كرسي الرئيس بعد المفاوضات
بعد انقشاع غيمة مفاوضات التسعة شهور والتي تبين قبل دخولها الشهر الثامن بأنها "حملٌ كاذب" لا أكثر، بات على الشارع الفلسطيني تحديد شكل المرحلة المقبلة وكيف سيكون الوضع السياسي بعد الاثبات بالتجربة عقم المفاوضات.
في الفترة الأخيرة حدثت تطورات كثيرة على الساحة السياسية الفلسطينية، فالرئيس عباس انتقل من مرحلة التهديد والوعيد الى التنفيذ بتوقيعه على 15 وثيقة دولية كرد على عدم افراج الاحتلال عن الدفعة الرابعة من أسرى ما قبل أوسلو، ورسم بيبي نتنياهو "اسرائيل" على ورقة بيضاء بأنها حمامة تبحث عن السلام وأنها عملت وتعمل طوال الوقت للوصل إلى حل دائم، وأن أي خطوات أحادية استبقتها "اسرائيل" بخطوات أحادية أيضا، وخرج ليبرمان الذي لا يستطيع أن يلفظ حرفا واحدا من العبرية دون أن يلوج لسانه ليقول بأن السلطة الفلسطينية غير موجودة في الواقع بسبب وجود كيانين منفصلين يسيطر واحدا على الضفة والآخر على القطاع.
وفي الشأن الفلسطيني هناك من يصارع من أجل الحصول على منصب نائب الرئيس وهناك من يرسم في مخيلته بأنه سيكون في اليوم التالي لذهاب أبو مازن على كرسي المقاطعة، وهناك يسعى للوصول بحركته وأجندته السياسية إلى الكرسي، وهناك من يحاول أن يلمع نفسه لينصب نفسه حاكما في مدينة مزيفة.
لقد حان الوقت لنقول للباحثين عن الكراسي ولبعض الأنظمة العربية التي ترهق نفسها في رسم الخريطة السياسية الفلسطينية بعد أبو مازن بأن يستريحوا قليلا وأن لا يجهدوا أنفسهم فربما سيكون أبو مازن آخر من يجلس على كرسي المقاطعة، ولن يكون بعده أحد لأننا الآن في مرحلة مخاض لتحديد شكل ولون الخريطة السياسية الفلسطينية القادمة، فبعد عقدين من المفاوضات بات السؤال المطروح ماذا بعد المفاوضات؟ والمخول بالاجابة هو الشعب وليست الفصائل أو الأنظمة العربية.
سأذكرهم بأن الشعب هو الذي يحدد ويقول ما يريد وليست الفصائل، وسأذكرهم بأن الفصائل لم تحدد موعدا لانطلاق الانتفاضة الأولى ولا الثانية ولكن الشعب حدد والفصائل لحقت بالموجة، فالشعب الفلسطيني الآن في مرحلة امتصاص لضربات الاحتلال ولكن بالتأكيد بأن مرحلة الامتصاص في طريقها للنفاذ.
وعن تساؤلات المرحلة المقبلة ربما ستكون كحالها الآن وربما ستحل السلطة وربما ستكون مرحلة عصيان مدني وربما ستكون انتفاضة مسلحة أو انتفاضة الأمم المتحدة أو العودة الى فترة ما قبل أوسلو وربما وربما .. فبالتأكيد إنه لا أحد يستطيع أن يتوقع شكل المرحلة المقبلة ولكن من سيجيب هو الشعب فاستريحوا قليلا.