موت الجنرال

انطوان لحد

ترجمة: ماهر داود

توفي أنطوان لحد قائد جيش لبنان الجنوبي سابقاً في أحد مشافي باريس في العاشر من الشهر الجاري، وفيما يلي مقالة عن حياته ووفاته قمت بترجمتها عن الصحافة العبرية:

موت الجنرال

اعتبرته إسرائيل حليفاً، في حين اعتبرته لبنان خائناً، أمضى سنواته الأخيرة بجانب أسرته في باريس، بعد خمسة عشر سنة من جلائه عن لبنان.. وبعيداً عن قريته في جبال الشوف التي طلب أن يُدفن فيها مات قائد جيش لبنان الجنوبي سابقاً أنطوان لحد.

توفي أنطوان لحد في باريس عن عمر 88عام بسكتة قلبية، قرر أفراد عائلته الصلاة عليه في كنيسة في باريس ثم نقله إلى لبنان لدفنه بناءً على وصيته على الرغم من مكوثه عشر سنوات في تل أبيب. إلا أن قيادات حزب الله في لبنان هددت بحرق جثته في مطار بيروت فيما لو تم نقله إلى لبنان.

بدأت علاقات لحد السرية مع إسرائيل عام 1958م، في فترة ولاية الرئيس اللبناني كميل شمعون، وذلك حين نقلت إسرائيل شحنة أسلحة لدعم نظام شمعون حيث كان لحد مسؤولاً عن الشحنة، إسرائيل قدرت في حينها أن لحد المسيحي الماروني سيصبح رئيساً لأركان الجيش اللبناني ومن ثم رئيساً للبنان، إلا أن تورطه في شحنة السلاح السرية وقف عائقاً أمام تعيينه رئيساً للأركان.

وللتعويض عن خسارته اقترحت إسرائيل على لحد عام 1984 أن يصبح قائداً لجيش لبنان الجنوبي خلفاً لسابقه سعد حداد الذي مات بمرض السرطان. بقي لحد في منصبه 16 عاماً. في تشرين الثاني من العام 1988 حاولت اللبنانية سهى بشارة اغتيال أنطوان لحد في بيته ببلدة مرجعيون، أصابته بجروح خطيرة، نُقل على إثرها إلى مستشفى رمبام في مدينة حيفا لتلقي العلاج المتواصل في حين بقيت ذراعه اليمنى مصابةً بشلل تام. وفي أيار من العام 2000 صرح لصحيفة يديعوت أحرونوت بمرارة وخيبة أمل قائلاً: "إسرائيل نفذت الانسحاب من لبنان من وراء ظهري دون أن تبلغني بذلك".

في بيروت عام 2002حكمت محكمة عسكرية على لحد غيابياً بالسجن المؤبد مع الأشغال الشاقة، في حين منعت فرنسا دخوله أراضيها لسنوات طويلة تجنباً لتوتر العلاقات مع الدولة اللبنانية. انتقل للسكن في تل أبيب ودخل مجال الأعمال حيث أسس مطعم بيبلوس في مدينة يافا على الطراز اللبناني، وما لبث أن استبدله بنادٍ، وقد فشل في التجربتين. ألف كتاباً اسمه عين العاصفة من إصدار يديعوت، حيث صرح أنه غاضب وعاتب على الجميع! وقبل خمس سنوات وفي أعقاب تدهور حالته الصحية تمكن من الالتحاق بأبناء عائلته للعيش معهم في باريس حيث توفي هناك، وقد طالبت زوجته وأبناؤه عدم الكشف عن مكان وزمان دفنه، في حين سافر مسؤولون إسرائيليون رفيعو المستوى لوداعه.

رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق وقائد وحدة الإرتباط السابق في لبنان بني غانتس ترحم عليه ونقل تعازيه الحارة لأسرته، وقال إن تنسيقه وتعامله مع إسرائيل لسنوات طويلة نبع من حس وطني وقلق شديد على أبناء وطنه.. واعتبره صديقاً وفياً.. حكيماً.. ولطيفاً أمضى حياته ليرى وطنه حراً ديمقراطياً مستقلاً يعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل!.

** المقال من صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، للكاتبة سمادار بيري. وهذه ترجمتي المتواضعة للمقال، نقلتها بلغة الكاتبة دون تعليقات أو إضافات. وأكتفي هنا بالتفكير في حقيقة أن العميل الخائن لا يُحترم في وطنه الأم ولا عند أسياده، فقد تركته إسرائيل ليلة الانسحاب من جنوب لبنان في أيار عام م2000، و استكثرت عليه مكالمة هاتفية تبلغه فيها بالانسحاب!.

حرره: 
م.م