محمود عباس لم يعد يخشى أحداً وقد أوشك على الـ80
بقلم: ناحوم برنياع
في نيسان القادم سيبلغ محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية، 80 عاما، العمر يؤثر عليه، ولكن ليس بالمعنى المتوقع، بدلاً من أن يستنزفه يعطيه شعورا بالحرية لم يكن موجودا في الماضي. في حالته فقد وصل لبطولات، إن من يتابعونه في اسرائيل توصلوا الى استنتاج أنه كف عن الخوف – ليس من الشارع الفلسطيني، ليس من حماس، ليس من الحكم الامريكي، ليس من اسرائيل، لا يريد الارضاء كما في الماضي. مثل فرانك سناترا في أغنية «هو يذهب في طريقه».
بعد خطف الفتيان الثلاثة في غوش عصيون استنكر العملية علنا، وتوعد بأن السلطة ستقبض على الخاطفين، ونفذ هذا الوعد. خلال الحرب في غزة تحدث ضد حماس وتفاخر بالتعاون الامني بين السلطة الفلسطينية واسرائيل، اجهزة الامن الفلسطينية كبحت المظاهرات لمؤيدي حماس في الضفة، وقام بتقبيل خالد مشعل في قطر، ولكن بروتوكول المكالمة يُظهر أنه وبخ خالد مشعل، اليوم أيضاً وبعد اتفاق وقف اطلاق النار يرفض نقل اموال لأكثر من 40 ألف من موظفي حكومة حماس في غزة. وهو مصمم على فحص أهليتهم، كل عامل لوحده. ويقول عباس: «في غزة يوجد 70 ألف موظف سلطة وأنا أستمر بالدعم وبدفع رواتبهم، فليوظفوهم بدلاً من رجال حماس».
عندما سمع أبو مازن أن عدوه، سلام فياض رئيس الحكومة السابق، قد تسلم 10 ملايين دولار من الامارات، وهو يوزعها على الناس ليؤيدوه سياسيا، بما في ذلك اشخاص من فتح، فقد أرسل الشرطة الاقتصادية. وهو يطلب لنفسه التفرد بالاموال السياسية. مصابين من غزة الذين نقلوا خلال العملية للعلاج في الضفة حصلوا على مغلفات مالية من عدوه الأكثر مرارة/ محمود دحلان.
زوجة دحلان تقف على رأس صندوق صدقات كبير، ومصادرها في الامارات. دحلان يعرف أنه اذا وصل الى الضفة فسيتم اعتقاله.
الحرية التي تبناها عباس لنفسه لا تتوقف عند حماس أو أعدائه السياسيين، فهو ينوي وضع اقتراح قرار على طاولة مجلس الامن لتجديد المفاوضات مع اسرائيل.
القرار سيستند على الوعود التي أعطاها له وزير الخارجية كيري خلال جولاته: مفاوضات لفترة تسعة أشهر، تجميد البناء في المستوطنات خلال المحادثات وإطلاق سراح أسرى. بدلاً من الذهاب الى المفاوضات من السهل الى الصعب، كما تريد اسرائيل، من الصعب الى السهل: لنبدأ بالخرائط. سيُطلب من حكومة اسرائيل خريطة تستند على حدود 1967 مع تبادل أراض.
هو يعرف أن حكومة اسرائيل لن تستجيب، ولكن في هذه المرحلة من حياته لا يهمه كثيراً رأي الحكومة. وهو يعرف أن الخربشات اللانهائية بين صائب عريقات واسحق مولخو، محامي نتنياهو، لن تؤدي الى أي مكان.
عيناه تنظران نحو الحكومة الامريكية، هل يأمر أوباما مندوبيه باستخدام الفيتو؟ من جهة ثانية التوجه الى مجلس الامن ليس مقبولاً على الأمريكيين. الفيتو مطلوب وبالذات الآن عشية الانتخابات للكونغرس. من جهة ثانية في البيت الابيض غاضبون جداً على حكومة اسرائيل ويبحثون عن طريقة ليعلمونها درساً. خلال الحرب على غزة تحدث صحافي أمريكي مع أحد الشخصيات البارزة في البيت الابيض، شخص يعرف بنية العلاقات عن قرب، عاد الصحافي وسأل ماذا ستعمل حكومة اسرائيل، فأجابه بكلمة من الشتيمة.
أبو مازن يأمل أن تمتنع الولايات المتحدة هذه المرة. والامتناع يفتح أمامه آفاقاً جديدة في الساحة الدولية. اذا استخدمت أمريكا الفيتو سيتوجه الى الهيئة العامة ومحكمة الجنايات الدولية في لاهاي. المسار (أ) عن طريق واشنطن، أو المسار (ب) بدونها، والاثنان يؤديان الى نفس الهدف – وضع عقوبات دولية على اسرائيل. الاسرائيليون الذين تعودوا على أبو مازن كشريك، يجب أن يتعودوا على أنه عدو أيضاً، عدو ليس سهلاً.
من أجل وضع العلاج مسبقاً أعلن نتنياهو هذا الاسبوع أنه لن يوافق بعد الآن على اطلاق سراح أسرى. هذه الرسالة هدفها الأذن الامريكية، حكومة اسرائيل ليست بلعبة، وليس لديها نية أن تذهب الى المفاوضات مع أبو مازن. الحديث عن أفق سياسي جديد كان مجرد كلام منمق، أشعار هندية. العملية انتهت واسرائيل عادت الى مواقفها عشية العملية، هي مع سلطة حماس في غزة بشرط أن تكون ضعيفة ومخنوقة، هي مع سلطة فتح في الضفة بشرط أن تكون ضعيفة ومتعاونة، تلك المفاهيم التي استدرجت اسرائيل الى المواجهة في غزة ستستدرجها الى المواجهة القادمة في الجولان، في الضفة، في لبنان أو في غزة، وحاليا يبدو أن اسرائيل تفقد مكانتها في العالم.
يديعوت أحرونوت