"سوا" تطرح في مؤتمرها ظاهرة الإدمان على حبوب "الترامادول"

زمن برس، فلسطين: أوصى مجتمعون بأهمية تعاون كافة المؤسسات من أجل مكافحة ظاهرة المخدرات، والتركيز على أهمية التوعية المجتمعية بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الصحة وبخاصة في المناطق المهمشة، وأن يكون هناك عمل اجتماعي متكامل ويكون لكل جهة دور في مكافحة تلك الظاهرة، وعلاج المدمنين، وتفعيل اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات تشارك بها كل المؤسسات والوزارات، وايجاد خطة وطنية لمكافحة هذه الافة.

جاء ذلك خلال مؤتمر عقدته مؤسسة "سوا" بعنوان "الترامادول وخطر التحول من تسكين الألم إلى ألم الإدمان".

كما أوصوا بضرورة اعداد دراسة شاملة حول المخدرات، كون الـ "الترامادول" أكثر فئة تدمن عليها فئة الشباب، كذلك العمل على تفعيل برنامج "الصديق"؛ أي الشباب يتحدثون لبعضهم عن تجاربهم، وتشجيع بعضهم البعض للابتعاد عن تلك الظاهرة قدر الامكان والوقاية منها، من خلال عقد تدريبات لذلك لانهم الاقرب لبعضهم، واستخدام المقاربة الشاملة وخفض الطلب، وتدريب شباب للتحدث للشباب الاخرين والتنسيق مع وزارة التربية والتعليم للدخول الى كافة المدارس بهدف التوعية، وعمل توعية حول موضوع الادمان على المخدرات، تفعيل دور الإعلام في التوعية المجتمعية لمخاطر الترامادول.

وبما أن غزة تفتقر لمراكز تأهيل وعلاج مدمني "الترامادول"، اكد المجتمعون ضرورة التدخل من قبل كافة المؤسسات لإنقاذ أهالي القطاع من الغرق في آفة "الترامادول"، الذي بات متفشيا بنسبة عاليا فيها، وضرورة عقد مؤتمر استكمالي للمؤتمر المنعقد، وذلك في قطاع غزة.

وكانت مؤسسة "سوا" عقدت مؤتمرها الحادي عشر حول ظاهرة الإدمان على الحبوب المسكنة "الترامادول"، بعنوان: "الترامادول وخطر التحول من تسكين الألم إلى ألم الإدمان"، وذلك في جمعية الهلال الاحمر الفلسطيني، وتحت رعاية وزير الصحة د.جواد عواد، بحضور خبراء اقليمين ودوليين، وممثلين عن وزارة الشؤون الاجتماعية، وحدة مكافحة المخدرات ووحدة حماية الاسرة في الشرطة، ووزارة الصحة، وحشد غفير من ممثلي مؤسسات المجتمع المدني.

وقالت مديرة مؤسسة "سوا" أهيلة شومر في كلمتها: نظرا للانتشار الآخذ بالاتساع في استخدام المواد المخدرة بكافة أنواعها، فقد كان اختيار تسليط الضوء على الادمان على الحبوب المسكنة الترامادول، وما دفع المؤسسة للتطرق إلى الحديث عن هذا الموضوع الهام والخطير هو ورود مئات الاتصالات إلى خط حماية الطفل والمرأة 121 والذي تديره المؤسسة، حيث يطلب المتصلون مساعدتهم في التخلص من الإدمان على الترامادول.

وأشار المستشار القانوني لمؤسسة "سوا" المحامي جلال خضر الى أن موضوع مكافحة الادمان على الترامادول يحتاج إلى تشكيل لجنة وطنية، ويحتاج الى عمل متكامل من قبل عدد من الوزارات التي لها الشأن في ذلك، وبالتعاون مع وحدة مكافحة المخدرات، لهذا تم طرح هذه القضية في مؤتمرنا الحادي عشر، للاشارة الى مدى خطورة الادمان على الحبوب المهدئة الرتامادول، وطرح آليات تعاون مع كافة الجهات المختصة لمكافحة هذه الآفة، وعلاج مدمني الترامادول.

وأكد خضر أن إصدار الرئيس لقانون مكافحة المخدرات هي خطوة هامة جدا، تساعد الجهات الحكومية والرسمية القيام بدورها على أكمل وجه، ومكافحة هذه الظاهرة.

