سناء كمال
(خاص) زمن برس، فلسطين: ضمن سلسلة التقارير الميدانية عن العملاء، تكشف زمن برس في هذا التقرير قصة عميلين من جنوب قطاع غزة ، تم إعدامهما في العدوان الأخير على قطاع غزة "الجرف الصامد" وهما الأب (م. ق) يبلغ من العمر (57 عاماً) وابنه (30 عاما) لكنهما صنفا من ضمن قائمة الشهداء.
وكانت فصائل المقاومة قد أجمعت على تغيير استراتيجيتها في التعامل مع العملاء في هذه الحرب، وإعدام من يستحق ذلك ولكن دون الإعلان عن اسمائهم، حفاظا على عائلاتهم التي ربما يكون ضمنها من هم من المقاومين.
وتقول أم محمد ابنة المسن وشقيقة الشاب بعد عدة محاولات لإقناعها للتحدث لزمن برس:" في البداية عندما تركنا منطقة خزاعة وهربنا إلى المدارس، لم تنقطع أخبار أبي وأخي، وكنا نستغرب من تواجدهما في المنطقة على الرغم من هرب الجميع، وكانا يخبراننا أنهما بخير وألا نقلق عليهما، إلى أن سمعنا بخبر استشهادهما، وهو ما أحزننا كثيرا عليهما".
أيام فقط هي التي كانت تفصل بين صحة نبأ الاستشهاد وبين اجتماع عائلي مغلق كان أحد المقربين من العائلة قد نظمه كي يخبرهم بأمر يتعلق بهم ولا يجوز لأحد معرفته ولكن من باب الأمانة فقط، كما تقول أم محمد لزمن برس، عقد الاجتماع في بيت العائلة، وحضره كافة الأبناء والبنات وغٌيبت الأم المسنة خوفاً من ردة فعلها التي قد تؤثر على صحتها سلبا.
وتضيف أم محمد لزمن برس:" جحظت عيوننا نراقب بعضنا البعض، كنا نشعر أن أمرا مريبا سنسمعه"، لكنهم لم يتوقعوا أن تكون صاعقة كبيرة ستضرب أسماعهم حين يخبرهم الرجل:" صعب علينا أن نخبركم ذلك لكن الأمانة وحق الشهداء تحتم علينا ذلك، للأسف لقد تم إعدام والدكم وشقيقكم لأنهما عميلان مع الاحتلال وحكم عليهما بالإعدام في الميدان".
ضجت الغرفة بصراخ الأبناء وبكاء البنات، غير مصدقين ما سمعوه "لكنها الحقيقة يا إخوان وتأكدوا أن الأمر سري ولن يتم التداول فيه، وسيبقىان ضمن قائمة الشهداء، ولكن الواجب يحتم علينا أن نخبر عائلات العملاء بالحقيقة"، يستطرد الرجل بكلامه للعائلة.
تساؤلات كثيرة دارت في أذهان الحاضرين، كيف ومتى وأين وما السبب الذي أجبر الأب وابنه على التعاون مع الاحتلال أجابهم عليها الرجل ببراهين ودلائل لا تدعو للشك كما تقول أم محمد لزمن برس.
وتسرد لزمن برس ما جرى:" أبي وقع في وحل العمالة منذ أكثر من 30 عاما، حين كان يعمل داخل الخط الأخضر، وكانوا يستغلونه في جمع المعلومات عن الفدائيين في ذلك الوقت وتحديد أماكن تواجدهم ونجح في ذلك كما أخبر آسريه قبل إعدامه واستمر تعاونه حتى آخر فترة من حياته، خاصة وأنه حين هددهم بإنهاء تعامله معهم اكتشف بأن أخي الأوسط هو أيضا عميل وهددوه بفضحهما معا، وهو ما أجبره على الاستمرار في العمالة، وفق ما أخبرنا به المصدر".
وتابعت" أما أخي فقد ارتبط بالعمالة منذ 3 سنوات، حين رافق أمي للعلاج في المستشفيات الإسرائيلية، وقامت الاستخبارات الإسرائيلية بمساومته على العمل معهم أو قتل أمي، كاشفين له عمالة أبي معهم، مما أجبره على التعاون معهم مقابل إنقاذ أمي وعدم فضح أبي".
وتستطرد وهي تحاول تمالك نفسها:" أخي راح ضحية ضعفه وخوفه، وأبي قتل عميلٌ وهو مسن، استمر أخي بالتعاون معهم وتسبب بمقتل العديد من المقاومين كانت آخرها كشف كمين لرجالات المقاومة بخزاعة مما أدى إلى استشهاد الخلية كلها، والقبض عليه والتحقيق معه ومن ثم إعدامه مع والدي الذي كشف في ذات المنطقة لذات الهدف".
كل هذه الأسباب جعلت أم محمد وعائلتها تستوعب عملية إعدام والدها وشقيقها على الرغم من القهر الذي يشعرون به كعائلة لكنها راحت تقول:" كل واحد منا معرض أن يكون عميلا، والظروف الصعبة التي يعيشها الغزيون تساعد على ذلك، ونتمنى ان يتم معالجة قضية العملاء من جذورها، وعدم تنفيذ الإعدام مباشرة، لأنه ربما تكون ظروف أجبرتهم ويحاولون التوبة".