"مكالمة خطأ" تنتهي بالابتزاز والخوف من الفضيحة!

ابتزاز وفضيحة

سناء كمال

(خاص) زمن برس، فلسطين:  لم تتوقع "هبة" _ اسم مستعار، أن تكون مكالمة أجراها الشاب محمد (37 عاما) على هاتفها النقال بحجة "الرقم خطأ" بداية الطريق لعلاقة غرامية واتفاق على زواج في المستقبل القريب، بعد أن سارع في "سحب الناعم" معها في أول مكالمة له بتعبيره لها عن إعجابه بصوتها الذي يوحي بالأمان والثقةوالاحترام، الصفات التي قلت في "بنات اليوم" من وجهة نظره، هذه الكلمات كانت أرضية خصبة لهبة لمحاولة معرفة هوية الشخص الذي يتحدث معها من باب الفضول لا أكثر.

فضول تعدد مرات ومرات من قبل هبة التي اعتادت على سماع صوت ذلك الشاب الخفي، الذي تعرف على الكثير من صفاتها الشخصية وطريقة حياتها،فتكررت المكالمات بين الطرفين ووصلت حد  الاعتراف بالحب المتبادل بينهما، والتواعد على المقابلة في مكان عام للتعارف عن قرب، وهو ما حصل بالفعل خاصة وأنها تدرس في إحدى الجامعات في مدينة غزة، حيث التقيا في ساحة الكتيبة القريبة من الجامعة، اللقاء استمر طوال ساعات دوامها في الجامعة حيث ضيعت كافة محاضراتها.

وتقول هبة لزمن برس:" لم أشعر بالوقت كيف يمضي، فكل ما كان يشغل بالي أن أتعرف على شاب أغرم بي حد الجنون، وكانت هذه المرة الأولى التي أقابل فيها شابا"،منوهة إلى أنها كانت تخشى أن يكون يتلاعب بها في الفترة الماضية لكنها "تأكدت من صدق كلامه ومن صدق صورته الشخصية التي أرسلها لي عبرالواتس أب" كما تقول.

تكررت اللقاءات بين الطرفين إلى أن وصلت اللقاء في مكان بعيدا نوعا ما عن عيون الناس وهو ما كانت تخشاه فعلياً، وطلبت منه أن يكون هذا اللقاء  بعد أن يتقدم لأهلها ويتزوج بها، ومن هنا بدأت الأمور تتعقد بالنسبة لهبة كما تشرح لزمن برس، حيث أنه كان يماطل في مواعيده ويحاول استدراجها عبر المحادثات الطويلة لممارسة "الجنس الالكتروني" على أنه مقدمة للعلاقة الحميمية  الشرعية بينهما.

وتشرح هبة لزمن برس:" حاولت كثيرا أن أتفادى الحديث في هذا الجانب ولكنه كان يصر علي، وما أثار استغرابي قدرته على وصف جسدي بدقة عالية  وكأنه رآني مسبقا، وحين أسأله كيف له ان يعرف تفاصيل جسدي كان يخبرني أنه يراني في منامه ،ومن شدة وصفه اعتقدت أنه صادق فهو يحبني بشدة كما يقول لي".

لم تتوقف محاولات الشاب في إغراء محبوبته بالتعايش معه وفق ما يريد، إلى أن أتتها الصدمة من حيث لا تحتسب وتضيف:"في المرة الأخيرة التي تحدثنا بها أخبرني أنه بحاجة لي وأنه يعشقني ويتمنى أن يمارس معي الجنس الالكتروني ليتأكد من قدرتي على التعاطي معه في بيت الزوجية ولكني رفضت وبشدة مهددة إياه بقطع العلاقة"، مضيفة:" هنا جن جنونه وبدأ يطلق بحقي مسبات بذيئة ومشينة وأنه اكتشفني على حقيقتي بعدما وجد صورا خاصة لي على هاتف صديقه الذي اعترف له بعلاقة معي".

كانت الصدمة الأقوى على هبة حين أرسل لها صورة في فستان سهرة بالصالة في زفاف أخيها، شعرت بأن الدنيا تلف بها وتسارعت دقات قلبها لوهلة اعتقدت أنها ستموت على الفور،حاولت أن تبكي لم تتمكن أن تصرخ لم تتمكن أن تبرر له بأن أحد ما سرق صورها لم تتمكن أيضا، إلى أن دق جرس هاتفها،حيث ردت عليه بصوت يُتأتئ فكانت كلماته لها " يا إما بتقبلي نكون مع بعض هلقيت أو راح أفضحك وأنشر صورك في كل مكان ووقتها فضيحتك بتكون كبيرة".