وأكد وكيل وزارة الصحة د.أسعد رملاوي في كلمته التي ألقاها بالنيابة عن وزير الصحة الفلسطيني د.جواد عواد، أهمية المؤتمر وفي طرحه لموضوع الإدمان كونه قضية هامة يجب تسليط الضوء عليه، ولا يقل أهمية عن الوضع السياسي، لأن الإحتلال سعى جاهداً لتسهيل نشر الإدمان بي الشباب خاصة.

وأضاف رملاوي: عندما نتحدث عن الإدمان نتحدث عن مشكلة سياسية واجتماعية وصحية واقتصادية، ولا تستطيع مؤسسة لوحدها الوقاية أو تضافر الجهود، لذا نأمل أن يخرج هذا المؤتمر بتوصيات وتتشارك كافة المؤسسات والوزارات وبالتعاون مع وزارة الصحة ووحدة مكافحة المخدرات، لواجهة هذه الآفة الخطيرة المنتشرة في مجتمعنا.

وتحدث الطبيب النفسي نبيل القط القادم من جمهورية مصر العربية، عن ظاهرة تعاطي الترامادول، وتاريخ وبداية الإدمان، حيث تعود للقرن الخامس عشر.

كما تطرق القط إلى الاستخدام الطبي للترامادول والاستخدام غير الطبي، حيث يكون الإستخدام الطبي له لعلاج الآلام المتوسطة إلى الشديدة مثل آلام العمود الفقري وآلام الأعصاب، وقد حددت منظمة الصحة العالمية استخدامه في آلام السرطان.

أما الاستخدام غير الطبي للترامادول والذي انتشر في أماكن كثيرة من العالم لاستخدامات أخرى غير طبية ومنها مصر وفلسطين وذلك من أجل زيادة القدرة الجنسية، إلا أن استخدامه لفترة طويلة يقلل من الرغبة الجنسية، وزيادة القدرة على العمل، وتحسين المزاج، حيث يستخدمه المراهقون والشباب بشكل عام لتحسين المزاج وزيادة التواصل الاجتماعي.

كما عرض القط المراحل التي يمر بها المدمن على الترامادول وهي، التعاطي التجريبي: ويشمل التجربة مرة واحدة أو عدة مرات، التعاطي الترويحي: ويحدث عادة في المناسبات والأفراح، التعاطي المتقطع: عدم ارتباطه بالمناسبات مع زيادة الكمية المتعاطاة، التعاطي المنتظم: ويعني التعاطي المتواصل يومي ولمدة طويلة تتعدي الشهر،التعاطي الخطر/الضار: وهو الاستمرار في التعاطي بالرغم من التأثير الضار على الصحة الجسدية أو النفسية أو الحياة الاجتماعية أو الوظيفية أو حدوث مشكلات قانونية ، وآخرها الاعتماد (الإدمان): وهو حالة نفسية عضوية.

كما تطرق القط إلى أعراض الإدمان وهي، لا مبالاة وهدوء، نعاس، اضطراب في الانتباه، ، تعطل الوظائف الشخصية، تثاقل الكلام، ضيق حدقة العين، انخفاض درجة الوعي، وفي الحالات الشديدة: هبوط التنفس، هبوط الضغط، انخفاض الحرارة، فقدان كامل للوعي، نوبات صرعية.

وذكر كما ورد في تقارير صحفية كثيرة لجوء أهل غزة إلى الترامادول لمقاومة الضغوط النفسية المرتبطة بالقصف والحصار، وربطت تلك التقارير وجود الأنفاق التي سهلت تدفق المخدر عبرها من سيناء وذلك رغم جهود الحكومة لمحاربة تلك الآفة، وأن هناك زيادة بنسبة 50% قد لوحظت في استهلاك الترامادول مع انتشاره بين أطفال في عمر 13 سنة حسب صحيفة التايمز (2015).

وتحدث مدير التسويق في شركة دار الشفاء لصناعة الأدوية زياد أبو الرب، عن التركيبة الكيماوية للترامادول واستخدامه كمسكن، وأكد أن هناك حاجة ماسة للترامادول كمسكن لعدة أنواع من الآلام الحادة والمزمنة، حيث أنه يشكل بديلا مناسبا للمرضى كبار السن والذين يعانون من الأمراض المزمنة و مشاكل المعدة، حيث أن الترمادول يعتبر حلا للمرضى الذين لديهم حساسية من تناول الادوية من مشتقات المورفين.

