دولة يهودية أولاً

دولة يهودية

بقلم: غابي أفيطال 

يتم في عالم الرياضيات اثبات جُمل احيانا عن طريق النفي. هذه هي الحال مع قانون القومية الذي تم اقتراحه هذه الايام والذي يثير زوبعة متوقعة حوله. عندما ندرس احاديث معارضي القانون ولا سيما هوية المعارضين، فان الخلاصة هي أنه يجب تأييد القانون المقترح. وللحقيقة فانه في الوضع الطبيعي يمكن أن يكون القانون زائد ولا حاجة اليه، لأن وثيقة الاستقلال من شأنها أن تشمل مباديء القانون.

لكن الايام هي ايام اخرى. لذلك يجب العودة بضع سنوات للوراء، الى بداية التسعينيات حيث تم اسكات الجدال منذ البداية حول قانون أساس «حرية العمل» وقانون «كرامة الانسان وحريته» حيث تم اسكات الجدال من قبل رئيس محكمة العدل العليا اهارون براك، فقد كتب مؤكدا ما يريد نتنياهو تغييره:
«عندما تفشل المحاولة ولا تستوي قيم الدولة الديمقراطية مع قيم الدولة اليهودية فلا مناص من الحسم، هذا الحسم يجب أن يتم حسب رأيي وفقا لمواقف الجمهور المتحضر في اسرائيل. هذا امتحان موضوعي يوجه القاضي باتجاه مجموع القيم التي تشكل شخصية الانسان المتحضر».
الجمهور المتحضر هو المعيار الموضوعي للقوانين الاساسية التي تحولت الى دستور. وهذا ما يريد نتنياهو الامتناع عنه. فهو يريد الامتناع عن التصادم بين المثل والقيم، مثلا تحويل النقب أو الجليل الى حكم ذاتي، وستحظى المثل بتفسيرات بعيدة المدى من الجمهور المتحضر. هذا ليس سراً أن المحللين للدستور الذي أوجده اهارون براك والجمهور المتحضر هم من نفس الطينة، اليسار الطاهر.
شيء آخر نتج عن الزوبعة حول النقاش في الحكومة: المعارضون والمتحضرون يضحون بأنفسهم من اجل دولة قومية عربية اخرى، فلسطينية، لكنهم شركاء مع أبو مازن في التملص من الاعتراف بالحقوق القومية اليهودية.
تناقضات اخرى تصدر عمن ينفون القانون رأيناها في السابق، الامر غير الواضح هو تصميم وزيرة العدل التي قامت بتأخير التشريع منذ ولادة القانون عشية يوم الاستقلال الاخير. وهي تعود لتقول إنه يُمنع تغليب الاساس اليهودي للأمة اليهودية على الاساس الديمقراطي. ولتوضح لنا ما هو جوهر الأمة اليهودية اذا لم يكن في يهوديتها، رغم الخلاف الموجود، وأن الديمقراطية هي طريقة حكم وليست جوهر.
اليهودية هي مجموعة شاملة ومتعددة من القيم والأوامر وفيها مباديء اخلاقية وعدالة رفيعة، اضافة الى عادات ونمط حياة يومي. وفيها ايمان شعبي بالاضافة الى الفلسفة وأوامر وتفاصيل حياتية منذ ولادتنا حتى موتنا. وهي تقول ايضا إنها قومية الشعب اليهودي ودينه.
لماذا تسرع اهارون براك ولفني تسير على إثره في وضع نوع الحكم فوق الجوهر؟ من اجل تأكيد فكرة دولة كل مواطنيها. وهذا ما يعرفه الكثيرون بمن فيهم معارضي القانون، ولاسباب تتعلق بـ «التوقيت» مثل شيلي يحيموفيتش واسحق هرتسوغ، وهنا تكمن أهمية القانون. دولة اسرائيل هي الدولة القومية للشعب اليهودي وليست دولة كل مواطنيها.

اسرائيل اليوم 

 

حرره: 
م.م