اليسا أسقطت حرف "الطاء" في موطني ماذا نقول لمن أسقط الكلمة كلها؟

اليسا

ما ان قال لي زميلي في العمل انظر لقد أصدرت الفنانة اليسا اغنية "موطني "، وتقول موتني  بدلا من ذلك حتى عدت بذاكرتي 6 سنوات الى الوراء ، عندما كنت أقرأ حرف "القاف" وأقول عنه "كاف".

كنت طالبا قي قسم الإذاعة والتلفزيون في جامعة بيرزيت ، وكان تخصصي هذا يتطلب مني أن أأخذ محاضرات في الالقاء وقراءة الاخبارعلى  المايكروفون في اذاعة الجامعة.

كنت دائما  احرر الاخبار بطريقة جيدة نوعا ما وأشعر بالسعادة لذلك ، لكن تلك السعادة سرعان ما تتلاشى عندما أجلس وراء المايكروفون وأبدأ بقراءة الاخبار ، ويكون أكثر من 10 طلاب من طلاب شعبتي مدققين لما أقوله ، اضافة الى أستاذتي جمان قنيص التي تكون سببا في سقوط احرف اللغة  كلها على لساني ، نتيجة الخوف من تدقيقها وتعليقها الصامت لأنها تريد تخريج جيل مميز من الطلبة الاعلاميين دون أخطاء.

في أحد المرّات انتهيت من قراءة الاخبار وخرجت لأرى ما كتبه زملائي واستاذتي جمان قنيص تعليقا ما قمت بهمن القاء ، املا في ان أرى ملاحظة غير تلك الملاحظة التي لا تريد ان تفارقني على الاطلاق وهي حرف "الكاف" و"القاف" ، لكن التعليق كان هو نفسه ولا جديد يذكر ، حيث لخصته الاستاذة جمان قنيص بان مشكلة القاف والكاف مربوطة على الأغلب بمن يسكن في القرى ويتكلمون بالعامية بحرف الكاف منذ صغرهم الى ان يكبر معهم ويصبح عالة عليهم وخصوصا من أراد ان يدرس الإذاعة والتلفزيون.

الحقيقة تختلف عن "الحكيكة" فأنا لست مذنبا إن نشأت منذ صغري على هذه الحروف وأدركت انني لست الفظها صحيحا عندما كبرت وأصبح عملي يتطلب مني ان الفظ الحروف لفظا سليما .

لو قرأت موجز اخباري وكان لدي الان هذه المشكلة في هذه الايام لكنت محل إستهزاء وإنتقاد كبير عند البعض وسقطت في "فخ" مخرج الحروف  عند العامة وعند طبقة الاعلاميين خاصة ، كونهم يدركون هذه الأخطاء.

أطلت في هذه المقدمة كثيرا ، ربما  يظن البعض انني إقتنصت هذه الفكرة وأردت ان اتحدث عن نفسي في البداية ، ربما كذلك  ، لكن ماذا بشأن " الجريمة" التي قامت بها اليسا ؟ انها قالت "موتني " ولم تقل "موطني".

صدقوني انها جريمة صدقوني انها تستهزئ بنا  ، هذا ما قاله احد الأشخاص على موقع الفيسبوك، وما اسهل التجريم عندنا.

هل لنا ان نفكر قليلا ونبعد اكثر بقليل ايضا عن مخرج حرف الطاء الذي سقط عند الفنانة اللبنانية اليسا في غناء قصيدة موطني ،التي كان اخر اعمالها الفنية ، وننظر الى هذا الألقاء لهذه القصيدة الغنائية من زاوية أفضل ؟

ربما من التفت الى دخول حرفي الطاء والتاء  وارتطامهما معا هو شخص او أكثر بقليل ، لكن كان من نصيب الفنانة اليسا في الوقت التي تصدر فيه هذه الاغنية ان تكون وسائل التواصل الإجتماعي مغرقة للجميع  ، وبالتالي انتشر حرف التاء كالنار في تلك المواقع من التواصل الإجتماعي .

ايها المغردون والمعلقون على الفيسبوك هل حقا أخطأت اليسا في اصدارها لتلك الأغنية القديمة التي جددتها بحنجرتها المغرية عند البعض والمرفوضة عند القسم الأخر؟ هل قامت بتجديد قصيدة النشيد الوطني للاحتلال الإسرائيلي ؟ هل تتابعون تلك الأغاني التي تصدر هنا وهناك وتدققون في مخارج الحروف في كل كلمة وترمون بحجم تلك التعليقات التي شاهدناها؟

أؤمن بالقاعدة التي تقول ان البشر يسقطون من السنتهم لكن  هل هذه القاعد يمكن وضعها في هذا المكان لنقول ان "اليسا" قد اسقطها لسانها الذي انحرف بشكل لا ارادي وخرج حرف "الطاء" تاء؟

سؤال بسيط وساذج هل لو كانت تدرك اليسا انها ستكون محطة استهزاء عند البعض  ستنتج تلك القصيدة المغنّاة؟ او حتى ستفكر بها ولو كان ذلك مجرد تفكير فقط؟

لكن لا الومكم ان كان هذا الانتقاد لهذه الفنانة كونها أخطأت في حرف في كلمة كبيرة وفي غاية الأهمية  وهي "موطني" ، لكن إسمحولي ان اقول لكم إن اليسا يمكن ان تكون قد اسقطت هذا الحرف بدون قصد ، لكن ماذا تقولون لمن اسقط الكلمة كلها بمعناها وبمحتواها.

الا تشاهدون تلك الأوطان التي سقطت ونحن ننظر اليها بحرقة قلوبنا ولا حولا لنا ولا قوة ؟ الا تنظرون الى ما يحدث في سوريا وليبيا واليمن والعراق وكل الدول العربية؟ الم تسقط تلك الاوطان بمصيدة القتال الداخلي؟ الم نسقط نحن الفلسطينييون في الانقسام الداخلي الداخلي واصبحنا مشتّتين في وطننا وليس "وتننا".

هل مخرج الحرف عندنا  اصبح اكثر اهمية من سيل الدماء التي تسقط امامنا ومن حولنا ؟

يا أصدقائي المزعوجين من سقوط حرف واحد ، حافظوا على أحرف بلدكم قبل ان تتساقط هي أيضا وتصبح السنتنا تنطق حرف الفاء  بحرف " السين" وحرف الدال  بحرف "الراء" لنصحوا يوما من نومنا العميق ونجد اننا فقدنا 28 حرفا في لغتنا العربية ولا نستطيع حينها ان نقول موطني ولا حتى "موتني".

التدوينات المنشورة تعبر عن رأي كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي زمن برس.