كل الزلمات تنزل ..
نزل والدي و بقية الرجال من الباص على الأرض بجانب الباص استعدادا للتفتيش على الهويات و مسلسل الإهانات و الشتائم و اللكم لبعض الشباب الذين كنت انظر إليهم من نافذة الباص المغلق و كنت أخشى على والدي كأي طفل يخاف على والده من الضرب و الإهانة .
صعد الجندي ذاته إلى الباص ليبدأ بفحص هويات ما تبقى من النساء و يجري عملية بحث سريعة داخل الحافلة ، فإذا به يفاجأ برجل خمسيني يجلس خلف السائق متكئا على الماسورة التي كانت تفصل بينه و بين السائق و يدخن سيجارة من التبغ العربي ( الهيشي ) .
الجندي بصوت عال : انا مش بكول كل الزلمات تنزل عل أرض .. ليش إنتي مش بنزل ..
الكهل الخمسيني ببرود : انا مش زلمة يا خواجا، انا لو زلمة كان ما بطلع واحد زيك يفتش علي و ينزلني من الباص .. انا مش زلمة يا خواجا ..
ما يحصل في القدس الآن و ما يحصل في المسجد الأقصى كل يوم يجعلنا كلنا " مش زلمات " . .
و رحم الله أيام الرجال الرجال الذين أشعلوا الأرض تحت أقدام شارون عندما دنس الحرم القدسي عام 2000 ..
بعدهم ما في زلمات ..