الجمود قد يُسخن غزة

غزة

بقلم: عاموس هرئيل

تحدثت صحيفة «القدس العربي» هذا الاسبوع عن وفد مصري رفيع المستوى يتنقل في الايام الاخيرة بين رام الله والقدس. ولا يجب أن نجهد أنفسنا في تخمين ما يفعله المصريون هنا، فهو محاولة التقريب في وجهات النظر بين مصر واسرائيل والسلطة الفلسطينية وحماس لمنع اشتعال النار مجددا في قطاع غزة. ويبدو الآن أنه ما زال من الممكن صد خطر أن يعود العنف فينفجر في نهاية الشهر الحالي. لكن الجمود شبه المطلق في جهود تعمير القطاع واستصعاب أن تعرض حماس ولو انجازا حقيقيا واحدا نتاج القتال، يزيدان في خطر تجدده.
على حسب اتفاق الهدنة الذي أملته مصر في نهاية آب، يفترض أن يُجدد التفاوض بين الطرفين في القاهرة في حوالي الـ 25 من أيلول بغية التوصل الى تسوية بعيدة المدى. وتبث حماس في الايام الاخيرة رسائل متناقضة فتتحدث تحذيرات منسوبة الى ذراع المنظمة العسكرية عن معاودة القتال اذا لم تُستجب مطالب المنظمة. وبدا موسى أبو مرزوق وهو من كبار قادة المكتب السياسي لحماس الموجود في القاهرة، بدا أكثر تحفظا وقال إنه ينبغي أولا الفحص عن امكان التقدم في المحادثات.
وكما أبلغت صحيفة «هآرتس» يوصي المختصون في جهاز الامن الاسرائيلي المستوى السياسي باظهار سخاء في التخفيف عن غزة عن فكرة أن بدء اصلاح الاضرار التي سُببت في القطاع ضروري لمنع تجديد اطلاق النار. ويتحدثون في الجيش الاسرائيلي وفي مكتب منسق الاعمال في المناطق فيما يتحدثون فيه، عن تسهيلات كبيرة اخرى على التنقل في المعابر (حيث سيُزاد أصلا انتقال السلع)، وتوسيع مناطق الصيد وخطوات اخرى. ويبدو أن رئيس الوزراء ووزير الدفاع ايضا عالمان بضرورة ذلك، لكن يبدو هنا فخ سياسي مرة اخرى لأن حماس ستعرض تسهيلات اخرى على أنها تنازلات فرضتها قوة الذراع على اسرائيل كي تُسوغ لاعضاء المنظمة أنفسهم امتناعها عن الاستمرار على القتال. ويخشى نتنياهو ويعلون في مقابل ذلك أن يُريا أنهما استسلما لضغوط حماس وبين أيدي ذلك الانتقاد في الداخل، من اليمين.
نشأ في اسرائيل جدل يتعلق بنوايا الغزيين المباشرة. وزعم شخص سياسي رفيع المستوى هذا الاسبوع في حديث مع مراسلين سياسيين أن حماس جددت حفر الانفاق وصنع القذائف الصاروخية بعد الهدنة بوقت قصير، وأنكرت مصادر امنية ذلك بقوة، وهذا اشتعال آخر في الجبهة بين يعلون ووزير الخارجية افيغدور ليبرمان التي كانت قد اشتعلت وقت الحرب في القطاع.
أجرت حماس قبل بضعة ايام في غزة مسيرة اخرى من مسيرات نصرها القسرية غطتها «الجزيرة» تغطية مؤيدة. وبثت شبكة التلفاز القطرية فيلما ظهر فيه عدد من الملثمين مع مجارف في داخل نفق. فهل هذه أنفاق هجومية عادت للعمل أم هي فقط جهود للبحث عن جثث تحت الانقاض التي خلفتها اسرائيل؟ يجب أن نأمل ألا تكون وزارة الخارجية معتمدة في استنتاجاتها الاستخبارية على أفلام في «الجزيرة» فقط. ومن جهة اخرى يعترفون حتى في جهاز الامن بأنه ربما بقي عدد من الانفاق الهجومية التي حفر مسارها بصورة جزئية ولم تنجح اسرائيل في الكشف عنها وقت الحرب.
وفي هذا الوقت، المشروع الضخم المخطط له لتعمير غزة واقف لا يتحرك. فالسلطة الفلسطينية تنشر تقديرات تُدير الرؤوس عن الاموال المطلوبة لاصلاح الضرر الاسرائيلي في القطاع (يقول الساخرون إن ذلك كي يمكن سرقة نصف المبلغ). والجهة الوحيدة التي تحول مساعدة الى غزة هي وكالة غوث اللاجئين التي تنجح بجهد كبير في مساعدة مئات آلاف الغزيين الذين بقوا بلا مأوى. لكن بناء البيوت مجددا يطول وقته، وبحسب هذا الايقاع ستبقى المخيمات المؤقتة التي أُسكن فيها اللاجئون الجدد في القطاع وقتا طويلا في الشتاء.
إن إزالة سِداد القارورة متعلق تعلقا كبيرا بالسلطة الفلسطينية. وتصر مصر والسلطة الفلسطينية على وجود معزز لاجهزة الامن من الضفة في القطاع – معبر رفح، وتصران ايضا على شغل الجانب الفلسطيني من ممر فيلادلفيا على الحدود المصرية في رفح والعودة الى خط المواقع العسكرية على الحدود مع اسرائيل. ويدرك رئيس السلطة محمود عباس عظم التحدي. وسيكون هذا الاجراء مقرونا بمواجهة على قدر ما من القوة مع حماس. وعباس في هذا الوقت يعرض خطا متشددا وهو يكرر في الايام الاخيرة طلب «سلطة واحدة وسلاح واحد» – أي إخضاع رجال حماس لاجهزته في القطاع. وما زال يبدو بين يدي ذلك غضب الرئيس بسبب ما كشفت له اسرائيل عنه وهو خطة حماس المخبوءة للسيطرة على الضفة التي يعرضها «الشباك» وتعرضها السلطة على أنها تهديد شبه مباشر أُحبط. ويقولون في حماس إن عباس عاد الى هذه القضية مرة بعد اخرى في محادثاته الشديدة مع قادة المنظمة قبيل اعلان الهدنة.

هآرتس 

 

حرره: 
م.م