هكذا فر قاتلو الفتيان الثلاثة

بقلم: حاييم لفنسون

تدل لوائح الاتهام التي قدمت في الاسبوع الماضي الى المحكمة العسكرية في معسكر عوفر على أن مروان القواسمي وعمار أبو عيشة المتهمين بخطف وقتل الفتيان الثلاثة في 12 حزيران، نجحا في تغيير اماكن الاختباء وفي أن يناما ليلة في العراء، بعد الخطف بخمسة ايام، دون أن تلاحظهما قوات الجيش الكبيرة التي انتشرت في المدينة.

وما زال الجيش الاسرائيلي والشباك يبحثان عن القواسمي وأبو عيشة اليوم (الاحد)، بعد الخطف بشهرين ونصف. وتُعرف قيادة الوسط اعتقالهما بأنه «الهدف الاول»، للرغبة في محاكمتهما وللخشية من أن ينفذا عملية اخرى في الوقت القريب.

تُبين لائحة اتهام قدمت في هذه القضية كيف نجح الاثنان بعد ليلة الاختطاف في 12 حزيران في الهرب من الشباك والجيش الاسرائيلي، ومع ذلك اعتقل عدد من المشاركين في الاختطاف والقتل وحوكموا في المحكمة العسكرية، ويمكن أن نستدل من الاجراءات عليهم التي تتم بأبواب مفتوحة على سير الامور بعد الخطف ووقت البحث عن الفتيان والخاطفين. اذا كان الخاطفان قد وصفا في البداية بأنهما مهنيان لا يتركان آثارا، فان التحقيق يدل على أنها كانت خلية هاوية اخطأت أخطاءً كثيرة. وبسبب ذلك على الخصوص يزداد سؤال كيف نجحا في الفرار من الجيش الاسرائيلي والشباك، حدة، برغم الموارد الضخمة التي أعطيت في البحث عنهما.

عقب اعتقال حسام القواسمي المشتبه فيه أنه نظم خلية الخطف وأنفق عليها بواسطة أخيه الذي سُرح بصفقة شليط وطرد الى غزة، عرفوا في جهاز الامن أن الخلية كانت تنوي مسبقا أن تقتل المخطوفين. وقد اشتريت من اجل ذلك قبل ذلك قطعة ارض وسجلت باسم حسام.

لكن الشيء الذي أعدته الخلية اعدادا غير منظم هو مكان اختباء لها هي نفسها. فقد استمر حسام على حياته كالمعتاد وحاول مروان أن يستعد مسبقا والتقى قبل الخطف أحد المساعدين وقال له إنه هو وصديقا لا يمكن أن يكشف عن هويته مطلوبان للسلطة الفلسطينية، ونجح مروان في اقناع ذلك الرجل بأن يُعد لهما مكان اختباء وهو بئر صرف صحي على عمق 2.5 متر وسعتها كذلك ايضا في قطعة حقل في محافظة الخليل.

قبل الخطف أبلغ مروان المساعد أنه سيأتي بعد يومين الى مكان الاختباء في ساعة من الليل. وفي الصباح الذي تلا الخطف، في الساعة الخامسة صباحا، تلقى المساعد رسالة من شخص آخر تقول إن أبو عيشة جاء إليه ليدخل مكان الاختباء. فضم المساعد أبو عيشة إليه الذي كان يلبس كوفية وقميصا ومعطفا وبنطال جينز وكان يحمل حقيبتين لاحظ المساعد مسدسا في احداهما. وقال له أبو عيشة إن معه تمرا ليأكله.

وفي التاسعة صباحا حينما بدأوا في الجيش الاسرائيلي يدركون أن الفتيان الثلاثة اختطفوا جاء مروان ايضا الى المساعد فقال له المساعد إنه مشغول الآن وسينقله في المساء الى مكان الاختباء. وفي الثامنة مساءا نقل المساعد مروان وأنزله الى البئر ايضا. وغطي مكان الاختباء بالتراب للتعمية على كل اشارة الى وجود ناس فيه. ومكّن انبوب تنفس الاثنين من التنفس.

تدل الساعة المتأخرة التي جاء فيها مروان الى مكان الاختباء على نشاط ليلي للاثنين قبل اختبائهما. ويقوي تحليل الامور متأخرا تخمين أنه لو لوحظ الاختطاف كما ينبغي بالمكالمة الهاتفية للمخطوف غيل عاد شاعر الى مركز شرطة شاي، لأفضت عملية احباط سريعة في تلك الليلة نفسها الى العثور على الخاطفين والجثث دون ادخال المنطقة في زعزعة.

