"الجدار" أمامنا والعدو خلفنا!!!

تطورات الربيع العربي لا تنذر بخير.. أو «بالعربي» الفصيح؛ حتى الآن هو ربيع عقيم لم يزهر أو يثمر.. في سورية يبدو أن الوضع يسير نحو التقسيم.. دولتين أو ثلاث دول، وهذا مخطط ليس جديداً، ولكنه من مخلفات «سايكس بيكو»..!! الدولتان أو الثلاث دول السورية، ستعيدنا إلى زمن دول الطوائف، الضعيفة، المستكينة.. وكلّه يصبّ في خانة الاحتلال الإسرائيلي، لأن معنى ذلك شطب سورية من المواجهة، وحتى لو بإطارها النظري الذي استمر منذ حرب تشرين في العام 1973.

كل الأماني المعقودة على رحيل النظام السوري، بكل تبعياته ونتائج حكمه الشمولي، ذهبت أدراج الرياح، ولم يتعلم «الأسد» من التجارب السابقة.. وبناء على ذلك، ربما تحتاج سورية الجديدة إلى ثلاثة عقود على الأقل لتتعافى من جراحها الطائفية والاقتصادية والاجتماعية.. ومن آثار حربها الأهلية التي بدأت شرارتها، خاصة في مناطق الشمال. في مصر، الأوضاع تتسارع ككرة الثلج التي تتدحرج بقوّة، دون أن يتمكن أحد من السيطرة عليها..

والإخوان المسلمون هم أحد أسباب الانسداد الذي وصلت إليه مصر.. بعد أن وضعوا مصلحتهم فوق مصلحة الوطن المصري.. وبعد أن أجهضوا الثورة بإخراجهم، المقصود وغير المقصود، الثوار الحقيقيين، الذين أشعلوا الثورة وحملوها.. الإخوان المسلمون لم يقبلوا حصة واقعية وشراكة تضم الجميع.. وبناء حقيقياً لمستقبل الشعب المصري في إطاره القومي العربي.. بدأوا باتفاقات سرية ومهادنة مع المجلس العسكري.. وتركوا الثوار يواجهون وحدهم..

وعند كل مأزق مع المجلس العسكري، نراهم يستنجدون بالثوار.. وهم أصبحوا كقصة «الراعي والذئب»؟!! ولعلّ تظاهرة الأمس في ميدان التحرير، التي لم يزد عدد المشاركين فيها على عدة مئات.. دليل واضح على هذه التغيرات.. إذا فاز مرشح الإخوان، أو خسر، فهم في مأزق حقيقي.. يحاولون جرّ الثورة معهم.. ولكن!!! في اليمن وتونس وليبيا، الوضع ليس على ما يرام، والتناقضات الداخلية أهم بكثير من قدرة هذه الدول على التعامل مع القضايا العربية الخارجية، حتى ولو كانت القضية الفلسطينية..

دول الخليج العربي مهتمة بما يحصل حولها، وخاصة المسألة الإيرانية.. ولعلّ أحداث البحرين وما وقع في المناطق الشرقية من السعودية، وطغيان النزعة الطائفية في كثير من هذه الدول، يجعلها أقرب من أي وقت مضى إلى السياسة الأميركية.. أي إلى الحماية غير المباشرة، ولو على حساب كل القضايا الأخرى، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.. في ظل هذا الوضع نجد، نحن الفلسطينيين، أنفسنا في مأزق غير محمود العواقب.. في ظل انقسام لا يبدو أنه شارف على النهاية.. ومصالحة فوقية.. وربما حكومة واحدة، ولكن لنظامين سياسيين، ولعقيدتين أمنيّتين، ولمصالح متناقضة.. ووضع اقتصادي هش..!! ومع القوة الاقتصادية والعسكرية المطلقة للاحتلال.. وتطرفه وعنصريته التي لم نشهد مثيلاً لها، فإن الحل السياسي يبدو أبعد بكثير مما كنّا نعتقد.. ولا عجب في ذلك أن نسمع موشيه يعلون، نائب رئيس الحكومة الإسرائيلية، عندما يقول: «لا حلّ مع الفلسطينيين حتى بعد 100 عام»!!!

إذاً، نحن الآن أمام جدار، وخلفنا دبابات الاحتلال.. وعمقنا العربي ضعيف، يسير نحو المجهول.. فماذا نحن فاعلون؟؟!! سؤال، ربما تجيب عليه جماهيرنا قبل قيادتنا!!