زمن برس، فلسطين: حصلت الباحثة الفلسطينية كوثر أحمد عبد الرحمن محمد على درجة الدكتوراة مع التوصية بطبع الرسالة ونشرها وتبادلها مع الجامعات المصرية والعربية، يوم أمس الخميس الموافق 14\8\2014، في بحثها المعنون ب" أثر العلاقات العربية -العربية على القضية الفلسطينية "بين نهوض المقاومة وفتح الآفاق للعملية السلمية 1967-1982"، وذلك من كلية الآداب جامعة الاسكندرية، المسجلة بقسم التاريخ والآثار المصرية-شعبة التاريخ الحديث.
وقد حصلت الباحثة على الدرجة -وهي من قرية عبوين شمال مدينة رام الله- بعد المناقشة العلنية لموضوعها بحضور القنصل الفلسطيني في مدينة الإسكندرية الاستاذ محمود الأسدي، والمحلق الثقافي الأستاذ محمد حماد في القنصلية، وكانت لجنة النقاش المكونة من الاستاذ الدكتور فاروق عثمان أباظة مشرفا، والدكتور أحمد عبد العزيز علي عيسى عضواً، والدكتور عمر عبد العزيز عمر عضواً.
ورأت اللجنة أن الطالبة وفقت في إختيار موضوع هام وجديد في تاريخ العرب الحديث والمعاصر، وفي تاريخ القضية الفلسطينية التي تمثل قضية العرب جميعاً، كما أنها أستوفت الجوانب العلمية للرسالة، ملتزمة بمنهج البحث التاريخي، عرضاً، وتحليلاً، ونقداً، وتوثيقاً، واستخلاصاً للنتائج، واستندت إلى المصادر والوثائق والمراجع الهامة والمتنوعة، والرسائل الجامعية والدوريات العربية والأجنبية، وكتبت رسالتها بلغة عربية صحيحة وأسلوب سليم ساعد على وضوح الأفكار وتسلسلها، كما أجابت الطالبة على تساؤلات اللجنة بما يوضح تفهمها لأبعاد موضوع رسالتها التي تشكل في مجموعها إضافة علمية للدراسات التاريخية في تخصص التاريخ الحديث والمعاصر".
وفيما يلي توضيح لأهمية الدراسة وأبرز ما جاء فيها
تنبعُ أهميةُ هذهِ الدراسةِ بسببِ تركيزها على تأثيرِ علاقاتِ دولِ الطوقِ العربيِّ على القضيةِ الفلسطينيةِ في مرحلةٍ مهمةٍ ومفصليةٍ في التاريخِ العربيِّ الحديثِ من عامِ 1967-1982، وتنبعُ أهميّةُ المرحلةِ بسببِ كونِ بدايتها (1967) بدايةَ انطلاقِ المقاومةِ واشتداداً لقوتِها واستقلالِها عن الأنظمةِ العربيةِ، ونهايتِها بدايةً لانتهاءِ الأعمالِ الفدائيةِ (المقاومةِ العسكريةِ) ضدَّ إسرائيلَ انطلاقاً من أراضي دولِ الطوقِ بعدَ خروجِ المقاومةِ من لبنانَ عام 1982، حيثُ قامت هذهِ الدراسةُ بتسليطِ الضوءِ على التطورِ الذي لحقَ بالقضيةِ الفلسطينيةِ ايجاباً وسلباً في هذهِ الفترةِ، من خلالِ تفنيدِ طبيعةِ العلاقاتِ الرسميةِ لأنظمةِ الطوقِ العربيِّ وأثرِ كلِّ ذلكَ على القضيةِ الفلسطينيةِ بدءاً من نتائجِ حربِ يونيو 1967، وإشتدادِ قوةِ المقاومةِ الفلسطينيةِ واستقلالِ قرارِهَا واصطدامِهَا ببعضِ الأنظمةِ العربيةِ مثلَ الأردنِ ولبنانَ، والتي كانت سبباً محورياً لتراجعِ وانحسارِ الأعمالِ العسكريةِ المسلحةِ ضدَ إسرائيلَ انطلاقاً منَ الأراضي العربيةِ (دولِ الطوقِ).
