داعش والاعلام

داعش

إستولت «داعش» على اهتمام الإعلام الغربي بسبب قدرتها على التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي بصورة عبقرية

بقلم: غاي كلنر

كيف تحولت منظمة ارهابية مجهولة في غضون بضعة اسابيع الى اسم معروف في كل بيت وموضوع حديث في كل صالون باعتبارها التهديد العالمي «الجديد» للحضارة الغربية؟ اجل، تعلمت قوات داعش قواعد لعب الاعلام الغربي، ويبدو أن الحديث هنا اذا استثنينا ارهابيين لا زمام لهم، عن رجال اعلام ماهرين يعرفون كيف يُحدثون تأثيرا كبيرا بمال قليل.
إن نجاح إشهار تهديد داعش يشمل عددا من العناصر المركزية: فكل العمليات الارهابية تنفذ بحسب شيفرة اعلامية ثابتة ولغة اعلانية متميزة تضمن تعريفا وابرازا للمنظمة في وسائل الاعلام مع اظهار الحال، والتلوين والمشاهد المكررة المنفذة بالطريقة نفسها.
تعرض داعش تفكيرا في كل دقيقة ودقيقة، واخراجا حريصا مع تأكيد رمزية كل عنصر في «اطار الارهاب». فعلى سبيل المثال يستعملون في مشهد «قطع الرأس» اللون الاسود الذي يمثل في الاسلام المؤمن الخالص بازاء البرتقالي الذي يمثل الأسير/ الكافر الذي حكمه الموت. بل إن تصوير منفذ القتل ليس عرضيا ويُختار لذلك «قاطع رأس» غربي يتحدث بلغة انجليزية فصيحة ليُشار الى المشاهد في بيته بأن الارهاب أقرب إليه بل قد يكون «جاره في البيت قبالته».
بل إنهم نشروا في الآونة الاخيرة عرضا «هوليووديا» حقيقيا سُمي «لهب الحرب» وهو شريط فني يعرض بصورة سينمائية تهديدهم الارهابي للغرب، فلم تعد الحال حال أفلام تصورها آلات تصوير بسيطة في كهوف منسية في تورا بورا. بل الحديث عن إخراج مركب مع تأثيرات صوتية وغيرها من وسائل الاخراج ومع الكثير من الفهم في الأساس لما يبحث المشاهد الغربي عن رؤيته.
ولا يقل عن ذلك أهمية الاستعمال الذكي الواعي لوسائل الاعلام الجديدة. ففي الماضي كانت المنظمات الارهابية تنقل الرسائل الى شبكات الاذاعة المؤسسية وتستعملها وسيلة وحدها تقريبا لاشاعة الرعب، واليوم تصل داعش بمساعدة وسائل الاعلام الجديدة الى جمهورها مباشرة دونما تعلق ورقابة، مع إحداث عدد من مشاهدات أفلامها الارهابية يزيد على مشاهدة كل فيلم لنجم من نجوم الثقافة الغربية.
وتشير النقطة الرابعة على الخصوص الى عبقرية داعش الاعلامية، أعني التوقيت. إن نشرات الاخبار والساسة في الغرب محتاجون الى عدو يتجدد بين فينة واخرى يرص الصفوف حوله ويزيد في درجة المشاهدة. ومنذ اللحظة التي لقي فيها إبن لادن ربه، نشأت حاجة اعلامية الى ملء الفراغ، ولم تنجح محاولات جلب ايران أو سوريا أو حماس الى هذا المقام، وهكذا نشأت فرصة جديدة لمنظمة غير معروفة كي تتبوأ مقدمة كل نشرة اخبار.
إلى متى ستحتل داعش عناوين الاخبار؟ ما بقيت تعرف كيف تحافظ على درجة المشاهدة. ولن يضمن نجاحها سوى استمرار العمل الدائم في اطار اللغة الاعلامية مع إحداث تطوير لتخويفها للغرب كي تجذب الاهتمام اليها وإلا بحثوا عن بديل عنها لأن «العرض يجب أن يستمر».

اسرائيل اليوم

 

حرره: 
م.م