كلمات وقعت عليها كالصاعقة،أقفلت الهاتف في وجهه، وشعرت برجفة في جسدها لم تتمكن أن تتمالك نفسها، وحبست نفسها في المنزل حيث انها تغيبت عن الجامعة لثلاثة أيام، طوال الوقت تنتظر أن يخبرها أحد ما أن صورها موجودة عنده أو أن تزورها إحدى صديقاتها تخبرها عن فضيحتها في الجامعة، فمرت عليها الأيام الثلاث كأنها ثلاثةدهور، خاصة وأنها تخشى أن تخبر أهلها المتزمتين.

وبالنسبة لهبة كان من الصعب عليها أن تذهب إلى الشرطة وتخبرهم، خاصة وأنها كانت تتعاطى مع الشاب وجرت محادثات غرامية بينهما فخافت أن يكشفها للشرطة، وباتت بين نارين، لأولى فضيحتها في حال نفذ تهديده اليومي لها، والثانية فضيحتها أمام أهلها والشرطة إذا ما توجهت إلى الشرطة هذا إن وصلت المركز حية إذا ما علم اخوتها.

وصلت هبة في النهاية إلى قرار وهو  إخبار صديقتها المقربة والتي يعمل والدها ضابطاً في حكومة حماس، طالبةً منها المساعدة على ألا تذهب إلى مركز الشرطة أو أن يعرف ذويها بهذه القصة خشية من الضرب أو القتل حتى، وهو ما تم كما أرادت فهي ذهبت لمرة واحدة مع صديقتها ووالدها لتقديم شكوى رسمية بحق المتهم لردعه عن ابتزازها.

ونصبت مباحث حماس كمينا للشاب بعد أن طلبت من الفتاة مجاراته ومطالبته باللقاء وجها لوجه في أحد متنزهات غزة، وهو ما تم بالفعل وما إن وصل الشاب إلى المكان حتى ألقت المباحث القبض عليه، وصادرت هاتفه وتوجهت إلى منزله ومصادرة جهازاللاب توب الخاص به، حيث وجدوا صور هبة، بالإضافة إلى صور فتيات أخريات يبدو أنهم كن ضحيته في السابق.

واعترف الشاب محمد خلال التحقيقات معه التي استمرت لثلاثة أيام،  أنه حصل على صور هبة من هاتفها النقال حين حضرت إلى محل الجوالات الذي يعمل به لعمل "سوفت وير" لهاتفها وهو ما دفعه لسرقة محتوى الذاكرة الخارجية لهاتفها النقال، كما تقول هبة.

الناطق باسم شرطة حماس أيمن البطنيجي أكد لمراسلة زمن برس أن "قضايا الابتراز" موجودة في المجتمع الغزي لكنها لا ترقى إلى مرحلة الظاهرة، لكن أشخاصاً مرضى نفسياً هم من يقومون بهذه الأفعال لعدة أسباب أهمها الفراغ الكبير بالدرجة الأولى، ومن ثم تصيد البعض من العاطلين عن العمل عن فرص تعتبر بالنسبة لهم ثمينة لابتزاز الشخصية المقابلة بالمال مقابل عدم الفضيحة، وحب الانتقام من علاقة قديمة قد تصل الأمور بها إلى هذا الحد.

وأوضح البطنيجي أن الشرطة تعمل كل ما بوسعها لردع هذه التصرفات التي لا تقبلها "لاعاداتنا، ولا تقاليدنا ولا ديننا"، من خلال اتخاذ الاجراءات القانونية بحق المتهمين، مشددا على أنهم يقومون بمصادرة الهواتف الخلوية فور القبض على المتهم وجهاز الحاسبوب الخاص به، ومسح كل ما يتعلق بضحية الابتزاز.

ونوه البطنيجي إلى أن جهاز الشرطة لديه طاقم مختص بالجرائم الالكتونية حيث أنهم يستطيعون التوصل إلى أي شخص يقوم بعمليات ابتزاز من خلال الIP وتتبعه، وقد تصل الأمور إلى دفع إحدى السيدات أو الفتيات اللاتي يعملن في جهاز الشرطة لعمل كمين للشخص المطلوب، وغالبا ما تنجح هذه الوسيلة في القبض عليه.

و شدد البطنيجي في الوقت ذاته على ضرورة استكمال الضحايا للاجراءات القانونية، وتقديم شكوى ضد المبتزين في النيابة العامة لاستصدار أمر حبس قد يصل إلى عام كامل نتيجة انتهاكه الحرمات، ومحاولته ابتزاز غير مشروعة بالنقود.

وطالب البطنيجي كافة من يتعرضون للابتزاز بضرورة التوجه إلى أقرب مركز شرطة للتبليغ حتى وإن كانوا وقعوا في منحدر الخطأ، مطمئنا الجميع وخاصة الفتيات اللاتي يقعن ضحية الابتزاز بسرية الاجراءات كافة بما يحميهن من مستنقع الخوف والفضيحة.

حرره: 
م.م