بعبعة حماس وسقوط عباس

سؤالان كبيران برسم المستقبل القريب، وقبل أيام معدودة على انتخابات الرئاسة في مصر، مركز الشرق الدائم وبؤرة الإشعاع والتغيير، وحتمية اختلاف كل شيء في المنطقة في الحقبة القادمة التي ستبدأ في 20/6/2012م بظهور نتائج انتخابات الرئاسة المصرية والتي ستأخذ هذا الشرق في طريقها أينما ذهبت وأيا كانت النتائج.

السؤال الأول : هل فصائل المقاومة الفلسطينية جادة في مواصلة المقاومة أم أنها توقفت عن ذلك وتسعى للسلطة كما حماس؟ السؤال الثاني : ما هي حالة التيار الوطني السياسي الذي يتبنى الخيار السلمي في فلسطين ووجهته بعد سقوط عباس؟ الإجابة عن السؤال الأول، لم تعد حماس في ذهن الناس بعباً ترتعد فرائضهم منه بعد انكشاف دنيويتها متشابهة بمن تحكم في رقاب العباد قبلها فكانت علمانية أكثر من العلمانيين في حب الحياة الدنيا ومظاهرها وملذاتها، وسقطت هالة النموذج الأفضل المدافع عن الوطن والمتبني المقاومة ضد الاحتلال فاكتفت بالهدنة وفرضتها على فصائل ومجموعات المقاومة بالقوة.

وإذا لم يكن هذا صحيحا، فالسؤال الذي يطرح نفسه على حماس وفصائل المقاومة الأخرى وخاصة الجهاد الإسلامي ، متى كان بيننا وبين إسرائيل توازن قوى، ليدعى الجميع على غير حق ورضاَ، بأنهم متفهمون لوجاهة التوقف عن العمل المقاوم وأن في الهدنة مصالح للشعب كما يحاولون الادعاء لرفع العتب أمام شعبهم لتبرير استمرار تواجدهم وأسلحتهم، ومحاولة إرضاء عناصرهم وتهدءتها.

إن حماس لم ولن تعود للمقاومة من جديد بعدما تحولت بوصلتها نحو السلطة وانهمكت في محاولات اعتلاء العروش لجماعة الإخوان المسلمين الهائجة والرائجة للظفر ببعض المناطق الشرق أوسطية في صراع خفي مع مجموعات السلفيين وتنظيم القاعدة والشيعة ومجموعات الاجتهاد الفقهي والطائفي التي تجتاح المنطقة، وتركت ذاك الصراع مع إسرائيل كما أفهمت شعبنا عند انطلاقها للعمل المقاوم في فلسطين.

والسؤال الكبير لحركات المقاومة ضد إسرائيل هو هل ستنحى منحى حماس التي لم تعد تقاوم، وهل موقف حماس هو الموجه لهذه التنظيمات أم أن لها موقف آخر؟ وهل مازال شعارها وعملها هو المقاومة؟؟

الواضح أن السلطات الحاكمة الإسلامية الجديدة في النظام الجديد لم تطلق أيا منها شعارات أو أو خطة أو نوايا أو برنامج لمحاربة إسرائيل آنيا ولا مستقبلا، وخاصة الإخوان المسلمون في مصر الذين دأبوا على التصريح باحترام المعاهدات مع إسرائيل. الإجابة عن السؤال الثاني ما بعد سقوط عباس؟ على ما يبدو أن سقوط عباس بات مؤكدا بعد تصريحات أوباما والتساؤلات المالية في صحف الغرب التي لا تكتب مثل هذه القضايا إلا كمقدمة لتغيير أوضاع من فتحت صفحتهم، هكذا عودنا التاريخ والسلوك الغربي في التعاطي مع انتهاء حقب رؤساء سابقين.

عباس اليوم في وضع لا يحسد عليه فقد ذهب للاحتماء في حضن حماس لإيجاد مخرج آمن له بعد فشل منهج المفاوضات ، ولبى كل مطالبها المبتزة، ولشعور الحمساويين بحالة الضعف التي أوقع عباس نفسه بها، حيث حرق وراءه سفن فتح، التي أضعفها، وكان هنا الخطأ القاتل، فبدل أن يحتمي من إسرائيل وأميركيا في حضن فتح الدافئ، ذهب إلى خصومه الألداء للانتصار على فتح وبعض مناوئيه فيها فكانت النهاية كما نرى حلقاتها بوضوح فاقع بعد أن فتحت بقوة عليه النار قناة العربية. الجميع يعرف من وراء العربية، والمذهل في الموقف الذي لا يلتقطه عباس سريعا هو اندماجه في الدور الذي لا أعرف من أشار عليه به واستمرار عناده القاتل بشأن تنظيم فتح الذي لا نرى ردود الفعل القوية ولا نرى الدفاع المستميت من حزب لرئيس من المفترض أنه قائده، اليوم عباس يقف وحيدا أمام هذه المعركة التي تعتبر الأخيرة في حياته وبعدها يبدأ السقوط مادام الهجوم بدأ من قناة العربية.

هل هناك مخرج واستعادة للحامي الحقيقي للرئيس وهو حركة فتح ؟ لقد جرى في السنوات الماضية في النهر مياه كثيرة وضح خلالها أن الهزيمة في غزة قد غيرت فتح ولكن، ولكن، ولكن، وقبل عام ونصف العام وفي الوقت الذي بدأ الفتحاويون يشتمون أنفاسهم للنهوض بعد انكشاف حماس للجمهور الفلسطيني وضعفت شوكتهم بوقف المقاومة وسعيهم للمكاسب الدنيوية، جاء عباس بصاروخ الخلافات داخل قيادته ليطلقه على الفتحاويين ليقسمهم نصفين وأكثر في رحلة إضعاف جديدة لم يدر حينها الرئيس بأن الصاروخ الذي أطلقه على فتح سيمتصه هواءه المنطلق من مؤخرته ليأخذ في طريق الرئيس إلى محطة انفجاره الأخيرة فينتحر هو وتبقى فتح. إنها غلطة القائد القاتلة عندما يستهين بحزبه ونسي الرئيس أنه بدون فتح تسقط عنه الحماية في وجه الخصوم فما بالك برئيس ترك حزبه واحتمى بالخصوم الحمساويين؟؟؟

أين فتح الحقيقية من حماية الرئيس ؟ فتح الحقيقية غير راضية عما فعله الرئيس، وفتح التي تنتظر المكاسب وهم من ورطه لن تنفعه في أزمة السقوط ولا تكفي تصريحات وبيانات لا تتناسب مع حجم ما سموه هؤلاء مؤامرة، وان كانت مؤامرة، فمتى وكيف سيحمون الرئيس؟

أم أنهم أيضا سيلجأوون الى حماس الحضن غير الدافئ للخصوم، وكيف سيتصرفون هم وحماس مع استحقاقات المنطقة وخياراتها التي قد تعصف بالجميع بما فيهم حماس لعدم رضي الشعب عنهم جميعا، وقد يقرر الشعب إرادته في اللحظة المناسبة، وعلى التيار المركزي في التيار الوطني أن يبحث عن قائد جديد لعبور مرحلة ما بعد سقوط عباس.