وقد ركزتْ هذهِ الدراسةُ على بعضِ المحطاتِ العربيةِ المشرقةِ والفريدةِ في تاريخِ العلاقاتِ العربية عامةً والتي تمثلتْ في استخدامِ العربِ لسلاحِ النفطِ في صراعِهم معَ إسرائيل في حربِ اكتوبرَ 1973، وأثرَّ تردي وتفسخُ العلاقاتِ العربيةِ على اجهاضِ نتائجِ حربِ اكتوبرَ واستخدامهمُ سلاحَ النفطِ في هذهِ المعركةِ، الذي قادَ في النهايةِ إلى تمكنِّ الولاياتِ المتحدةِ الأمريكيةِ وإسرائيلَ من تفتيتِ الموقفِ العربيِّ بإخراجِ مصرَ من دائرةِ الصراعِ العربيِّ-الإسرائيليِّ، وإضعافِ الموقفِ العربيِّ برمتهِ والقضيةِ الفلسطينيةِ على وجهِ التحديد، وأثّرَ كلُ ذلكَ في اتجاهِ منظمةِ التحريرِ الفلسطينيةِ إلى البحثِ عن حلولٍ سلميةٍ للقضيةِ الفلسطينيةِ.
وفي هذهِ الدراسةِ أجابت الباحثة على التساؤل الرئيسي التالي وهو: ما مدى تأثُّرِ القضيةِ الفلسطينيةِ بالعلاقاتِ البينيةِ لدولِ الطوقِ العربيِّ ؟ ومدى تأثيرِ هذهِ القضيةِ على علاقات العرب بعضهم ببعضٍ ؟ في الفترةِ الممتدةِ بينَ العامِ 1967- 1982، وتتفرعت عن هذا السؤال عدد من الأسئلة موازية لعدد فصول هذه الدراسة وهي تمهيد وأربعة فصول وخاتمة غطت الفترة الزمنية من 1967-1982، وقد حددت الباحثة الإطار الزمني لدراستها معللة أسباب أختيارها لهذه الفترة على وجه التحديد بناءاً على الاعتبارات التالية:
إنَّ العامَ 1967 يعتبرُ عاماً مفصلياً بالنسبةِ للقضيةِ الفلسطينيةِ فقد استكملت اسرائيلُ احتلالَ ما تبقى من فلسطينَ، بعدَ احتلالِها لما يقاربُ ل 55% منهَا في العامِ 1948، هذا من جانبٍ، أمّا منَ الجانبِ الأخرِ فهزيمةُ 1967، كانت بدايةً مهمةً لاشتدادِ دورِ المقاومةِ الفلسطينيةِ وبروزِ وعيها الوطنيِّ، حيثُ تبنت الكفاحَ المسلّحَ شعاراً وحيداً لتحريرِ فلسطينَ.
بينما تمَّ تحديدُ العامِ 1982 كنهايةٍ زمنيةٍ لهذهِ الدراسةِ، على اعتبارِ أنَّ هذا العامَ شهدَ بدايةَ النهايةِ لدورِ الكفاحِ المسلّحِ طريقاً وحيداً لتحريرِ فلسطينَ، حيثُ اعتنقت منظمةُ التحريرِ الفلسطينيةِ لما يسمى بالمرحليةِ في النضالِ أو ما سمّتهُ المنظمةُ بالواقعيَّةِ السياسيَّةِ، لعددٍ كبيرٍ منَ الأسبابِ من ضمنها إغلاقُ كافَّةِ الحدودِ العربيةِ أمامَ المقاومةِ لتنفيذِ عملياتها العسكريةِ ضدَّ إسرائيل، وكذلكَ خروجُ مصرَ الحاضنةِ الأكبرَ للقضيةِ الفلسطينيةِ من معادلةِ الصراعِ العربيِّ_ الإسرائيليِّ، مما جعلَ المقاومةَ تشعرُ بفقدانِ المظلّةِ العربيةِ التي كانت تستندُ إليها، مما دفعها للبحثِ بقوةٍ عن حلولٍ سياسيةٍ للقضيةِ الفلسطينيةِ.
بينما حددت الإطار المكاني لدراستها بدول الطوق العربي وهي الدول العربية المحاذية لفلسطين المحتلة (مصرَ، سوريا، ولبنانُ، والأردنُ) وذلكَ لأنَّ هذهِ الدولَ شكلت مسرحَ عملِ المقاومةِ الفلسطينيةِ المسلحةِ من عامِ 1967-1982، منطلقةً عبرَ حدودها لمهاجمةِ إسرائيلَ هذا من جانب، ومن الجانب الآخر إنَّ الأحداثَ الداخليةَ التي شهدتها وشاركت بها المقاومةُ ومنظمةُ التحريرِ الفلسطينيةِ على أراضي هذهِ الدولِ، كان لها أبرزُ الأثرِ على القضيةِ الفلسطينيةِ برمتها، من أحداثِ أيلولَ الأسودَ والحربِ الأهليةِ اللبنانيةِ، وتوقيعِ اتفاقياتِ كامب ديفيد، ومن ثمَّ الانشقاقُ في صفوفِ المقاومةِ على الأراضي السوريةِ، وبتشجيعٍ من سوريا.
