أبو خلوصي .. يُبَشِّـر

لكونه شمّام ألاعيب، عن بُعد، متشائماً في أغلب الأوقات، ترتسم على مُحيّاه علامات الحال الوطني العام، فضلاً عن الحال الفتحاوي الخاص؛ فإنني أصدق صخر بسيسو عندما يتفاءل، وينتقل اليََّ تفاؤله! أخونا عزام الأحمد، المتفائل بطبعه، مثُاب على مثابرته، بخاصة وأن جزءاً من دوافعها، كان البرهنة على أن بشائره المتتالية، لم تكن اختلاقاً.

فقد كان لها أساس دائماً، قبل أن يحبطها الطرف الآخر، بنسف التفاهمات التي تأسست عليها. لكننا، بسبب تكرار تلك البشائر المرتدة الى نقيضها، لم نكن نتفاءل بنبأ بشارته، مدركين أنه ليس مسؤولاً عما يطرأ بعدها من إحباط! أبو خلوصي يؤكد أن الطرف الحمساوي توصل الى قناعة، بأن لا بد من الوحدة الوطنية. وكنا نوّهنا في هذا المكان، قبل أيام، الى أن أسباباً موضوعية من شأنها أن تقنع حماس بهذا المنحى. أهمها أن أطراف قاعدة الرهان والارتكاز، باتت مرذولة، ضالعة وشريكة في استباحة دم إخوتنا السوريين، واتضح جلياً أن ليس لدى أطراف تلك المعادلة، ما تقدمه لفلسطين، سوى آثامها وقيودها. وعلى الرغم من هذا التفاؤل الذي نستمده من حديث أخينا صخر بسيسو؛ إلا أننا ما زلنا نتحسب من الخديعة، لا سيما وأن الملفات الحساسة، كأمن المجتمع وحرص حماس على الاحتفاظ بالقدرة على الإكراه والانقضاض على الآخرين في غزة؛ لم تُسوى. فنحن مع مصالحة بلا ميليشيات، لا فتحاوية في الضفة ولا حمساوية في غزة.

وعندما يهاجمنا المحتلون، يكون الدفاع عن النفس، بذات الرجال الذين دافعوا عن شعبهم في الانتفاضة السابقة، ودُمرت مقراتهم وكانت النسبة الأعظم من الشهداء منهم. ونحن مع مصالحة، على أسس قانونية ودستورية، تخدم استراتيجية عمل وطني واحدة.

لا فلاح لنضالات شعب يقاوم باستراتيجيات شتى متعارضة. ما يبشر به أبو خلوصي، يتعلق بالبداية، ونتمنى أن يظل السياق شبيهاً بهذه البداية. ولكونها بداية، فإنها مصالحة بين السلطة وحماس، ونتوخى سياقاً من العمل، يؤسس لعلاقة قائمة على الاحترام المتبادل بين الحركتين، بلا تخوين ولا شيطنة، على أن توضع كل النقاط على حروف التجاوزات والإساءات وحتى الجرائم. فليس وطنياً من لا يرحب بالوفاق. في الوقت نفسه، يكون بهلولاً من يعوم على شبر ماء. من واجبنا أن نعمل على إنجاح عملية التوافق، وأن نتفاءل، وأن نأخذ بانطباعات وآراء الإخوة المنخرطين في الحوار، وأن نتقبل كل بشرى!