‫#‏سلموا_المعبر‬.. فتح معبر رفح سياسي بامتياز

سناء كمال

(خاص) زمن برس، فلسطين:  لم تتوقع حكومة حماس المسيطرة على قطاع غزة أن تفتح السلطات المصرية معبر رفح بشكل فجائي دون إبلاغ داخليتهم، ولعل أصعب ما في الأمر هو معرفة حكومة غزة بالخبر من خلال وسائل الإعلام المصرية، فباتت رهينة التأكيد والنفي إلى أن كانت الوقائع على الأرض هي سيدة الموقف.

هذه الخطوة الفجائية في فتح المعبر أربكت دائرة هيئة المعابر والحدود في ظل الركود المسيطر عليها نتيجة التعود على إغلاق المعبر، لأسباب أمنية كما تدعي السلطات المصرية وحفاظا على الأمن المصري، وفي محاولة منها لتجاوز الأمر زاد الطين بلة، فبات الناقمون عليهم أكثر من الراضون.

ومما لا شك فيه أن "الفتح الفجائي" ما هو إلا ورقة سياسية تلعب بها الجمهورية المصرية ضد حركة حماس، خاصة بعد التفاهمات التي وصلت إليها المخابرات المصرية مع السلطة الفلسطينية في رام الله، بأن المعبر سيتم فتحه من خلال التنسيق مع "الشرعية الفلسطينية" وليس مع حركة الانقلاب على الخيار الفلسطيني، وفق ما يؤكده مصدر مصري في تصريح خاص لزمن برس.

وأوضح المصدر لزمن برس أن حماس تعي تماما أنها خسرت ورقتها السياسية مع مصر، بعد تدخلها في الشؤون المصرية ودعمها "للإخوان المسلمين" في مصر والتي هي جزء أصيل من هذه الجماعة "المحظورة" في مصر، على حد تعبيره، وأنها لن تحظى بأي فرصة سياسية جديدة مع مصر والقرار نهائي لا رجعة فيه.

وقال المصدر:" نحن نراعي تماما أن الضحايا هم المواطنون الأبرياء، وأن حماس تأخذهم رهينة لتعنتها السياسي وتمسكها بالحكم في غزة وسيطرتها اللا شرعية على المعابر، فهي لا يهمها سوى مصلحتها ومصلحة حزبها لا غير حتى ولو كان على حساب أرواح الناس ومعاناتهم".

وشدد على أن قرارا جمهوريا مصريا تم استصداره مؤخرا بأنه لن يتم السماح لدخول أي فلسطيني من غزة إلى الأراضي المصرية دون الحصول على تنسيق مصري، والتي سيتبعها لاحقا الحصول على "VISA" محددة الوقت والمدة التي يسمح من خلالها اجتياز المعبر المصري.

وأضاف:" الأمور كانت أسهل من ذلك بكثير في عهد حرس الرئاسة لما يتمتع به الجهاز من التزام أمني وأخلاقي تجاه الأراضي المصرية والمواطنون المصرية، أما في عهد حماس فالأمور زادت سوءا وكانت ذروتها في عهد الرئيس المخلوع محمد مرسي وتبنيهم التدريبات العسكرية لجماعات إرهابية".

الكاتب والمحلل السياسي هاني حبيب يرى بأنه لا غرابة في أن تفتح السلطات المصرية معبر رفح دون إبلاغ حماس بذلك، معللا ذلك بأن المبادرة إلى فتح المعبر ترتكز على الجانب الأمني للسلطات المصرية، وهو ما يتم كل ثلاثة أشهر حيث يفتح أياما معدودة بشكل جزئي.

واستبعد حبيب أن يُفتح المعبر بشكل نظامي حتى لو كانت حركة حماس هي المسيطرة على القطاع، لأن التنسيق لفتحه يكون بين دولة فلسطين والجمهورية المصرية وسيستمر التنسيق بين السلطة ومصر على هذا المنوال إلى حين حل الاشكالية بين كل من فتح وحماس حول المعبر.

وشكلت الأزمة الإنسانية التي يعاني منها أكثر من 25 ألفا من المواطنين المحتاجين للسفر دافع لدى عدد من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي إلى نشر هاشتاق #سلموا_المعبر في دعوة صريحة لحركة حماس لتسليم المعبر حتى يتمكن الناس من التحرك بحرية عبر المنفذ الوحيد لقطاع غزة للاتصال بالعالم الخارجي.

