جهاد عبر شاشات البلازما

داعش

الأكاديمية العسكرية للجهاديين تنشر العقيدة القتالية بواسطة دروس مصورة على اليوتيوب

بقلم: ايال ليفي

ليران اوفيك، مساعد باحث في شؤون المفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية في معهد بحوث الامن القومي. جلس في يوم ما على الحاسوب ومر على مواقع ومنابر بالعربية. وقد دخل أكثر من مرة الى مواقع متماثلة مع مخربين كبار محاولا تعلم خطوات الطرف الآخر.

«لقد أزالوا ذلك سريعا من الـ يو تيوب»، لكنه دخل مباشرة الى منابر الجهاد، بدأ اوفيك بشرح الاكتشاف الذي كان شريكا فيه: «هذا دفن سريعا تحت الصفحات، ومن خلال التصفح استوعبت شيئا ما غير عادي للردود المعروفة التي تظهر في هذه المنابر. فجأة رأيت عنوان «دروس في الاستراتيجية»، فتحت ووجدت روابط للدروس نفسها». لقد سارع اوفيك في نقل الامر الى دانييل كوهين، شريكه في البحث في المعهد وهو متخصص في أمن السايبر، الجيش والاستراتيجية. دخل الاثنان سريعا الى عالم ناصر بن علي الآنسي، رئيس القاعدة في شبه الجزيرة العربية، الذي كان أحد مقربي اسامة بن لادن، واجتاز التأهيل العسكري في افغانستان وتدرب الى جانب المقاتلين البوسنيين الذين حاربوا الصرب في التسعينيات.

شروط القبول

الآنسي هو رجل عسكري مدرب. عندما عاد الى اليمن قرر اقامة اكاديمية عسكرية للجهاد. الامر يتعلق بثمانية دروس لمستويات قيادية من قائد لواء فما فوق، المخصصة لتنظيمات مثل داعش وبوكو حرام وجبهة النصرة، كل الارهابيين الذين يحاولون الآن زعزعة العالم. في مقدمة الدورة، يقول الأنسي، «إن الدروس غير مخصصة للجميع. هناك قائمة لمن يستطيع أن يُقبل».
اوفيك يقول: «أي معلومات تريد وفي أي مجال، تحتاج الى تجربة سابقة». حسب شروط القبول يجب على المتدرب أن تكون لديه معرفة في التكتيك والطبوغرافيا العسكرية، الخبرة في مجالات الدفاع الجوي، القوات البحرية والحرب الكيميائية. «للجندي العادي الامر لا يعني الكثير، مثلما الامر لدينا، لا يتم ارسال كل مقاتل الى كلية الامن القومي»، شرح كوهين. «يتحدثون الآن كل الوقت عن معركة الموصل. التحالف العراقي يستعد لاعادة احتلال المدينة، وقادة داعش يخططون استراتيجية الدفاع، الامر الذي ليس واضحا تماما لمنظمة ارهابية. على سبيل المثال، التموين في وقت الحصار، هذا يتم طرحه في الدروس، أدوات للمواجهة. أسمع شهادات خرجت من الرمادي، المدينة التي احتلت مؤخرا. يقولون فيها إنهم جاءوا اليهم بهجوم خاطف وبسيارات مفخخة وخلقوا الفوضى وأدوا الى انخفاض الروح المعنوية عند المقاتلين العراقيين. هذا بالضبط ما يظهر في الدروس. أحد الدروس هو كيف تناور القوات، وأحد الامثلة على ذلك الحرب الخاطفة. يبدو أن الحرب العالمية الثانية والارهاب لا يرتبطان الواحد بالآخر». ويضيف «إنه لا يهم ما هو حجم التنظيم، التفكير يجب أن يكون منظما، يجب اجراء مناورة من اجل تحقيق الهدف حتى لو لم تكن طائرات ودبابات. يجب القيام بما تقوم به الجيوش الغربية».
الحرب الخاطفة هي العقيدة الاساسية للقتال الهجومي الحديث، مبادئها ترتكز على الحركة والتقدم السريع. لكن الأنسي واصل مفاجأة الباحثين الاسرائيليين وتحدث في دروسه عن كارل فون كلاوزوفيتش، الذي يعتبر أحد آباء الحرب الحديثة وعلم حرب العصابات في بداية القرن التاسع عشر في الكلية العسكرية الالمانية.
«هذه ليست مجرد مجموعة من ذوي اللحى في سيارات «تويوتا» الذين ينزلون ويطلقون النار ويهربون»، يبتسم اوفيك ويواصل «إنهم يسيطرون على مساحات كبيرة، مثل المعارك التي جرت مؤخرا في العراق في مصفاة النفط في بيجي، وبعد ذلك في الرمادي. إنهم يُعدون قوة الهجوم الاولى، سيارات مفخخة، حاملات مدرعات متفجرة من اجل الخفض الفوري للروح المعنوية عند القوات المحاربة ضدهم، وبعد ذلك يدخلون قوات المشاة. أنت ترى أن هناك تخطيط وتفكير. لقد وصلت صور عن غرفة عمليات. رجال يجلسون أمام شاشات البلازما واجهزة الاتصال ويوجهون القوات. صحيح أنه يوجد هناك الكثير من التكلف في مظاهر الزي ولكن ايضا يوجد تقدم».
عدد غير قليل من المعارك، على الاقل النفسية، تدور اليوم في الشبكة، حتى أن رسائل التنظيمات الارهابية يتم وقفها، لكنهم ما زالوا يتنقلون في الشبكة.
«هناك مستخدمون كبار ينشرون كل يوم الكثير من المواد في الشبكة الاجتماعية»، يقول كوهين. «يغلقون لهم الحسابات لكنهم ما زالوا ينشرون لعشرات الالاف. يوجد من يقول 100 ألف تغريدة في اليوم، اليو تيوب تعرض افلامهم القصيرة لكن لكل فيلم قصير هناك بضع الثواني الذهبية الى حين عرضه. فيلم الطيار الاردني الذي أحرق بقي صامدا لعدة دقائق، وفي بضع الدقائق هذه شخص ما فحص ذلك ووجد: 150 مليون شخص شاهدوه».

