السيسي شريك لا صديق

عبد الفتاح السيسي

بقلم: سمدار بيري

ما الذي نعرفه حقا عن رئيس مصر عبد الفتاح السيسي؟ إن طوفان الكلام الذي أغرقنا في عملية الجرف الصامد أعلن أن السيسي في ملعب الأخيار وجعله في رأس قائمة اصدقاء اسرائيل، في مكان أعلى كثيرا من الرئيس اوباما.
وقد بالغوا عندنا كثيرا حتى إن رساما كاريكاتوريا من معسكر الأشرار صور السيسي ملتفا بعلم اسرائيل، مهاتفا بالهاتف الاحمر مكتب نتنياهو في القدس كي يتلقى منه توجيهات الى مفاوضة وفد حماس.
ويُصور مُحادثون من مصر صورة اخرى للسيسي. فهو محصور العناية في هدف. وقضية غزة هي موضوع واحد فقط في قائمة المواضيع الساخنة على طاولته. وهو يعلم أن الوقت في غير مصلحته، فعنده سنتان ليعرض على مصر انجازات ولا سيما اقتصادية، وليُقر في مصر ترتيبا أمنيا جديدا. لكن السيسي ليس صديق أحد بل بالعكس، فمنذ اللحظة التي دخل فيها قصر الرئاسة أصبح يتصرف بارتياب يميز الحكام الذين يعتمدون على أنفسهم فقط. فهناك الكثير جدا من الأعداء، والكثير جدا ممن يبغون الشر له، والكثير جدا من المشكلات التي قد تورطه.
يعرف السيسي جيدا بحملات الاقناع التي قام بها مبعوثون اسرائيليون رسميون الى واشنطن كي يُبينوا لادارة اوباما أنه حان الوقت لنسيان إسلاميي مصر وللتغاضي للسيسي عن عزله سلفه مرسي. ولا خلاف في أن النشاط الاسرائيلي أسهم في تجديد المساعدة العسكرية لمصر وادراك اوباما أن مصر تستحق أن تعود الى دور لاعبة مركزية. وحينما لم ننجح في إبطال ميل البيت الابيض العجيب الى الالتزام بورقة اللعب القطرية والتركية، فعل التعاون الاسرائيلي المصري فعله.
يعرف السيسي معرفة عميقة من عمله السابق رئيسا للاستخبارات العسكرية، أمر الانفاق في غزة. وقد أعلن الحرب عليها قبلنا (يزعم المصريون أنهم دمروا 1630 نفقا)، ولا يهاتف الجيش المصري ولا يطلق صواريخ تحذير.
للسيسي تصفية حساب مع حماس وحركة الاخوان المسلمين. وحينما ضموه الى المجلس العسكري الأعلى الذي أدار مصر بعد عزل مبارك فورا تلقى هو خاصة، ولم يكن ذلك بالصدفة، عمل الاتصال بالاسلاميين. فكل ما كان يعرفه عنهم وعن العلاقة بين الاسلام المتطرف والعمليات الارهابية أفضى به الى مطاردة رؤساء حركة الاخوان والى القعود في كرسي الرئيس كي يُسير مصر في مسار سليم العقل.
لكن كل ذلك لا يعني أن السيسي صديق اسرائيل. إن السيسي شريك. والذي يعتقده في خالد مشعل وفي الاذرع العسكرية في غزة اسوأ مما يعتقدونه عندنا. ويقولون لي إنه في الغرف المغلقة في مقر المخابرات في القاهرة، الفريق المصري أشد على حماس من الفريق الاسرائيلي.
ليست للسيسي خطط ليرقص على أنغام أي أحد بل عنده قائمة مصالح. وهو غارق الآن في مشروعه الطموح وهو انشاء قناة السويس الثانية. وقد التزم بأن يوجد مليون مكان عمل جديد للعاطلين في مصر، وعنده مشكلة هي مشكلة مليوني عامل يهربون الآن من ليبيا دون تأمين مصدر رزق. ويجب عليه أن يواجه مؤامرة عدد من الدول الافريقية لتحويل منابع مياه النيل. وما زال الاخوان المسلمون يترصدون له لاسقاطه.
ما زال الرأس المصري غير مستعد لتحول حقيقي معنا اذا استثنينا الموضوع المُركز وهو تسوية الهدنة في غزة. وسنرى هل يقترحون توسيع المشروع الاقتصادي الزاهر لـ «كويز» (صناعات النسيج المشتركة التي يتم التقليل من اظهارها وتُدخل ملايين). وسنرى هل ترسل مصر الى هنا سفيرا جديدا. وسنرى هل يحصل اسرائيليون على تأشيرات دخول الى مصر وهل يأتي مصريون الى اسرائيل. ولا يوجد حديث ألبتة عن زيارة ظاهرة لمسؤول مهم اسرائيلي. إن الشريك المصري يُجري علاقات بالهاتف. والتنسيق حميم ووثيق وهناك لغة مشتركة لكننا لم ننجح بعد في حل لغز السيسي.

يديعوت 

 

حرره: 
م.م
كلمات دلالية: