غسان تويني. رجل السلام المحارب

أهي صدفة العجب أم عجب الصدفة أن يترجل الفارس الى صهوة حصانه تاركا وطن الأرز دون فارسا . يتميم القلم .جريح الكلمة والمقال .غسان تويني تلك المدرسة اللبنانية التي يشهد لها العدو والصديق هذا الجبل الذي كابر على الوجع لكي يبقى لبنان سالما معافى مرفوع الراية والهامة وهو يودع فلذة كبدة الشهيد جبران تويني قبل 7 اعوم . هذا الرجل القدير بنبؤته الصادقة وبمؤلفاته وكتبة التي ما استحلى اللسان والفكر ان يقرا غيرها .

لما فيها من وعي صحفي صادق بقضايا المرحلة والوطن . مع خلال متابعتي المتواضعة للبنان وشانه الداخلي . لكن خيالي وفكري كانت دائما تنشد لكتابات هذا الرجل وهو يغرد كالعصافير في صفحات جريدته التي اضاءت سماء لبنان والعرب " جريدة النهار" اسطورة لبنان الصحفية والمدرسة التي تخرج من رحمها ومن فكرها ومن بين جنبات كتبها الكثير الكثير من الصحفيين الشباب . هذا المعلم المتواضع . حين رحل غسان كنفاني شهيدا في ارض لبنان كانت الكلمة حائرة اين تسكن وعلى أي لسان حر ترسي . وتبدل غسان بغسان رحل الاول وبقي الثاني بكتابته الجريئة.

عاش للبنان ومن اجل لبنان كتب عن استشهاد الرئيس الحريري وعن وضع لبنان وعن من سيدفع ثمن الكرامة وعن ونادى بالعلمانية واستمر في قيادة مركب النهار حتى بدا لتلك الجريدة ان تكون عروس البحر اي بحر بيروت. عميد الصحافة وعملاق الكلمة وسيف المقال والأسماء لا تتسع لمدح ورثاء تلك الحالة الانسانية اللبنانية العربية الفريدة .

مر لبنان الشقيق بأحلك الظروف من طلاق للشركاء وخصام للكتل والمجالس والحرب الأسرائيلية وموجة الاغتيالات التي المت بهذا البلد الجميل لم يكن هذا الرجل بمنئ عن ما يجري حين كان له المساهمة في خروج لبنان من حالة الشلل والموت السياسي من خلال تقديم فلذة كبدة لعيون لبنان وبيروت العرب . حين كانت شهية المحتل مفتوحة على اغتصاب فلسطين في العشرينات وحين كان سايكس بيكو يوزع الاوطان على غير اهلها . أهل هذا النور اللبناني على لبنان في يناير من العام 26 . وكبر وترعرع في ثنايا وطن الارض الذي كتب فيه الكثير وهو يصرخ ويصيح بين ثنايا الكلمة ومعاني السطور " اتركوا شعبي يعيش " و" قراءة ثانية في القومية العربية" والكثير من المؤلفات التي اغنى وارثى بها المرحوم مكتبات العرب ولبنان وهي كتب تستحق المتابعة والقرءاه .

وبرحيل هذا العملاق وهذا الشهيد تكون مدرسة الصحافة العربية قد اهتز عرشها بعد فقدانها لاحد ركائزها ودعائمها وهذا العظيم الذي شكل اقواس من العظمة والكبرياء لمواقفه الوطنية حين حطت به المواقف الريادية بجانب كلا من صائب سلام وكمال جمبلاط للاسقاط الهادئ في عهد بشارة الخوري دون اي دم ودون قتل ودمار وان يكون الاسقاط شعبي وسلمي . هذا الرجل الذي قاد السلام الصحفي بحنكة الكاتب المحارب فكثيرة هي السجون التي تعرف اسمه ومن هو فمعسكر سجن الرمل اللبناني يعرف من هو المرحوم غسان التويني الذي كان دائما مرفوع الرأس والجبين والهامة.

منذ ايام غادرتنا ذكرى النكسة الاليمة التي المة بالامة العربية واحتلت اسرائيل دول وعواصم وتنكست فيها رايات العرب وبعد اسابيع تطل علينا ذكرى غسان الكلمة الشهيد الاديب غسان كنفاني ويشتد الوجع في تلك الصباحات مع رحيل غسان الكلمة ورائد الصحافة وشهيد العرب ولبنان غسان تويني الذي اضاء عتمت الليل بنهار الكلمة وبصدق المعلومة وروح الحياد والدقة . رحل تويتي ولم ترحل النهار رحل تويني وبقيت لبنان . لكن القلم ستصيبه كبوة وسيغفوا لرحيل سيده . رحم الله غسان تويني ومن قبله ولدة وفلذة كبدة جبران تويني ومن على رمية حجر من ضريح محمود درويش. تحمل العصافير اعشاش السلام الى روح رجل السلام الذي عشق الحرب في عالم الكلمة . ليعيش لبنان بخير وسلام .