إنهم دقيقون جدا

«داعش طور قدرة الحرب الالكترونية سواء للدفاع أو للهجوم. لقد قاموا بهجوم ناجح جدا على القناة 5 موند في فرنسا، وهي هيئة اعلامية ضخمة أغلقوها. وقاموا بشل مزودي خدمة لديهم شيفرات سرية. توجد لديهم طرق للتخفي لأنه في مرحلة ما فان وكالات الاستخبارات في العالم بدأت في البحث عن كبار المستخدمين. هناك نموذج لمحارب نيوزلندي من داعش كان يرسل طول الوقت في تويتر اعلانات اثناء قصف التحالف. لم يدرك أنه يعلمهم عن مكانه. اوفيك يقول: «يدركون أنهم ملاحقون ويتم التنصت على مكالماتهم. وقد استثمروا الكثير في العمليات الدفاعية الخاصة بتشفير مصادر الاتصال. كانت لهم دروس في اليو تيوب حول كيفية القرصنة».
سألت فيما اذا كانت اسرائيل موجودة في خطر، لكنهم قالوا «لا» حتى هذه اللحظة. فداعش مشغولون الآن ودول مثل الاردن والسعودية معرضة للخطر أكثر، لكن ليس من الممكن الاستخفاف بالقوة التي يملكها اليوم في المنطقة والتي مساحتها تزيد على مساحة بريطانيا ويعيش فيها حوالي 10 ملايين نسمة. «هذا مفاجىء»، يعترف كوهين. «نظرنا لهم في البداية وكأنهم عصابة ارهابية، هؤلاء الجهاديين الهاذين الملتحين. ليس هذا لأن لديهم وسائل تكنولوجية متطورة أو أنهم قاموا بشيء جديد. إنهم يستخدمون باحكام ما هو موجود، ويعملون بمستوى عال جدا. هناك عدد من الاشخاص ذوي الرؤية الاستراتيجية ومنظمي الحملات. في مجال الدعاية، الاعلام الحديث والاعلام التقليدي، يوجد لديهم خبراء. في المجال العسكري، كلانا، أنا وليران، خريجي برنامج التعليم الامني، فاننا نؤكد على أن تعليمهم في هذا المجال عال جدا.

تحدٍ كبير

من وجهة نظر اوفيك وكوهين فان اكتشاف الاكاديمية كان سبقا صحفيا. لم يصادفوا باعلانات عنها لا محلية ولا اجنبية. وظيفتهم في معهد بحوث الامن القومي هي نقل المعلومات الى متخذي القرارات في اطار الحرب الشاملة ضد الارهاب. علينا الاشارة الى أن درس الآنسي، على الاقل المنظور، ليس جذابا جدا. فهو يجلس بملابس عسكرية مرقعة ومن خلفه ستارة سوداء وبقربه خارطة. ليس هناك الكثير من شؤون الصواريخ النارية.
فقط 7 من بين الـ 8 دروس يمكن الوصول اليها. الثامن لم يتم نقله في الشبكة التقليدية. درس يقوم بتحليل فنون القتال وهو مكرس حسب البرنامج التعليمي للقادة فقط. الاثنان يقولان إن المواد التعليمية العسكرية يتم رفعها طول الوقت الى الشبكة بدون علاقة بالدروس. في حين أن الاكاديمية العسكرية الامريكية أخذت مواد القاعدة من افغانستان وترجمتها الى الانجليزية. الجهاديون أخذوا المواد من الانجليزية وترجموها للعربية من اجل أن يكون بالامكان استخلاص الدروس من ذلك الفصل التاريخي. كوهين يعرض أحد الدروس التي تحدث فيها الانسي عن حرب الازرار: القدرة على التعامل مع الصواريخ الثابتة، الهرب من تهديد الطائرات بدون طيار.
«هذا تحد كبير من ناحيتهم»، يقول كوهين «القاعدة بحثت عن قراصنة يستطيعون اسقاط الطائرات بدون طيار. داعش ذهبوا في اتجاه آخر، الى الحرب النفسية. قالوا قفوا أمامنا وحاربوا كالرجال». هنا يقول «إنه يوجد لديهم المجاهد الكلاسيكي المستعد للتضحية بنفسه، ويوجد مشغلو الطائرات بدون طيار. هو يقارن هؤلاء بالاولاد الذين يلعبون بالالعاب».
قبل اسبوعين في 7 أيار، الانسي، عميد الاكاديمية والعقل المدبر، لم ينفذ ما علمه بنفسه. طائرة امريكية بدون طيار صفته بواسطة قصف جراحي. هل سيأتي اعلان عن مواصلة الدراسة في الشبكة؟.

معاريف

 

حرره: 
م.م