"السكافية".. تستعيد مجدها في غزة!
غزة: عادت أسواق مدينة غزة لتمتلئ بخطى النساء المصاحبات لأبنائهن اللاتي يرغبن بشراء ما يقدرن عليه من مستلزمات مدرسية لأبنائهن، خاصة مع اقتراب موعد الدوام الدراسي خلال الايام القليلة المقبلة مشهد يتكرر لمرتين على الأقل خلال أقل من أسبوعين، لكن الفرق بينهما أنه في الأولى كن يبتعن مستلزمات أطفالهن للعيد، أما الثانية فلإعادة إصلاح ما تلف من أحذيتهم، تمهيدا لهم لاستقبال العام الدراسي الجديد.
آخر سوق الزاوية – سوق شعبي قديم- يتجمع (السكافيون) مصلحي أو مجددي الأحذية القديمة، تصطف الأمهات وكذلك الحال بالنسبة لبعض الآباء ليعيدوا إصلاح أحذية أبنائهم التي يشتكي الكثير منهم أنه لم يمض أيام على شرائها لهم قبيل العيد، وآخرون لم يستطيعوا أن يشتروها أصلا، نظرا لانتشار نسبة الفقر بين أغلبية سكان القطاع. ذلك المشهد يعيد لمهنة " السكافية" مجدها في قطاع غزة الذي ينتشر بين العدد الأغلب الفقر المدقع، نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة، ربما يعيد لممتهني تلك الحرفة أيام ظنوا أنها انتهت وانقرضت مع تقدم الزمن .
" مصائب قوم عند قوم فوائد"، عبارة بدأ الحاج أبو إبراهيم حجاج (67 عاما) حديثه معنا بها وهو يرسم ابتسامة حركت تجاعيد وجهه التي كساها الزمن، حيث يشير إلى أن مهنته عادت ربما تصل حد مجدها كما كانت في الخمسينات حين بدأ العمل بهذه المهنة، مشيرا إلى أن العامل المشترك بتلك الحالتين الفقر والحاجة، وقلة العائد المادي منها".
أما أحمد مراد (27 عاما) الذي لم يكن ليعمل بها لو كانت ظروف الحياة أفضل مما هي عليه، يعتبرها موسمية، موضحا أنه تمر عليهم أيام متواصلة لا يعملون خلالها لإصلاح أي حذاء غير أنها تكثر أيام المدارس وأحيانا بعض العائلات تتجه إليها في مواسم العيد. أم محمد حسنية (43 عاما) تقف في طابور طويل لأكثر من ربع ساعة وربما تستغرق أكثر من نصف ساعة ليصلها الدور، تحمل في يدها كيس مليء بالأحذية المراد إصلاحها تحاول تهدئة طفلها الذي يتذمر بين الحين والآخر، لكنها تصبره بقولها إنه سيمتلك أكثر من واحد بعد تجديدهم، في محاولة منها لإغوائه وتهدئته.
وتقول أم محمد لزمن برس :" لم أستطع أن أشتري له سوى بعض المستلزمات أيام العيد والتي حاولت أن أستغلها للعيد والمدرسة معا، غير أنني لم أتمكن أن أشتري له حذاء أبدا، على الرغم من أنني اعتدت ابتياع الجديد لأطفالي مع بداية كل عام جديد، لكن مستلزمات الحياة الضرورية تجبرنا على اتباع البدائل ".
ولم تختلف أسباب غادة السمان (22 عاما) – طالبة جامعية – عن أم محمد حيث أنها تنوي تجديد حذائها الذي تستعمله لعام كامل ولم تتمكن من تغييره، في محاولة منها لتخفيف المصاريف الجامعية عن والدها الذي بالكاد يستطيع توفير الحد الأدنى من رسومها.
وتؤكد غادة لزمن برس أن الغزيين أعادتهم الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشونها لأعوام عديدة إلى حقب زمنية قديمة تقترب من وقت الفقر في زمن النكبة. وكان السبب الرئيسي باختيار البديل الأسهل هو تزامن أكثر من مناسبة والتي جميعها تحتاج للنقود من أجل تلبية احتياجاتها، بدأت بشهر رمضان المبارك المعروف بكثرة مصاريفه وعيد الفطر ومن ثم الدوام الدراسي .
_______
سناء كمال