حل الدولتين لم يولد بعد!

توفيق الطيراوي

تشجيع قيادة فتح للإرهاب هو جزء من موقفها الرافض لحق الشعب اليهودي بدولة في وطنه
 

يوسي كوبرفاسر

هل «الانتفاضة الشعبية» بمميزاتها الحالية هي ما تريده قيادة فتح، وعدم الاكتفاء بالمظاهرات المحدودة؟ هذا السؤال تم توجيهه في برنامج تلفزيوني فلسطيني، لتوفيق الطيراوي، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح. وقد أجاب الطيراوي بالايجاب القاطع.

من كان ايضا رئيس الاستخبارات الفلسطينية العامة، أضاف أنه يفخر بالجيل الجديد ووعيه، وكمثال على ذلك ذكر ابنه الذي لم يبلغ بعد الثلاث سنوات وهو يغني عن الشهداء ويطلب من أبيه أن يعطيه بندقية من اجل القضاء على إسرائيل والصهيونية. حسب اقواله، بعد سنتين ستكون قد مرت مئة سنة على «وعد بلفور»، ومنذ ذلك الحين والفلسطينيون يقاومون من اجل تحرير ارضهم.

هذا هو السياق الذي يجب النظر من خلاله إلى موجة العمليات الحالية. وكما يقول الطيراوي فان الهدف المرجو لن يتحقق بعمل واحد، بل بـ «النضال المتواصل والمتراكم». فتح حسب اقواله لا تلغي، منذ المؤتمر السادس للحركة، أي طريقة للعمل، والآن لا توجد أهمية للمفاوضات، ليس فقط بسبب نتنياهو وحكومته بل لأن اليسار والوسط الإسرائيليين غير مستعدين لاعطاء أي شيء للفلسطينيين. لذلك هناك حاجة إلى معركة متواصلة من اجل فرض الموضوع الفلسطيني من جديد على الساحة الدولية والعربية، والتأثير على أي مفاوضات مستقبلية.
لهذا يجب الامتناع، حسب الطيراوي، عن العمليات العسكرية التي يستخدم فيها السلاح، كما تريد حماس، لأن هذا غير جيد دوليا، لكن مميزات النضال الحالية (ضمنيا بما في ذلك قتل إسرائيليين بواسطة السكاكين) تستجيب بشكل كامل للطموح الفلسطيني.
الطيراوي يحتج على العالم لأنه يتفهم إسرائيل التي تمارس الإرهاب، حسب رأيه، وتستخدم السلاح الحي وتقتل الفلسطينيين، في الوقت الذي يستخدم فيه الفلسطينيون الحجر والسكين ويتم اتهامهم بالإرهاب. الطيراوي لا يتوقع من الأمريكيين أي شيء لأنهم منحازون لإسرائيل ولديه اثبات قاطع على ذلك: «يستخدم جون كيري عبارة جبل الهيكل، الامر الذي يشير إلى قبوله الموقف الإسرائيلي» (كما هو معروف، الفلسطينيون يزعمون أن الهيكل اليهودي لم يكن هناك). هذه إذا مواقف القيادة الفلسطينية. حيث تحركهم الكراهية والاحباط بسبب السيطرة الإسرائيلية المتواصلة على المناطق، هذا الموقف ينفي وجود شعب يهودي وحقه في دولة قومية ديمقراطية في وطنه، والشعور بالضحية الذي يتغذى من القيادة القومية والدينية ـ يستمر الفلسطينيون في المعركة بالقتل دون تمييز رغم غياب الفائدة من ذلك. قيادتهم تشجع الإرهاب خشية من اندثار المسألة الفلسطينية وأن تصبح على الهامش وليست أساس الاستقرار في المنطقة من جهة، وازدياد الوعي أنه لا يوجد حل في المدى المنظور من جهة ثانية، لذلك لا حاجة لأن يقوم المجتمع الدولي بهدر الكثير من الاموال على هذا الامر.
الترتيب في الحرم الذي هو مهم بحد ذاته، والخطوات الأمنية وايضا مجالات معينة يتم من خلالها مراعاة الفلسطينيين ـ وفي المقابل تراجع الاهتمام في إسرائيل وفي العالم بظاهرة السكاكين التي فقدت عامل الصدمة الأولي ـ كل ذلك لم يدفع القيادة الفلسطينية إلى وقف ارسال ابناءهم للموت والاماتة. إن مشاهدة الانفعالات التي ترافق الجنازات الرسمية للإرهابيين تؤكد عمق هذه المشاعر.
إسرائيل مشغولة، اضافة إلى محاولاتها وقف الإرهاب، بعدد من الاسئلة التاريخية النهائية مثل «سنعيش على سيوفنا إلى الأبد» (طالما صمم الفلسطينيون على مطالبهم المبالغ فيها واستراتيجية الصراع المذكورة أعلاه). ما هي الصلة بين الفلسطينيين والكارثة؟ ماذا كان رابين سيفعل لو لم يُقتل؟ (كان سيكون بعيدا عن اخطاء بيرس واليسار، وكان سيكون متشككا تجاه الفلسطينيين خصوصا بعد أن تم خداعه في اتفاق اوسلو. وكان السلام بالنسبة له وسيلة لضمان وجود وأمن الدولة القومية للشعب اليهودي كما يمكن أن نفهم من خطابه الاخير في الكنيست)؛ هل استخدام مصطلح «الشعب الإسرائيلي» من قبل الفلسطينيين يعكس معارضتهم لاقامة دولة قومية للشعب اليهودي (بالطبع). محمود عباس نفسه أعلن مجددا أنه لن يعترف بإسرائيل على اعتبار أنها دولة يهودية. وفي هذا السياق يقدم عدد من المبررات والاسباب الحقيقية الثلاثة: الاعتراف سيلغي «حق العودة» ويلحق الضرر بقدرة عرب إسرائيل على الاهتمام بمصالح الفلسطينيين داخل البنية السياسية الإسرائيلية ويستوجب تغيير الرواية الفلسطينية. هذه هي بالضبط الاسباب التي تدفع إسرائيل للتصميم والقول إن اعتراف كهذا فقط والذي يرفضه الفلسطينيون، يمكنه أن يضمن السلام الحقيقي.
في خطابه في الكونغرس في أيار 2011 لم يطالب نتنياهو محمود عباس أن يصبح صهيونيا ويعترف بحق الشعب اليهودي في دولة في ارض آبائه. واكتفى بالاعتراف أن إسرائيل هي الدولة القومية للشعب اليهودي بدون صلة بموضوع الأحقية. فعليا، كما يعترف كثير من الصهاينة اليوم بحق الشعب الفلسطيني بدولة قومية في اطار الحل الدائم بشرط ألا تشكل تهديدا أمنيا على إسرائيل ـ هكذا يجب أن نطلب من الفلسطينيين، الاعتراف بحق الشعب اليهودي بدولة قومية (ديمقراطية) في ارض آبائنا.
فكرة الخروج من الضائقة من خلال الانفصال احادي الجانب التي تتحدث عنها جهات إسرائيلية مؤخرا، غير ممكنة في الظروف الحالية لأن الفلسطينيين لن يوافقوا على ذلك (انظروا إلى سابقة غزة). ايضا فكرة الدولة الواحدة غير منطقية وغير قابلة للتحقق. فكرة حل الدولتين للشعبين والاعتراف المتبادل هي الخيار الوحيد. هي لم تمت لكنها لم تولد بعد، حيث أن الفلسطينيين والاوروبيين الذين يؤيدونهم يرفضون السماح لها بالولادة.
هآرتس 

 

حرره: 
م.م