عاش ومات مدافعاً عن الوطن ...

من وعد بلفور وحتى الانتفاضة الثانية والمحاولات مستمرة من قبل "اليهود" وأعوانهم للضغط على الجد حسن عميرة "أبو الفوارس" ليتنازل عن أرضة ويبيعها لليهود ليقيموا مستوطنة على أرضه الواقعة في بلدة نعلين غرب رام الله ولكن محاولاتهم باءت بالفشل.

الجد حسن عميرة ولد عام 1917 م وهذا التاريخ يأخذنا الى  لحظات تاريخية بائسة وأليمة مرت على الشعب الفلسطيني، وجدي هو الوحيد لوالديه حيث تركوا له أكثر من مئة دونم أرض والكثير من الأشجار المثمرة كالزيتون واللوزيات مما دفع اليهود وأعوانهم الى البحث بشتى الطرق والوسائل الشرعية والغير شرعية ليصادروها .

وفي الذكرى الرابعة عشر لوفاة الجد العزيز حسن عميرة أستذكر قصة قصيرة تحمل الكثير من العبر سمعتها بالصدفة عندما كنت جالساً في سيارة عمومية  متنقلاً من مدينة رام الله الي قريتي الجميلة نعلين، حيث رجل كبيرٌ في السن يبلغ في السبعينات من عمرة يحدث ابنه عن حب الأوطان وتقديم الغالي والنفيس من أجل تراب الوطن وحدث ابنه عن الجد ابو الفوارس الذي قام عدد كبير من المتعاونين مع اليهود بإحضاره ليتنازل عن أرضه ويبيعها لكنه رفض رفضاً قاطعاً حيث سجنوه وأخذوه الى منطقة بعيدة قضاء مدينة اللد وفتحوا أماه "حقيبتان من الدولارات" لكنه رفض أن يبيع أرضة وعندما فقدوا الأمل منه تركوه وحيداً في الليل وأخذوا منه حذائه وعاد من مدينة اللد الى بيته حافياً مشياً على الاقدام ". ويستكمل الرجل حديثه لابنه قائلاً:" هذا هو الوطن يا ولدي نحضنه وندافع عنه ونتمسك بكل ذرة تراب منه فأريد أن تكون خادماً للوطن كأبو الفوارس يا ولدي".

هكذا معنى الأوطان يا أبناء الشعب الفلسطيني الجبار مرسومٌ في الذاكرة نتمسك به وندافع عنه ونقدم كل ما نملك من أجل الحفاظ عليه، هذه القصة الصغيرة تابعتها قبل فترة وذهبت الى مستوطنه قريبة من القرية تدعى "حشمنئيم" ، وسألت أحد الاشخاص عن أرض أبو الفوارس حيث قال إنها تلك الأرض التي لم يقوم اليهود بالبناء فيها، هذه الظاهرة يتوجب علينا الوقوف عليها وندرسها لأبنائنا من أجل نشر الوعي لديهم بأهمية الوطن وضرورة الحفاظ على كل ذرة تراب من أرض فلسطين.

وتوفي جدي قبل 14 عاماً عن عمر يناهز 83  عاماً، أي أثناء الانتفاضة الثانية التي حلت بالفلسطينيين فمنهم من استشهد ومن اعتقل ومن أصيب من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، ومنذ ولادة الجد وحتى وفاته والاحتلال يقتل ويصادر ويعتقل ويقتحم ويهاجم ويصيب ويستهدف ويشتم ويضرب وينكل ويهدم وما زالت أفعالهم نستخدمها بالفعل المضارع فإلى متى سنستخدمها بالفعل الماضي البعيد .. الى متى ؟.

التدوينات المنشورة تعبر عن رأي كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي زمن برس.