الناشطة البيئية صابرين دغرة في حضرة التميز

صابرين دغرة

ايناس أبو الحاج

زمن برس، فلسطين: إنجازات ربما تفوق المستطاع وتحديات توّجت بالنجاح والتميز لتخلق الإبداع رغم المعيقات التي لم تزل ترافق مسيرتها التعليمية ، صابرين زيدان دغرة إبنة الـ 23 ربيعا من قرية كفرعين قضاء رام الله ليست بفتاة استشنائية ولكن ربما تكون النموذج الأسمى في روح العلم والعمل.
درست صابرين علوم الأرض والبيئة فرعي علوم حياتية في جامعة القدس-أبوديس للعام 2009م لترى في هذا التخصص الخيار الأفضل كونه تخصص جديد ومجالاته واسعة وكثيرة تزامنا مع عدد الخريجين المحدود والملتحقين فيه وبالتالي تكون فرص العمل متاحة أكثر.
تقول صابرين" لقد كان إلتحاقي بجامعة القدس تحديا لذاتي فحصولي على معدل 75.3 في الثانوية العامة جعل من الصعب علي الإلتحاق بالجامعات القريبة فلم تكن المسافة عائقا إنما السكن بعيدا عن أهلي اللذين لم يكتب القدر لهم أن يتنفس الحياة من بين أخواني الثمانية سواي فكنت أجاهد لإجلهم ثم لنفسي" . تتابع " مع أول خطواتي نحو هدفي أقسمت أن أعوّض والديّ سعادتهم التي لم تتجلى بنجاحي في التوجيهي مع وفاة أخي الاصغر"محمود" مسك الختام، ومع نهاية فصلي الأول حصلت على معدل 86.6 برتبة شرف، ثم بدأت العمل مع طالبة دراسات عليا في مركز التحاليل الكيميائية والحيوية الكائن في كلية الطب في الجامعة لكسب الخبرة".

نشاطات بيئية

وضمن ما كان يقدمه النادي البيئي في الجامعة كنت أعمل على تقسيم العمل بـصفتي نائبة رئيس النادي لمدة عامين والتنسيق مع إدارة الجامعة التي كانت  تصّعب الأمور أحيانا من ناحية لوجستية ومع الكلية لإقامة فعاليات ونشاطات تخص البيئة. تضيف "كثيرا ما كان يغريني العمل في أي جزئية تتعلق بالبيئة فعملت كمنسقة في الجامعة لبرنامج القادة البيئيون ومع نشطاء بيئين ومؤسسات معنية بالمياه والصرف الصحي في فلسطين (2011-2012) ومن ضمنها عقد ندوات ومحاضرات حول وضع المياه في فلسطين من ناحية صحية، اقتصادية وسياسية والتنسيق لرحلات بيئية وميدانية مع هذه المؤسسات".
عملت أيضا كمنسقة لدائرة علوم الأرض والبيئة في مهرجان العلوم وهو عبارة عن منافسة لدوائر العلوم بحضور طلاب مدارس مختلفة على مستوى الضفة وبوجود لجنة تقيّم المشاريع المعروضة ويقام على مدار يومين  بدعم وتمويل من القنصلية الفرنسية.

تمثيل فلسطين بيئيا

وعلى المستوى الأوسع تقول صابرين"تم إختياري وثلاثة من جامعة القدس-أبوديس وخمسة من جامعات مختلفة لتمثيل فلسطين ضمن برنامج تبادل طلابي يعنى بالبيئة مقدم من القنصلية الأمريكية يضم مؤسسات وجامعات امريكية لها اهتمامات بيئية وكان أبرزها"مركز الغرب الشرقي" التابع لجامعة هاواي التي كانت الداعم الأول للبرنامج. وتضمن البرنامج جولة على أربع ولايات أمريكية (هاواي، سان فرنسيسكو، كولورادو،واشنطن دي سي) لمدة خمسة أسابيع  للعمل على طرح مشروع بعد دراسة المناطق وتحديد إحدى المشاكل البيئية فيها وتقديم الحل الأنسب والصديق للبيئة في كل منها.

