حلم الوحدة العربية

كل تجمع بشري على وجه الارض يبحث عن عوامل مشتركه مع الاخر لكي ينجذب اليه ويحقق الاندماج الذي يرى فيه قوته  ،وتأتي الامه العربية في مقدمة الامم  التي تجمعها  روابط فيما بينها  تساعدها على الانصهار في بوتقة واحدة ، لتشكل دعامة اساسية  نحو وحدة عربية متكاملة تقودها الى التقدم على المستوى العالمي، بالرغم من وجود عوامل الحضارة والتاريخ والدين واللغة  والقضية المشتركة الا ان الامة العربية تعتبر من الامم التي ترضخ في قاع الحضارة العالمية لتفككها وتشرذمها في دويلات اصطنعت من قبل الاستعمار وقدست من قبل انظمتها ، وتحطمت عندها  آمال الوحده العربية .

الشعب العربي مازال يحلم بقيام وحدة عربية تسمو به في سلم الحضارة العالمية  والنمو الاقتصادي ، الا ان ذلك الشعب الذي يحلم  يعمل عكس مايحلم به  ، فالنظرة الضيقة لصالح القطر هي المسيطرة على تفكيره، وعليه أصبح الشعب العربي يهرول مسرعاً نحو الانقسامات وما اكثرها  فقد تقود مباراة بين منتخبين عربيين الى قطيعة وانقسام جديد لا يشفى منه وقد يقود برنامج غنائي الى انقسام الشارع العربي حول مشتركيه وقد ينقسم آخرون حول رمز معين او شخصية معينة ، والغريب ان سفاسف الامور هذه باتت تؤرق الشارع الوحدوي الذي يراها ثقافة جديدة على المجتمع العربي ،وبعد ان كانت الطائفية اولى حلقات الانقسام تبعها انقسامات عديدة حتى داخل القطر الواحد فاختلف الجنوب مع الشمال في البلد الواحد واختلفت الحركات السياسية والتي من المفترض ان يكون احد الركائز التي يعتمد عليها النظام السياسي في الدولة  الواحدة حتى ان البلد الواحد بات يحتاج الى من يوحده .

لدينا الكثير ما يمكن ان نجتمع عليه ولكن اجتمعنا لنختلف

اوروبا  بحثت في كل ما يؤدي الى وحدتها وكانت البداية الذي اجتمعت حولها عدد من الدول الاوروبية هي "الجمعية الاوروبية للفحم والصلب "،لقد وجدت ضالتها فيها لأن الشرط الاساسي الموحد لها غير موجود فهي تعتبر مجموعة من اللغات والثقافات الأوروبية المتباينة ،لكن الرغبة وما رافقها من السعي الجاد والمشترك ، ظهر بداية في الجمعية تبعا لتطورات اخذت بالاتحاد نحو قوة اقتصادية وسياسية عالمية ، كانت هذه هي اللبنة الاولى نحو الاتحاد ، بعد ما انهكتها  الحربين العالمية الاولى والثانية ووجدو ان لا سبيل في التخلص من نتائج حروبها سوى الاتحاد والمضي قدما ببنائها من جديد.

و الولايات المتحدة الامريكية والتي تعدت مفهوم الولايات إلى الأمة الأمريكية بالرغم من تعدد الثقافات وتعدد الاعراق المهاجرين اليها  ، ما كانت تصل الى ماكانت عليه الان الا بتطبيق مفهوم الامة الواحدة وانصهار المواطنين  والولايات في الدولة الفدرالية  ،هاتين التجربتين ما هما الا خير دليل على أن جني ثمار الوحدة ناتج من تحقيق ارادة الشعوب في التكاتف الذي كلل باتحاديهما .

ما يمكن ان يكون الخطوة الأولى  في الاتجاه الصحيح  بقيت خطوة اولى ما زالت ثابتة مكانها ، إنشاء الجامعة العربية والتي من المفترض أن تعمل بعمل ما وجدت من أجله وهي جمع الانظمة والشعوب تحت مظلتها ، كانت هي الأخرى من أسباب الفرقة العربية ، فكثيرا ما اختلفت الدول العربية داخل قبة الجامعة العربية واستمرت بخلافها ولم تحرك الجامعه ساكناً تجاه الخلافات بل ان لم تكن عاملا مساعدا فيها.

برأيي العقل العربي بات بحاجة الى اعادة توجيه نحو مفهوم الوحدة قبل ان يتوغل في النفق المظلم الذي يتجه اليه ، يحتاج الى نبذ الخلافات والانقسامات التي لا تعد ولاتحصى والتعالي عليها لتحقيق اولى  خطوات الوحدة ، و تحرير عقله من النظرة الفئوية الضيقة الى نظرة اوسع تحمل الهم العربي وتحقير سفاسف الامور والإرتكاز نحو قضية عمق الامة العربية وعصبها النابض "القضية الفلسطينية" .

التدوينات المنشورة تعبر عن رأي كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي زمن برس.