في خانيونس..سُفر الإفطار على يدِ شاب تفوق على النّساء

شاب تفوق على النساء

عز الدين أبو عيشة

(خاص) زمن برس، فلسطين: نزلت الشّمس إلى الثّلث الأخير من السّماء وأصبحت السّاعة الخامسة مساءً، فحان إعداد طعام الإفطار لمن صام التسعة الأوائل من ذي الحجة اقتداءً برسول الله صلَّ الله عليه وسلم، ففي وسط الشّارع الرئيسي من بلدة عبسان الكبيرة جنوب شرقي مدينة خان يونس تظهر أروع صور التّكافل الاجتماعي.

يُعِد الشّاب علاء مصباح (28 عامًا)، مستلزمات الطّعام ليحضّر لجموع السّكان الإفطار بيديه في رسالة واضحة لتحدي ظروف الحرب الأخيرة وما لحق ببلدتهم من دمار شامل للمنازل والمحلات التّجارية في ظل تردٍ واضح للأوضاع الاقتصادية فيعيشون هنا وكأنّهم أسرة واحدة يأكلون من نفس الطّبق الذي أُعدَّ خصيصًا لهم.

يجتمع كل سكان البلدة ليقدموا المساعدة له إلا أنّ علاء يرفض ذلك، ويُصرُ على اعداد الوجبة بنفسه طلبًا من الله برحمة عائلته التي فقدت في العدوان الأخير على غزة، ثم سكب مصباح كمية السّميد والطّحين في الوعاء وبدأ بتحريك يديه بسرعةٍ ورفق من أجل صنع وجبة المفتول الأكثر شعبية بين النّاس.

وقال علاء في حديثه مع زمن برس وكله حماس للعمل: "كنت أنتظر أفضل أيام لعمل الخير لأقدم ذلك فداء عن أطفالي الشهداء، فاجتمعت أنا وأهالي البلدة واقترحت عليهم الموضوع، الموافقة التي ظهرت بابتسامتهم جعلتني أكثر حماساً لذلك".

وأوضح علاء أنّ هواية الطّبخ ولدت معه وبدأت تكبر فيه إلى أن وصلت إلى حلم النّجُومية في تمثيل فلسطين والمشاركة بمسابقات دولية.

وحول طهيه في مطاعم عاملة بغزة، أكّد تلقيه العديد من العروض لكنه يطمح إلى أكبر من ذلك، بحكم سابق خبرته في هذا المجال، وأنّ العديد من الزبائن تطلب منه إعداد وجبات لهم.

وتابع ويديه ونظره يراقبان الأواني على النّار "لقد درست تصميم الأزياء وباشرت بعدها بالطبخ للأصدقاء والفضل يعود لوادتي التي زرعت فيّ حب العمل والمساعدة".

وفي رده على أنواع الأكلات التي يتقن طهيها، إسترسل: "أستطيع طبخ كل أنواع الطعام بما فيها الغربية، واتميز في السماقية والمفتول والأرز وأعمل الدجاج بعدة طرق".

من جهتها والدته الخمسنية أم أحمد نوّهت إلى أنّ علاء يقوم باعداد معظم وجبات الطعام، ويحب عمله ويمارسه بشغف، مضيفةً أنّها لا تفرق الطّعم بين طبخهما، حتى أنه في بعض الاحيان يتفوق عليها ببعض الوجبات.

اقتربت مستلزمات المفتول من الجهوزية وحضر علاء الأطباق كما بدأ النّاس بالوفود إلى المكان ليأخذ كلٌ منهم حصته، ويظهرون اروع صور التحابب والتّأخي.

من جانبه، المواطن الخمسيني أبو محمد أشاد بطبخ علاء وفكرته التي وصفها بالعظيمة لأنها أحد طرق التّأخي التي تظهر الوجه الأصيل لمجتمعنا.

المشهد الأخير لحظة آذان المغرب والنّاس تفطر على وجبات من إعداد هذا الشّاب يُرى وكأنهم خلية نحل اجتمعت على زهرة عطرها فواح.

ومن الجدير ذكره أنّ العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة خلف دماراً كبيراً في عبسان الكبيرة ومبانيها وبنيتها التحتية.

حرره: 
م.م