وأضاف أبو الرب: في حال استخدام ترمادول بالشكل الصحيح و حسب الحاجة العلاجية فان نسبة التعود تبقى منخفضة و مقبولة، أما اذا تم استخدامه بشكل مفرط تؤدي للإدمان، وحسب القانون الفلسطيني يخضع هذا الدواء لرقابة شديدة كونه مصنف من الأدوية التي تسبب ادمان.

وأكد أبو الرب أهمية مراقبة استخدام الترامادول مع عدم حرمان المرضى منه، وتشديد الرقابة على الادوية المسببة للإدمان وخاصة الإسرائيلية منها.

وأوضح المدير الطبي للمستشفى العربي لتخصصي، الدكتور أشرف سلامة، آلية عمل الدواء في الجسم، حيث يعمل الترامادول عن طريق محاكاة عمل مواد كيميائية طبيعية لتقليل الألم، كما يعمل على تعزيز نشاط النواقل العصبية في الدماغ و الحبل الشوكي، و هذا ما يساعد على تخفيف الألم.

كما تطرق إلى مراحل علاج الإدمان وهي المرحلة الأولى:سحب المادة المخدرة من جسم المدمن، ويفضل ان تتم في المستشفى(يمكن ان تكون في البيت) و ذلك بإعطاء المدمن ادوية تسحب المادة المخدرة و تستمر الى اسبوعين.

وأكد سلامة أنه اثناء العلاج، يتوجب على المتعاطي الاكثار من شرب الماء ليساعده على تطهير الجسم و التخلص من السموم، الاستيقاظ مبكرا و شرب فنجان من القهوة لتخفيف الصداع، اجراء فحوصات للكبد، تعاطي ملينات لان الترامادول يسبب الامساك .

وتحدث مدير العيادة الطبية التخصصية للصحة النفسية وعلاج الإدمان في غزة الدكتور إيهاب موسى عبر سكايب، قائلا إن مشكلة تعاطي المخدرات والإتجار تعتبر فيها من أهم المشكلات الكبرى التي تواجة المجتمع الفلسطيني وتجتاح مدن قطاع غزة، وتعتبر من أخطر المشاكل لما لها من آثار سلبية علي حياة الفرد والأسرة والمجتمع من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والصحية والأمنية .

وأضاف موسى: في المجتمع الغزي وخاصة بعد الإنقسام الذي لعب دورا مهما في ازدياد نسبة المخدرات، أي تذبذب الروح المعنوية الناتجة عن البطالة والحرمان والقهر أدت إلي إنهيار المنظومة الاقتصادية التي أدت إلى أسباب اجتماعية تفكك الأسرة وسلوك مضاد ونقص الإمكانيات هذه العوامل أدت إلي اضطرابات نفسية من توتر وقلق وخوف والاكتئاب والهروب من الواقع .

وأوضح موسى في دراسة قام بها المركز على 1000 حالة أن 20 حالة توفيت نتيجة المضاعفات الجانبية وخاصا السكتة الدماغية نتيجة الجرعة الزائدة أعمارهم بين 25-35 سنة.

وذكر الصحفي في وكالة أنسا الايطالية ميكيلي موني، الذي عمل على تقارير ومقابلات صحفية في غزة حول موضوع الترامادول، وحسب مقابلته للطبيب النفسي في برنامج غزة للصحة النفسية سامي عويضة، أن خلال عمله على مدار 17 عاما عمل مع حالات ادمان على المخدرات في قطاع غزة، وان النسبة الاكبر من المدمني هم يدمنون الترامادول، وعلل السبب الى ارتباطها بالوضع التي تعيشه قطاع غزة، كونها تعيش دائما حالة من التوتر النفسي، وأضاف ان هناك عدد كبير من تجار الترامادول في قطاع غزة، ويحققون نسبة مبيعات عالية للترامادول، حيث كثيرين تركو عملهم الاصلي وتوجهوا لتجارة الترامادول كونه يحقق دخل ممتاز لهم، وبحسب تاجري الترامادول الذين قابلهم فإن حبة الرتامادول كانت تباع بـ شيقل ونصف، اما الان فتباع بـ 15 شيقل.

وتم عرض تحقيق إستقصائي اعدته الصحفية لنا شاهين حول الادمان على المخدرات وبخاصة الترامادول بغزة، وتضمن مقابلات عدة مع مدمني ترامادول، وتاجري به، في غزة، وتخللت فقرات المؤتمر أيضا تقديم فقرة غناء راب عن الترامادول اداها الشاب شعراب.

حرره: 
د.ز