وبعد أن عرف المساعد بأمر الاختطاف من الاخبار استمر على زيارة القاتلين وكان يُحدثهما بانبوب الهواء، وقال له الاثنان انهما نفذا العملية. وفي يوم الثلاثاء، بعد العملية بخمسة ايام، طلبا الخروج من البئر وقالا إنه لم يكن في ذلك المكان ما يكفي من الهواء وأخرجهما المساعد وسافر الى مطعم كي يجلب لهما طعاما وشرابا. وقضيا الليل نائمين تحت سروة في العراء. وفي الغد حينما جاء المساعد مرة اخرى ليعطيهما ماءا لم يكونا هناك.

وفي ذلك الوقت استُدعي الى الخليل ألفا مقاتل من الجيش الاسرائيلي: ثلاث كتائب من لواء المظليين وكتيبة من لواء كفير ومقاتلون من وحدات خاصة. وقد استُدعي مع النشاط في الخليل آلاف من المقاتلين آخرون الى مدن اخرى في الضفة لعملية على حماس. وفي تلك الليلة اعتقل خمسة ممن أفرج عنهم بصفقة شليط. لكن كل المراقبات والمعلومات الاستخبارية والقوات الميدانية لم يلاحظوا المطلوبين النائمين تحت السروة. والفرض اليوم أن القواسمي وأبو عيشة ما زالا موجودين في منطقة الخليل مسلحين ويائسين.

وفي ذلك الوقت استمر حسام القواسمي المشتبه فيه بتنظيم الاختطاف على عمله كالمعتاد، وفي 30 حزيران فقط حينما وجد مرشد رحلات جثث الفتيان الثلاثة أدرك حسام أنه في مشكلة لأن قطعة الارض التي وجدوا فيها مسجلة باسمه. وعرف حسام أنهم سيصلون اليه سريعا فاختفى. وحاول قبل ذلك أن يطمس آثارا وأن ينقل الى القاتلين رسالة ألا يبلغا عنه في تحقيق «الشباك».

وفاجأه أن سمع أن الاثنين غادرا المخبأ. وبعد ذلك اتصل بشخص آخر للمشورة، فاستقر الرأي على تهريبه الى سيناء ومن هناك الى المجهول. وحصل حسام على بطاقات هوية مزورة. وتقرر في الغد التخلي عن خطة التهريب الى سيناء ومحاولة اجتياز الحدود الى الاردن، في حين كانت الاستعدادات تتقدم حلق حسام لحيته التي كان قد أعفاها مدة 15 سنة واختبأ في بيت أم الصديق الذي شاوره في أمر الهرب.

كانت الشقة التي اختبأ فيها حسام حارة فاتصل بأخيه ليأتيه بمروحة. وبعد ذلك في اليوم نفسه شعر بالاختناق فطلب أن ينقلوه في أنحاء المدينة في نزهة للتنفس. واستقر رأيه في الغد على أنه يجدر السفر الى أريحا والاقتراب من حدود الاردن، وخرج هو وصديقه في سيارتين؛ تحقق المسافرون في سيارة من أنه لا توجد قوات من الجيش والشرطة في المنطقة، وكان حسام يركب في الخلف مع ثلاثة اولاد للتغطية على هدف السفر. ووصل أريحا وانتظر ليجتاز الى الاردن. حصل الشخص الذي نظم عملية تهريب حسام على 20 ألف دولار نقدا، وبعد بضعة ايام أبلغ الرجل حسام أنه يجب عليه أن يغادر أريحا. وسافرا ليتناولا الطعام في مطعم ومن هناك الى قرية عناتا قرب القدس، وفي 11 تموز داهم مقاتلون من الوحدة الشرطية الخاصة البيت في القرية واعتقلوا حسام. وفي 5 آب أبلغت الدولة المحكمة العليا أن حسام القواسمي اعتقل وأنه خطط لعملية الاختطاف وحصل على نفقة لها. فهُدم بيته وبيتا أبو عيشة ومروان القواسمي ايضا. ويجب أن تُقدم لائحة الاتهام لحسام في الايام القريبة.

 

حرره: 
ا.ش