لمن لا يعرف الكابتن ماجد

الكابتن ماجد هو بطل مسلسل كارتوني شهير يحكي قصة لاعب شاب حلمه أن يصبح اللاعب رقم واحد في العالم، ولا بد أن معظمنا قد تسمّر طويلا أمام شاشة التلفاز ليرى كرة الكاتبن ماجد تخترق شباك المرمى وتحرقها.

في السادس عشر من الشهر الجاري لعب منتخبنا الفلسطيني أمام منتخب الأردن ضمن بطولة كأس آسيا، انتهت المباراة بنتيجة 5 أهداف مقابل هدف واحد لصالح المنتخب الأردني، هذه النتيجة الغير متوقعة لدى البعض والمخيبة لآمال الكثيرين أثارات استهزاء المتابعين والمشجعين ودفعتهم لكتابة عبارات السخرية وإطلاق النكات على مواقع التواصل الإجتماعي. ومن ضمن هذه النكات ما كتبه براء القاضي معلقاً على الخسارة "المخجلة" كما وصفها لمنتخبنا، حيث اقترح إقالة جبريل الرجوب رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، واستبداله باللواء ماجد فرج رئيس المخابرات العامة الفلسطينية، مطلقاً عليه لقب "كابتن" ليصبح "كابتن ماجد" كشخصية المسسلسل الكرتوني.

لماذا ماجد فرج؟

طبعا لم تكن صدفة اقتراح اسم اللواء ماجد فرج ليكون بديلاً عن جبريل الرجوب، فتاريخ اللواء الرجوب في المجال الأمني يجعل من فرج مرشحا جيدا لاستلام المنصب بدلاً عنه.
جبريل الرجوب الذي عرفناه كرئيس لقوة الأمن الوقائي منذ العام 1995 وبعدها كمستشار أمنيّ للرئيس محمود عباس حتى العام 2006 ليختفي عن الساحة بعد ذلك ويعود كرئيس للجنة الأولومبية والاتحاد الفلسطيني لكرة القدم!

شتم موظف عام

تخيلوا تعابير وجهي عندما أخبرني المحامي أن التهمة التي وجهت إلى براء يوم أمس هي "شتم موظف عام"، يعني ضحكت في البداية، ما بال هؤلاء؟!! ما أروق بالهم يا أخي! أأصبحت وظيفة الأجهزة الأمنية ملاحقة النكات على صفحات التواصل الإجتماعي وتحليلها لتطابق المسمى القانوني لتهمة ما! هل اللواء ماجد فرج فعلاً شعر بلإهانة لإن أحد ما شبهه بشخصية كرتونية معروفة؟ يبدو أن براء مس "الهيبة العسكرية" لرجل أمن محترم! أو يبدو أن اللواء فرج ليس من محبي رياضة كرة القدم. ولكن هنالك احتمال آخر وهو أن التهمة ذاتها وبسذاجتها لا علاقة لها باعتقال براء وأن التحقيق معه الآن يدور حول أمور أخرى مثل مواقفه وآرائه السياسية وبعض المواد الصحفية التي كتبها، هذا السيناريو يبدو أكثر نضجاً وواقعية وحتى أنه يليق بالهيبة العسكرية لجهاز المخابرات بأكمله.
الحريات لدى سلطة التضامن مع الحريات
كلنا رأينا رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يتقدم مسيرة التضامن مع صحيفة "شارلي ايبدو" وكيف أنه عبر بفائق الحزن والأسى عن تضامنه مع فرنسا الصديقة في مُصابها، مع تأكيده على أنه مع حرية التعبير وحرية الصحافة، الرئيس عباس شارك في المسبيرة التي تنبذ العنف والتطرف وتدعو لاطلاق الحريات متناسياً الوضع المزري للحريات في فلسطين، وكيف أن الأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينية لا تتوانى عن قمع أي تحرك يخالف سياستها، وليس لديها أي حرج من استدعاء الصحفيين وملاحقتهم واعتقالهم بسبب نشاطهم الصحفي، وقد يصل الأمر إلى ضربهم ومصادرة كاميراتهم كما حدث مع الصحفيين الذين كانوا يغطون المسيرة الداعمة للأسرى في إضرابهم الأخير عن الطعام. حرية التعبير في فلسطين سقفها بساطير رجال الأمن هذا ما بات معروفا هنا، وكل يوم يحدث ما يؤكد ذلك، استدعاء النشطاء بسبب كتاباتهم على الفيسبوك، وملاحقة طلاب الجامعات بسبب انتمائاتهم السياسية، عرقلة عمل الصحفيين ومحاصرة أقلامهم.

العقاب بالتضييق الممنهج

الأجهزة الأمنية التي لم تستطع عبر سياسة الترهيب التي تتبعها ثني براء وغيره عن مواقفهم السياسية أو أجبارهم على الاحتفاظ بها ولكن بصمت، أصبحت تلاحق "نكات" الفيسبوك وتدج بها في زنازين التحقيق، هذا ليس تخبط كما يبدو من الوهلة الأولى، وإنما هي محاولة لتضييق على من لم تجدي معهم عبارات التهديد نفعا. ليست صدفة أن يتم إعتقال براء في بداية الفصل الدراسي للمرة الثانية، وتعطيله عن استكمال تسجيله ومحاولة عرقلة تخرجه، وليست خطوة عبثية هي الاستدعاءات المتكررة للتحقيق من مختلف الأجهزة الأمنية، وإخضاع الحياة اليومية للرقابة والتفتيش، ما تحاول أن تفعله الأجهزة الأمنية هو معاقبة براء وغيره على مواقفهم وآرائهم السياسية. هذه العقلية الأمنية يبدو أنها لم تفهم بعد أن ما يعيش داخل هؤلاء هو وطن لن يموت مهما حاولوا قتله!

التدوينات المنشورة تعبر عن رأي كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي زمن برس.