تتابع " كانت زيارتنا بيئية وثقافية اذ قمنا بزيارة الكونغرس الأمريكي وبعض المتاحف إضافة محطات معالجة المياه العادمة وتدوير واعادة استخدام المواد ومؤسسات تعنى بالبيئة والاعمال التطوعية عالميا في كل ولاية وطئتها اقدامنا وعملنا على تقديم بعض الحلول والتفاصيل المفقودة في إحدى المجمعات السكنية الصديقة للبيئة إضافة الى ممارسة هوايات التسلق والمشي وتحديات مع الطبيعة في اعالي قمم الجبال وفي احضان المحيط. وكانت خلاصة هذا البرنامج عرض مشروع يعود بالنفع والتغيير في بلادنا فتوجهنا نحو مشروع فرز النفايات الصلبة ليخدم مجتمعنا الجامعي وهذا ما باشرنا تطبيقه في الجامعة فور العودة بعد التقديم المشروع لمؤسسة ال AMIDEAST التي مولت المشروع ضمن ورشة عمل عقدتها".

كنت وما زلت أحرص على التواجد في أي مناسبة أو فعالية تخص البيئة، شاركت في أكثر من عشرين مؤتمرا وورشة عمل بيئية إضافة الى تقديم بعص المداخلات مؤخرا في البرنامج البيئي "حنون" الذي تم عرضه على شاشة مكس معا، لم تزدني هذه النشاطات الا تحفيزا فقد حصلت على خمسة رتب شرف في سنواتي الدراسية رغم  أن  منحة التميز كانت تغطي نصف القسط فقط وبعد تخرجي بدرجة جيد جدا للعام (2013)م توجهت لألمانيا برفقة رئيس دائرة علوم الارض والبيئة د.جواد شقير لتمثيل فلسطين عامة وجامعة القدس خاصة  في أيام العلوم.

تكلفة التجربة تفوق تكلفة المنحة

تستكمل صابرين"فور حصولي على شهادة البكالوريوس عرض علي العمل كـ معيدة في جامعتي ولكن ضائقة الجامعة المالية وعجزها لم يترك الخيار لها اذ قامت بتسريح المعيدين وبذلك ضاعت الفرصة! فأقدمت على الشروع للحصول على منحة دراسات عليا في الدراسات البيئية من سلطة المياه وإجتزت الصعاب لإكمال الماجستير في جامعة بيرزيت لكسب علم جديد بأسلوب جديد ونكهة مختلفة وباشرت العمل مع النادي البيئي في الجامعة ولكن العائق كان في عدم الاتفاق على موضوع رسالة الماجستيروهي بعنوان (التحلية ودراسة تراكم البكتيريا والميكروبات على غشاء النضح العكسي في محطة جامعة القدس- أبو ديس) وهذا كان الدافع الأقوى للعودة الى جامعتي  لإكمال الدراسات العليا فيها في غربة أخرى وتحديات أقوى.

أعمل حاليا على رسالة الماجستير وأجد صعوبة ومعيقات كثيرة فليس باستطاعتي أخذ عينات للتحليل والفحص ولتطبيق المشروع بشكل عملي مع عدم تواجد محطات للتحلية في الضفة وبذلك أجبرت على تغيير الموضوع وطرح حل للمشكلة جديدة تخدم قطاع المياه.

ترى صابرين بما أن الأقساط مرتفعة تصبح المنحة أقل من نصف القسط إضافة الى الجانب العملي المكلف فـ "تكلفة تجربة الرسالة أغلى من تكلفة المنحة التي أنتظر مطولا حتى يتم دفعها وأحيانا اضطر الى دفع القسط كاملا لعدم توفرها في الوقت المناسب لأتجنب عسر التسجيل".

صابرين دغرة تجد في كل هذه المراحل ليست إلا خطوة في تحقيق أحلامها فحصولها على 10 شهادات في النطاق البيئي واعتبارها احدى الناشطين البيئين ومشاركاتها المستمرة في المؤتمرات والندوات رشفة من كأس النجاح تسقيها لوالدها الداعم الأول والدائم في كل خطواتها ولوالدتها التي عوّضها الله ما فقدت لتكون صابرين قد أوفت ما وعدت ولكن رغم النجاح يلازمها الخوف من شبح البطالة وأن شهادة بتفوق في البكالوريوس والدراسات العليا تصبح رقما في سوق الخريجين العاطلين عن العمل ولكنها تفتخر بما أنجزته في هذا العمر متأملة الأفضل والتميز الأكثر والنهوض بفلسطين يدا بيد من اجل بيئة افضل ومستقبل اخضر.
 

حرره: 
م.م