السلطة الفلسطينية...انعدام الخيارات

بقلم: 

من الواضح أن ارتقاء وزير هيئة الجدار والاستيطان زياد أبو عين الى رتبة شهيد، كان حدثاً لهُ أثرُه على الساحة الفلسطينية،وخصوصاً على مستوى السلطة الفلسطينية في رام الله،فقد كان هذا الحدث كاشفاً لانعدام الخيارات لدى السلطة،وعدم قدرتها على ايجاد بديل واقعي عن الخيار السلمي،وفلك المفاوضات،وهو ما ظهر في عدم قدرة القيادة الفلسطينية على اتخاذ أي قرار في اجتماعاتها الأخيرة،وعدم قدرتها على سدّ الفراغ السياسي خصوصا في ظل تزايد حدة السياسات الاستيطانية والتهويدية التي تعيشهما الضفة الغربية والقدس الشرقية،والذي يهدد أسس قيام السلطة الفلسطينية،والتي نشأت كحل مرحلي يمهد لقيام دولة فلسطينية كاملة السيادة،على حدودها،ومواردها المائية والطبيعية،في ظل سعي اسرائيل الحثيث للقضاء على مبدأ حل الدولتين،وفرض الاستيطان والتهويد في القدس والضفة الغربية كأمر واقع،لا بد من قبوله،والتعايش معه.
كما أنَّ سعي اسرائيل لفرض يهودية الدولة كطابع لدولة اسرائيل ،الأمر الذي يعني شرعنة فكرة تبادل السكان في أي حل سلمي قادم،وبالتالي شرعنة تهجير السكان الفلسطينين من القدس ،على اعتبار أنَّهم رعايا،يحق لاسرائيل متى شاءت حرمانهم من حق الاقامة،والعمل ،بالاضافة الى شرعنة تهويد القدس،وهدم المسجد الأقصى المبارك،وبناء الهيكل المزعوم كحق لاسرائيل كدولة تعرف نفسها على انها يهودية، يؤكد على سعي اسرائيل لافشال أي حل سياسي قادم بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية،الأمر الذي قوبل برفض الاعتراف بيهودية اسرائيل،من قبل السلطة الفلسطينية.
ما يتوجب على السلطة القيام به الان،هو وقف فعلي للتنسيق الأمني،وتعزيز ودعم المقاومة الشعبية في الضفة الغربية،والكف عن ربط فكرة وقف التنسيق الأمني بفشل مشروع القرار الفلسطيني الذي سيعرض على مجلس الأمن ،والذي يقضي بتحديد فترة زمنية لانهاء الاحتلال،والاعتراف الدولي بفلسطين ،على أساس حل الدولتين،كما انه يتوجب على السلطة الفلسطينية المبادرة في الانضمام الى الاتفاقيات والمنظمات الدولية،وخصوصا اتفاقية روما،ومحكمة الجنايات الدولية،لمحاكمة اسرائيل على جرائمها المتكررة بحق الشعب الفلسطيني،وبهدف فرض عزلة دولية على اسرائيل،واستغلال حالة التوجه من قبل البرلمانات الأوروبية،الى الاعتراف بالدولة الفلسطينية،واستغلال توتر العلاقات بين ادارة أوباما واليمين الاسرائيلي،والذي ظهر في مناقشة الادارة الأمريكية ولأول مرة في تاريخها التوجهَ الى خطواتٍ أكثر جديَّة في التعامل مع الاستيطان الاسرائيلي،الأمر الذي يحتم على السلطة الفلسطينية تسريع الانضمام الى المعاهدات والاتفاقيات الدولية،والكف عن المماطلة في ذلك.
كما ان اعادة ترتيب البيت الداخي الفلسطيني هو مسؤولية تقع على عاتق السلطة الفلسطينية،وذلك كون المصالحة الداخلية الفلسطينية بين فتح وحماس،أمر له وَقعُه في التعامل الدولي مع السلطة الفلسطينية،ممثلة برئيسها محمود عباس،وحكومة الوفاق الوطني،كسلطة واحدة على كامل أراضي عام 67،لأن الانقسام الفلسطيني يهدد أي اعتراف دولي بدولة فلسطين،وذلك كوننا نتحدث عن دولة فلسطينية برأسين،في ظل سيطرة حماس على غزة،والتي تريد أن تحكم فعليا،مع سيطرة شكلية لحكومة الوفاق على المعابر،وبين الرئيس محمود عباس الذي يريد أن يتخلص من العبء المالي الذي تشكله غزة المدمرة على خزينة السلطة الفلسطينية.
على السلطة وفي هذه الفترة بالتحديد،الخروج من حالة الفراغ السياسي،والتسريع في اتخاذ قرارات سياسية ودبلوماسية أكثر جديَّة،على المستويين الدولي والشعبي ،تعزيزا لقرارها بعرض مشروعها لانهاء الاحتلال على مجلس الأمن،واستغلالا لحالة العزلة الدولية التي تعيشها اسرائيل حاليا.
 

التدوينات المنشورة تعبر عن رأي كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي زمن برس.