علموا أطفالكم ثقافة "الصراخ"

مرحلة الطفولة هي جذور الحياة المستقبلية... فالطفل يحمل جذورا وكل يوم يكبر ليصبح شاباً يواجه الحياة ... وأنتم تعرفون أن الجذور تختلف منها الضعيف الذي بدوره قد تنمو شجرة منهكة غير مثمرة مريضة أو جذور قوية تحمل عناصر مهمة تجعل من المارين يتمنوا أن يقطفوا من ذات الشجرة ثمار... هذا الوصف المبدأي هو ملخص حديثي.

     طفلك حتماً سيحمل بذور شئت أم أبيت اجعل الناس يشهدوا على جمال وروعة وصحة بذوره، ومن البذرة المهمة التي أنا شخصياً أوصيكم بها هي "الصراخ"،كثير من الأهل يتضايقوا من الصراخ لكن ما أن يصرخ الطفل فهذا مؤشر على دلائل مهمة منها أن الطفل لديه شخصية قوية أو قابلية لقوة شخصيته، ثقته بنفسه لأنه لا يهتم لمن حوله أي عدم خجله ، ردة فعله التلقائية السريعة بالصراخ فهذا دليل على قوة التركيز وحنكته، يصدر الطفل الصراخ لسبب ما فهو إما غير مرتاح أو منزعج أو أن أحد أساء له أي أن وضعه غير طبيعي فيعطي مؤشر بالصراخ على عدم تكيفه وخوفه، إذ أن بالصوت العالي المفاجئ الذي يصدر من الطفل حلول لمشاكل مخيفة ممكن أن يتعرض لها ومن أهمها التحرشات الجنسية، بل هي أنجع وأسرع طريقة قد يتخلص منها الطفل من أنياب الذئاب البشرية، وهذا يتماشى مع جل المشاكل والظواهر المنتشرة في المجتمع التي إن سكت الطفل عنها قد تتهاوى به من حفرة إلى حفرة حتى يصبح ساكت غير مبالي لنفسه، تقوده في النهاية إلى تدمير ذاته وجسده ثم أسرته، وهذا لا ينكر فضل الطرق والوسائل الأخرى التي تحمي الطفل من الوقوع بالمشاكل.

    يقع على عاتق الأهل أن يعلموا أطفالهم من نعومة أظافرهم  مواجهة الصعاب والمشاكل، و تقوية ذاتهم وجعلهم أشخاص أقوياء يحملون ثقة عالية في أنفسهم. فلا يوجد طفل لديه المبادئ التي ذكرتها سابقاً عن سبب إصدار الصراخ، إلا  إذا كان قد تعملها من الأهل، المدرسة، النوادي وغيرها. هذا لا يعني أن بالصراخ قد تحل كل المشاكل، بل يجب على الأهل أن يوضحوا للطفل احترام الكبير والصغير، إلا في حدود جسدهم لا بد من الصراخ، اشرحوا لأطفالكم الفرق بين تعالي الصوت دون حاجة أي قلة الأدب كما يقال وبين الصراخ في موقف يتطلب ذلك حقاً وهو ما يسمى بالنجدة ووسيلة دفاعية لحماية الذات.

    الطفل كما تعلمون ممثل بارع فهو قادر على تقليد الأكبر سناً مثل الأهل، أو من يشعرون نحوهم بالسعادة والأمان، والوالدين خصوصاً هم أكبر سيناريو لحياة الطفل، فقد يترك التمثيل بعدها ليعيش الحقيقة دون شك، إن مصدر الرعاية إن كانت بطبيعتها خجولة لا تواجه الصعاب غير واعية لمشاكل الحياة ومعاملة الناس ، بلا شك قد ينشأ الطفل صورة مصغرة من ذلك، على الأهل أن يواجهوا حياتهم بشكل جدي أمام أطفالهم فلا داعي للخجل، البكاء، التساؤلات المقلقة أمام الطفل، أظهروا لهم القوة والحذر، تكلموا بصوت يحمل الكثير من النبرات وبنفس الوقت لا تبخلوا من اظهار العاطفة الغريزية نحوهم. وهذا ما وصت به الكثير من الدراسات والأبحاث في أن موازنة تربية الطفل بين الاهتمام والإهمال ينشأ الطفل سليماً غير مهيأ لأن يندرج تحت سقف أي انحراف والعكس صحيح فيما يتعلق بالاهتمام الزائد و الاهمال الزائد، حيث تبين أن كلاهما وجهان لعملة واحدة، عملة الضياع والخسارة.

من أفضل وسيلة لتعليم الطفل على الصراخ هو تحببه بالصراخ، طلب الطفل أن يصرخ ويعلي نبرة صوته بعد ذلك مكافأته وقول العبارات التشجيعية حتى يتمكن بكل ثقة من إصدار الصوت العالي دون خوف أو خجل وهذا لابد من أن يتعلمها الطفل دون سن الثالثة، في بداية هذا النشاط قد يتردد الطفل من إصدار الصوت العالي مرة واحدة، فهو يتساءل في نفسه بأن الصوت العالي قد يسبب إزعاج ويخاف على نفسه من المعاقبة، إلا أن الابتسامة والتشجيع واللعب بالصراخ قد يجعله يشعر بالأمان. تكلم مع طفلك عن حياته وحدود جسده، كيف يتعامل مع الغرباء، كيف يتعامل مع النظرات واللمسات غير المريحة..الخ. ملاحظته خارج إطار البيت مع أطفال آخرين وهم يلعبون كيف يتكلم الطفل هل نبرته قوية وعالية، هل ينادي بصوت عالي إذا تعرض لموقف خطر دون خجل من الباقين، كيف يتجاوب مع الكبار بكل ثقة وراحة أم بكل خجل وحياء يكاد صوته لا يسمع. عندها تستطيع أن تقيم مدى تطور طفلك الوجداني، الأخلاقي، الاجتماعي.

إذ أن بالصراخ قد تتحقق هدف الحماية قريب المدى فهو يحمي جسد الطفل خاصة في الأماكن العامة، هدف بعيد المدى يتمثل بتمكين ذاته وتقويتها وبذلك يواجه حياته دون قلق من الأهل، في النهاية تصبح عادة مهمة وهذا ما قصدت بـ " ثقافة الصراخ" ،حمى الله أطفال العالم. 

التدوينات المنشورة تعبر عن رأي كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي زمن برس.