مصادرة سيارات الفلسطينيين

مصادرة سيارات الفلسطينيين

عدد من السيارات التي صادرها الجيش أثناء عملية «عودوا ايها الإخوة» لم تعد لأصحابها
 

جدعون ليفي واليكس ليبك

كان كل شيء تقريبا مباحا في ارض المشاع في تلك الايام. ففي عملية «عودوا أيها الاخوة» التي كانت ممهدة لعملية الجرف الصامد، هاج الجيش الاسرائيلي في الضفة. وداهم الجنود آلاف البيوت تحت جنح الليل واعتقلوا نحوا من 005 ناشط من حماس اكثرهم معتقلون ساسة لم تكن لهم صلة بقتل الفتيان الاسرائيليين الثلاثة. وصادروا أملاكا: فقد صادروا حواسيب احيانا وصادروا اكثر من مرة مالا نقدا، ويتبين الآن أنهم أخذوا سيارات خاصة في اطار محاربة الارهاب بالطبع. إن الجيش الاسرائيلي لم يحسب حسابا قط لاملاك الفلسطينيين وهم يعاودون الآن ايضا مصادرة سيارات خاصة كما فعلوا ذلك كثيرا في ايام الانتفاضة.
توجد مدرسة السيرك في نابلس في مبنى كان ذات مرة «سينما ريفولي» عند مدخل البلدة القديمة، وهي القصبة. ويقع بجانب ريفولي «كفري» وهو معمل حلويات زاهي شوبارو الذي تشتبه اسرائيل به أنه نشيط من حماس. وقد جدد شوبارو هذا الاسبوع مع مجيء الخريف صنع «الكريمبو» في مصنعه الصغير. كانوا يسمون «الكريمبو» ذات مرة في اسرائيل «كوشي» (زنجيا)، ويسمونها في الضفة «راس العبد». ومهما يكن الامر فان آلات شابارو صبت في هذا الاسبوع الكريما البيضاء فوق البسكويت البني، وغطتها بالشوكولاتة. وكان ولد يلف كل حبة بغلاف ذهبي. وقامت رائحتها في الهواء وسُمعت جيدا أصوات الآلات التي تم تعطيلها في أشهر الصيف.
إن صانع «الكريمبو» من نابلس في الـ 75 من عمره، وملابسه مبقعة بالشوكولاتة، وقد احتجز مرات كثيرة على مر السنين على يد اسرائيل وعلى يد السلطة الفلسطينية ايضا فترات قصيرة على نحو عام. واعتقل إبنه البكر معن أكثر من مرة وفي عملية «عودوا أيها الاخوة» ايضا. وأطلق سراح معن منذ ذلك الحين، وفي 41 حزيران في الثانية بعد منتصف الليل جاء الجنود الى بيتهم في المدينة. وداهم عشرات الجنود مبنى العائلة الموسعة وقلبوا البيت مدة ساعتين ووجدوا آخر الامر مفاتيح السيارة التجارية لشوبارو وهي من طراز «بيجو بارتنر» 2102. «سنأخذ السيارة»، قال أحد الجنود بعد أن شاور شخصا ما بالهاتف، وأخذوا منه هاتفه المحمول بالطبع ايضا من طراز «غالاكسي إس 3».

