إعلان عن انتحار جماعي قادم!

بيت قديم متهالك، جدرانه وسقفه،  تنخر فيهما يد الرطوبة ..غرفته الوحيدة، مطبخه البائس، أبوابه ونوافذه المكونة من بقايا الملابس القديمة والملونة ..بيت قدمه لهم أهل الخير بعد أن تساقط بيتهم الأصلي والمتواضع بفعل الظروف الجوية التي عصفت بفلسطين العام الفائت

...أسرة مكونة من تسعة أفراد، بقايا بشر، تسكنه ..والدة صابرة، أب وولد بكر، مريضان نفسيان، بسبب الفقر، وبنت مريضة وطفليها الصغيران، وأولاد في عمر الورد ...وجميعهم يتلقون معاشا شهريا مقداره "٧٥٠شاقلا عدا ونقدا "، ولذا تقوم الأسرة باستدانة طعامها وشرابها يوميا، من أجل أن تبقى على قيد الحياة ..تقاوم غول وكفر الفقر .

...محمد عطية عزام، شاب من جنود الأسرة عمره ١٨ عاما، قتله سرطان الفقر، برد الشتاء، زمهرير البرد ..اتجه إلى أعلى خزان في قرية عتيل الوادعة والواقعة في محافظة طولكرم ..وألقى بجسده الضعيف من أعلاه ..ونام ببساطة ودعة، باستثناء ينبوع صغير من دمه سال إلى جواره ..لفظ أنفاسه المتمردة على الفور، لتصعد إلى عنان السماء

..آسفون يا محمد، فنحن شركاء في دمك الطاهر!!! شركاء في الخوف والصمت والعار!!! شركاء في اللامبالاة!!!
آسفون، لم نتذكر ونحن نصوت في (آراب ايدول )، بمبلغ ٣٥مليون دولار انك بحاجة لنا!!!

آسفون لأن وزارة الشؤون الاجتماعية مثخنة بأعداد الموظفين، مشغولة بالمؤتمرات والندوات التي ستقاوم الفقر، ولم يتبقى عندها سوى ٧٥٠ شاقلا لتقدمها لأسرتك!!!

آسفون لأن شركاتنا وبنوكنا وأغنيائنا، ما زال هدفهم "حلب ومص "المواطن والوطن!!! آسفون لأن أحزابنا ما زالت تنفق الأموال على مسيرات الاحتجاج والنصر، وأعراس البطولة!!!

آسفون يا أم أحمد ومحمد عطية عزام ...لقد قتلنا ولدك ..وأحلامك ..ولكن أطمئني سنأتيك لنغسل عارنا، ونتصور بجانبك، وفي زوايا بيتك المتهالك، تضامنا معك، وسسننشر صور الزيارات على الصفحات الرسمية والشعبية والخاصة، لطيب الذكر "الفيسبوك "، وربما على "التويتر"أيضاً

..الأخوة : الوزراء، المحافظين، أعضاء المجلس التشريعي، رؤساء البلديات، قادة الأحزاب والحركات الثورية والسلمية، رؤساء الجامعات، أئمة المساجد، الفقهاء والعلماء، زعماء العمل الطلابي والنقابي، مناضلات الحركة النسائية المخملية والناعمة

...أدعوكم جميعا لمرافقة العبد الفقير، كاتب هذه السطور، إلى بلدة عتيل، والصعود معا إلى خزان المياه الأعلى فيها، والقفز من سطحه الغالي ..تضامنا مع الفقيد محمد عطية عزام ...وآسف ان أخبرتكم أن لا أحد سيتضرر من غيابنا الطوعي، لأننا عالة على الوطن الذي يدعى فلسطين

..وشكراً

التدوينات المنشورة تعبر عن رأي كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي زمن برس.