"العمليات الفردية".. لغز يحير الشاباك

عملية إطلاق نار قرب مستوطنة "دوليف"

ديالا الريماوي

(خاص) زمن برس، فلسطين: في الوقت الذي كان يعتقد فيه جيش الاحتلال ومستوطنوه بأن الضفة الغربية هي المكان الأكثر أمانا لهم، رغم كل الممارسات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني سواء في الضفة أو القدس أو غزة، أثبتت العمليات الأخيرة ضد الاحتلال أن المقاومة ما زالت حية وإن اختلفت أشكالها، فمن عمليات الطعن والدهس إلى عمليات إطلاق النار وهو ما أثار فزع وخوف المستوطنين وأجهزة استخبارات الاحتلال.

في الأسبوعين الأخيرة تصاعدت عمليات الطعن وإطلاق النار ضد الاحتلال، وبات من الصعب على جيش الاحتلال وجهاز "الشاباك" التكهن بوقوع عمليات، نظرا لكون تلك العمليات تتم بشكل فردي أو خلايا محددة غير تابعة لهيكيليات تنظيمية واضحة تتبع للفصائل المعروفة.

وفي هذا الإطار قال الخبير العسكري واصف عريقات إلى أن (السيل بلغ الزبى) عند الشعب الفلسطيني، وأن سياسة العقاب الجماعي والفردي والممارسات الإسرائيلية وعمليات الاغتيال بدم بارد، هي الدافع وراء العمليات.

وأوضح الخبير العسكري لـ"زمن برس" أن ما جرى من عمليات حتى الآن تصنف ضمن العمليات الفردية التي ينفذها أفراد أو خلايا غير منتمية، إذ لم يثبت أن تنظيما معينا يقف خلف هذه العمليات، وهو ما يعتبر أكثر خطورة على أمن الاحتلال لما فيه من صعوبة على معرفة المنفذ والوصول إليه.

واعتبر عريقات أن عمليتي إطلاق النار على مستوطنين قرب مستوطنة "دوليف" غرب رام الله، ومستوطنة "شفوت راحيل" شمال شرق رام الله، عمليتان فرديتان لكن تم التخطيط لهما بدقة. ويسمى هذا النوع من العمليات بـ"المعقدة والمركبة" لأنها تتكون من شخص أو اثنين أو أكثر".

وحول انتقال عملية البحث عن منفذ إطلاق النار على المستوطنين غرب رام الله من جيش الاحتلال إلى جهاز "الشاباك"، بيّن عريقات أن هذا يدل على أن المنفذ لم يترك أي أثر له في "مسرح العملية" أي أدلة مادية في الموقع، وبالتالي يبدأ الشاباك بجمع معلوماته من خلال تسريب معلومات من منفذ العملية أو أحد أصدقائه أو من خلال العملاء".

في سياق أخر، قال الخبير في الشؤون الإسرائيلية أنس أبو عرقوب"  إن القيادة العسكرية الإسرائيلية وجهاز الشاباك يعتقدون أن من يقف خلف عملية إطلاق النار قرب مستوطنة "شفوت راحيل" خلية محددة هي ذاتها من نفّذت هجوم وأطلقت النار على سيارة إسعاف إسرائيلية قرب "بيت إيل" قبل يومين من العملية سابقة الذكر، لكن لم يعلن عنها الاحتلال".

وما جعل الاحتلال يظن ذلك، هو استخدام ذات السلاح والسيارة في العمليتين، أما عملية إطلاق النار على مستوطنة "دوليف" غرب رام الله فجهاز الشاباك يعتقد أن من نفذ العملية هما شخصين أحدهما أطلق النار على المستوطنين، كما اوضح أبو عرقوب في حديثٍ مع زمن برس.

وقال أبو عرقوب "إن جهاز الاستخبارات وتحديدا الشاباك يدرك أن في رمضان ترتفع دافعية الفلسطينيين لتنفيذ هجمات، سواء كانت فردية أم منظمة، وهو ما دفع جيش الاحتلال لتعزيز تواجد قواته على الشوارع الالتفافية وفي محيط المستوطنات بناء على إنذارات وتوقعات بنية تنفيذ أفراد أو مجموعات عمليات".

وبحسب تقديرات نشرت في وسائل إعلام عبرية، فإن جهاز الشاباك لم يكن يملك إنذارات محددة أو معلومات حول نية تنفيذ هجمات، ولذلك نجحت العمليتين في تحقيق أهدافهما، لأن العمليتين كانت مفاجئتان.

وفي دراسة إسرائيلية نشرت مؤخرا، فإن الضفة الغربية المكان أكثر آمانا للمستوطنين، مقارنة بالداخل المحتل، فعمليات السرقة والقتل والحوادث في الداخل ترتفع أكثر من الضفة، لكن بالنسبة للاحتلال أي هجوم يشكل خطرا على حياة وأمن مستوطنيه".

وكشفت مؤخرا معلومات عن أن الاحتلال أحبط خلال العام الماضي ما يقارب 150 هجوما كان من المفترض أن يتم تنفيذهم في الضفة والقدس، إذ تم اعتقال أفراد خلال تشكيل خلايا أو التخطيط للهجوم.

ومن ناحيته اعتبر المحلل السياسي عادل سمارة" أن الواقع السياسي الفلسطيني والعربي والدولي وهبوط السقف الوطني أفرز هذا النوع من العمليات، إذ أن أغلب العمليات التي حدثت هي عمليات منظمة ومخطط لها، وإن كان هناك نقاشا حول إذا ما تعتبر تلك العمليات فردية أم منظمة، وجاء هذا النوع من العمليات للرد على رسالة التسوية والمفاوضات، لتوجه رسالة مفداها بأن المفاوضات غير مجدية ومتعبة".

وقال سمارة لـ" زمن برس" لو قرأنا تاريخ المقاومة الفلسطينية في صعودها وهبوطها، هذه العمليات ليست لحظية، بل هي جزء من السياق العام لقضية النضال، تبرز في ظروف معينة وتخبو في فترات ما، فالحدث في أغلب الأحيان يفرض نفسه فالمعركة ضد الاحتلال دائما مفتوحة.

حرره: 
م.م