وتوجه شوبارو في الغد الى مقر التنسيق والارتباط في حوارة ليطلب أن يعيدوا سيارته إليه، لكنه لا أحد وافق حتى على الاستماع له. وتوجه الى هناك ثلاث مرات أو اربع لكن عبثا. واستأجر شوبارو آخر الامر محاميا اسرائيليا فاوض في اعادة السيارة فانتهى التفاوض الى أفضل حال إذ تم ارغام شوبارو على أن يدفع 51 ألف شيكل للافراج عن سيارته. وبعد 43 يوم مصادرة سافر الى أريحا حيث حصل على السيارة في حال جيدة. والآن يوزع معن راس العبد بين حوانيت نابلس في سيارة أُعيدت الى مالكها.
تعرف محققة «بتسيلم» في منطقة نابلس، سلمى دبعي، اربع حالات مشابهة اخرى لمصادرة سيارات في عملية «عودوا أيها الاخوة» في نابلس، فقد صادروا لابراهيم صباح من قرية عوريف حافلته الصغيرة التي كان ينقل فيها طلابا الى المدرسة، وأُعيدت بعد أن دفع مالكها ايضا 51 ألف شيكل، وليس واضحا لماذا. وعرف المحقق في منطقة طولكرم عبد الكريم سعدي حالة اخرى لمصادرة سيارة لم تُعد الى اليوم في سيدا شمال طولكرم وقد سافرنا الى هناك.
كان أكثر سكان سيدا يؤيدون الجهاد الاسلامي الى أن قتل أكثر نشطاء المنظمة أو اعتقلوا. ويعتبر بيت عائلة أشقر من بيوت الجهاد ايضا. وقد أطلقت النار على أحد أبناء العائلة محمد فمات من مسافة قصيرة على أيدي سجانين في سجن كتسيعوت في 7002 قبل اطلاق سراحه من السجن ببضعة ايام. واضطرت اسرائيل الى أن تدفع الى العائلة مال تعويض كثيرا. وقد جئنا الى الابن الآخر لؤي في صيف 7002، وكان ملازما آنذاك لكرسي عجل وكان جزء جسمه الاسفل مشلولا بسبب تعذيب «الشباك». «يجب علينا أن نمرنك بعض التمرين الرياضي»، قال له آنذاك أحد المحققين قبل أن تبدأ اربعة ايام تعذيب قاس، وتقييد وتكبيل أضر بعموده الفقري وجعله حطاما («أنت الآن مشلول وهذا ما وعدناك به». صحيفة «هآرتس»، 51/6/7002). وجئنا هذا الاسبوع الى ذلك البيت في سيدا بسبب سيارة نور شقيق محمد القتيل ولؤي المعاق. وقد تحسن وضع لؤي بصورة جزئية على مر السنين وهو الآن يمشي معتمدا على عكاز واحد. وبقي كما كان – ذا قدرة على الكلام مدهشة، وهو يتكلم العبرية على نحو ممتاز بسبب سنوات سجنه الطويلة، وقبل شهر أطلق سراحه من اعتقاله الاخير، وحينما صادروا سيارة نور كان ما يزال في السجن.
إن نور ابن الـ 72 وهو صاحب محل تصليح اطارات ويعمل في غسل السيارات، لم يعتقل قط بخلاف شقيقيه. وفي 22 حزيران في الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف الليل جاء الجنود الى بيت العائلة وطلبوا أن يروا نور. وقلبوا بيته فوجدوا 3220 شيكل صادروها فورا، وهم يعدون الأوراق النقدية أمام عدسات تصويرهم. وبعد ذلك قال له الجنود إنه يجب أن يصادروا سيارته لأنهم لم يجدوا مالا آخر في البيت. ويقول نور إن الجنود لم يُظهروا له أي أمر أو وثيقة اخرى تبيح لهم فعل ذلك.
وأمره الجنود بأن يقود سيارته الى مركز الشرطة في قرية برطعة، في الجزء الاسرائيلي من القرية المقسمة، وقالوا له إنه سيضطر الى العودة الى بيته من هناك في سيارة أجرة، لكنه ذكّر الجنود بأنهم صادروا ماله كله منذ وقت قريب فأمروه بأن يأخذ مالا من أبيه. وصاحبه عدد من السيارات العسكرية وسيارة شرطة واحدة من الامام والخلف في رحلته الليلية القسرية الهاذية الى اسرائيل بعد أن اجتازوا حاجز زيتا، وحينما وصلوا مركز الشرطة في برطعة فحصت السيارة وأُخذ نور بعد ذلك من المركز الى الحاجز وتُرك وحده هناك في منتصف الليل.
ومضى في الغد الى مقر التنسيق والارتباط شاعر افرايم محاولا الحصول على سيارته من طراز «بيجو 601» 8991، لكنه طرد من هناك مُهانا، وبعد عدة محاولات توجه هو ايضا الى محام اسرائيلي ليحاول تخليص سيارته. وأبلغت السلطات المحامي أنه يجب عليه أن يوجِد أمر مصادرة كي يثبت أن سيارته قد صودرت حقا. ويقول نور إن الجنود لم يعطوه أي تصريح كذلك. ومرت ثلاثة اشهر تقريبا ولم تُعد السيارة.
جاء عن منسق اعمال الحكومة في المناطق إن ذلك الامر ليس من مسؤوليتهم وينبغي التوجه الى رد متحدث الجيش الاسرائيلي.
وجاء عن متحدث الجيش الاسرائيلي «أن الجيش الاسرائيلي بمشاركة قوات امنية اخرى يحارب اجهزة نقل اموال المنظمات الارهابية باعتبار ذلك جزءا من النضال الذي لا ينقطع لمنظمات ارهاب هي اتحادات غير معترف بها ومنها منظمة حماس. ومن وسائل منع تمويل الارهاب وضع اليد على أملاك استخدمت في تنفيذ الجناية أو حُصل عليها كأجرة تنفيذ الجناية أو هي لاتحاد غير مرخص.
«منذ بداية 2102 احتجزت عشر سيارات لمالكيها صلة باتحادات غير قانونية، ثمانية منها خلال عملية «عودوا ايها الاخوة» وذلك بعد أن تم تلقي معلومات عن حصول مالكيها على اموال للمنظمات الارهابية.
«نذكر أن كل حالة تفحص عنها عدة جهات ومنها ضابط استخبارات ومستشار قانوني وممثل الادارة المدنية، فحصا اختصاصيا، وأُعيدت خمس سيارات الى مالكيها بعد أن تم الاتفاق مع موكليهم على اعادة بعض المال الذي حصلوا عليه من المنظمات الارهابية. وصودرت ثلاث سيارات بسبب المعلومات كما قيل آنفا ونقلت لتستمر السلطات على علاجها».
«لماذا نور خاصة؟»، يسأل الآن أخوه لؤي، «كان من الاكثر منطقا أن يصادروا سيارتي أو سيارة أخي، لكن هل نور؟ ولماذا نور؟ إنه الوحيد الذي لا يشارك في أي شيء». وبعد الافراج عن لؤي من اعتقال اداري آخر ببضعة ايام جاء رجل «الشباك» المسمى «سيف» الى معمله للالمنيوم. وسأله لؤي عن سيارة بيجو نور فوعد سيف بالفحص، لكنه لم يسمع منه شيئا منذ ذلك الحين. ويقول لؤي إنهم ما زالوا ينتظرون: «نحن ننتظر جواب لصوص».

هآرتس 

جدعون ليفي واليكس ليبك

حرره: 
م.م