تهدفُ هذهِ الدراسةُ إلى التعرُّفِ على طبيعةِ العلاقاتِ السياسيةِ التي تربطُ دولَ الطوقِ العربيِّ(مصرَ، سوريا، الأردنُ، لبنان) ، ومدى تأثيرها على القضيةِ الفلسطينيةِ، من خلالِ عرضِ وتحليلِ أبرزِ مفاصلِ الصراعِ العربيِّ- الإسرائيليِّ في الفترةِ الممتدةِ من عامِ 1967- إلى 1982، والتي شكلتْ مرحلةً اشتدت فيها سطوةُ وقوةُ المقاومةِ الفلسطينيةِ ومنظمةِ التحريرِ الفلسطينيةِ، كما شكلتْ بدايةً لنهايةِ أعمالِ المقاومةِ الفلسطينيةِ العسكريةِ من خارجِ فلسطينَ بعدَ طردِها من الأردن ولبنان، ومنعِ عملِها من سوريا، واستقرارِ هياكلِها السياسيّةِ في تونسَ، كما تهدفُ هذهِ الدراسةِ إلى تحليلِ دورِ دولِ الطوقِ في وصولِ منظمةِ التحريرِ الفلسطينيةِ والمقاومةِ إلى البحثِ عن حلٍّ سلميٍّ للقضيةِ الفلسطينيةِ. وقد قسمتُ الباحثة هذهِ الدراسةَ إلى تمهيدٍ وأربعةِ فصولٍ وخاتمة على النحوِ التاليِّ:
أما التمهيدُ فشملَ عرضاً لتطورِ القضيةِ الفلسطينيةِ في الفترةِ ما بينَ ١٩٤٨_١٩٦٧، بحيثُ أبرزَت أهمَّ الأحداثِ العربيةِ التي أثرت وتأثرت بالقضيةِ الفلسطينيةِ. وفي الفصلِ الأولِّ: تناولَت فيه إنحسارَ المرحلةِ الناصريةِ وأثرُ ذلكَ على القضيةِ الفلسطينيةِ في الفترةِ (1967_1970)، وفي الفصلُ الثانيُ تطرقَت لتطورِ العلاقاتِ العربيةِ_العربيةِ وأثرُها على القضيةِ الفلسطينيةِ من ١٩٧٠_١٩٧٣، وفي الفصلُ الثالثُ: وقد استعرضت فيه نتائجِ حربِ اوكتوبرَ\تشرين ١٩٧٣، وآفاقِ الإستثمارِ العربيِّ، والإستثمارِ الغربيِّ ممثلاً بإسرائيلَ والولاياتِ المتحدةِ الأمريكيةِ في الفترةِ ما بينَ ١٩٧٣- ١٩٧٨، وأثرُ هذهِ الحربِ في إستقلالِ القرارِ الفلسطينيِّ عن الأنظمةِ العربيةِ، وفي الفصلُ الرابعُ والأخير: تتبعَت الباحثة بداياتِ العملِ السياسيِّ ومشاريعِ السلامِ في الفترةِ من ١٩٧٨_ ١٩٨٢، بحيثُ استعرضت مقدماتِ اتفاقياتِ كامب ديفيد، وكيفَ تمكنت الولاياتُ المتحدةُ الأمريكيةُ وإسرائيلَ من إخراجِ مصرَ من دائرةِ الصراعِ العربيِّ الإسرائيليِّ وأثرُ كلِّ ذلكَ على العلاقاتِ العربيةِ _العربيةِ والقضيةِ الفلسطينية، حيثُ إستثمرتِ القيادةُ الإسرائيليةُ الإنقسامَ العربيَّ وأستفردت بالمقاومةِ الفلسطينيةِ وأجبرتها على مغادرةِ لبنانَ، وقد انتهى هذا الفصلُ بدراسةِ آثارِ كلِّ ما سبقَ على القضيّةِ الفلسطينيةِ وبدايةِ جنوحِ قيادةِ منظمةِ التحريرِ الفلسطينيةِ نحوَ التعاطيِ معَ الحلولِ السلميّةِ.وأخيرًا الخاتمةُ التي اشتملت على أهمِّ النتائجِ التى تمَّ التوصلُ إليها من خلالِ الدراسةِ.