وحظيت المبادرة بإطلاق الهاشتاق بتفاعل واسع من قبل الفلسطينيين في قطاع غزة وحتى المغتربين الذين يحاولون الدخول إلى غزة، على الرغم من وجود معارضين لها على اعتبار أن حماس ليست العائق أمام فتحه بقدر ما هي السياسة.

وبالعودة إلى المصدر المصري فعقب على هذه المبادرة بأن:" حماس تعي تماما أنها في حال تنحت عن إدارة معبر رفح وسمحت لجهاز حرس الرئيس التابع للسلطة بالعودة إليه بأن المعبر سيفتح بشكل دائم ومنتظم بما يسهل على الغزيين الحركة والتنقل والسفر، وفق إجراءات أمنية قانونية"، لكنه استدرك بالقول:" لكن حماس تخشى على عناصرها من فتح المعبر بألا يسمح للمنوعين أمنيا بالسفر عبر المعبر، وبالتالي تتخذ الشعب رهينة معها".

أما المحلل حبيب فيعتقد بأن مبادرة #سلموا_المعبر ممتازة وفي الاتجاه الصحيح خاصة أنها تنم عن أن الرأي العام بات يرى أن فتح المعبر يُفرح المحاصرين بعد أن بات أداة من أدوات جمع الأموال لدى البعض في حكومة حماس، في ظل انتشار ظاهرة الرشاوى التي يتلقاها بعض العاملين في المعبر مقابل إدخال المواطنين إلى صالة المعبر للتمكن من السفر والتي تبدأ من 500$ وتصل إلى 3000$.

ويرى حبيب أنه أمام الرشاوى لن يتمكن الطلاب والمرضى_والذين يفتح المعبر لأجلهم_ من العبور والسفر عبر المنفذ الوحيد لقطاع غزة، نتيجة لعدم قدرتهم على دفع هذه المبالغ الكبيرة ولن يكون لهم نصيب في السفر.

ويعتقد حبيب أن الرأي العام بات يمسك في زمام الأمور، مشددا على أن التوجه إلى الشعب لا زال قائما حيث يمكنه التغيير حتى لو كان على نطاق ضيق خلال الايام المقبلة أو الأشهر المقبلة لحين حل الأزمة السياسية بين حماس والسلطة.

أما الكاتب والمحلل السياسي حسام الدجني فيرى أن لدى الحالة الفلسطينية مدرستين الأولى تطالب بـ#سلموا_المعبر، وهذا من شانه أن يسحب مبررات إغلاقه حسب مطالب إخواننا المصريين، لكن هذا الطرح له ما يؤكده وما ينفيه.

وأوضح الدجني لزمن برس أن ما يؤكد الطرح هو رغبة النظام المصري ورغبة الرئيس عباس، في إقصاء حماس عن جزء مهم من المؤسساتية الفلسطينية.، وتخفيف المعاناة عن كاهل السكان.

ولدى الدجني مبرراته التي تنفي هذه المبادرة وتتلخص في إدراك حماس أن ذلك هو خطوة في اتجاه تسليم حماس لكل شيء بدءا من الحكومة وصولا إلى المعابر وليس انتهاءً بعودة قياداتهم إلى المعتقلات، إضافة إلى صعوبة ادارة المعبر من قبل السلطة دون قوة ومؤسسات تعمل في قطاع غزة وهذا من الصعب تحقيقه في ظل الانقسام.

وأشار الدجني إلى مبرر آخر يكمن في أن البعض يرى بأن تسليم المعبر لن يقدم شيء سوى فتح المعبر لبضع اسابيع ثم استحداث أزمات أخرى تكون خطوة ومقدمة للضغط على حماس لتسليم كل شيء ، مشددا على أن أصحاب هذا الطرح يعتبرون بأن من هم على المعبر هم فلسطينيون وبمجرد تسليم المعبر فهو تزيد من حدة الانقسام وتعزز من فلسفة الاقصاء مقابل الشراكة.

وشدد الدجني على أن آلية إدارة المعبر هي مسألة فلسطينية_ فلسطينية يجب على فتح وحماس تسويتها وأن الجانب المصري شقيق لا يرفض التوافق بل يعمل على تعزيزه.

حرره: 
م . ع