بالصور: في غزة .. أحلام عائلة مُلقاة على قارعة الطريق

سعيد قديح
(خاص) زمن برس، فلسطين: لليلةٍ جديدة، سيفترشون الأرض، ويلتحفون السماء، ويكتشفون أن الحياة ليست بتلك البساطة التي علّمتهم اياها أفلامُ الكارتون، سيفهمون أن الأحلام في بلادهم لا تتحقق إلا بثمن، سُيدركون كذب كل الأفواه التي أخذت تقول لهم ان الطريق قصير، ستصلون عما قريب.
على أمل أن يرضعوا يومًا الأمل، يبقى هذا الاختصار غير الطبيعي لحياة أطفال عائلة اسماعيل الطويل ( 35 عاما )، فقبل خمس ليالي لم يكن أمامهم سبيلٌ سوى مغادرة بيتٍ صغير بالقوة، كانوا مستورين تحت سقفه يدفعون أجرته الشهرية بما تيسر، وفي اللحظة التي عجز فيها الأب عن دفعها، ما كان من صاحب البيت إلا طردهم خارجه دون ترك فرصة لهم لتوفير شيء وفق ما يقوله اسماعيل.
زارت زمن برس المكان الذي اضطرت العائلة لاتخاذه منامًا ومرتعًا لأمتعتها، كانت قارعةُ شارع حي الصفطاوي شمال مدينة غزة، يصف اسماعيل حال عائلته بالقول:" نفسية أولادي صعبة جدًا، لا أفهم لمَّ عليهم أن يتحملوا كل هذه المعاناة وهم لم يفهموا بعد معنى الحياة". يخاطب المعنيين متسائلًا:" مَن يرضى هذا على أولاده، أترضونه لي ولأولادي ؟".
كان « اسماعيل» قبل هذه الحال عاملًا يقتاتُ من بيعه لخضرواتٍ وفاكهة في أسواق المدينة، وكان جُل ما يدخره للشهر لا يتعدى أجرة البيت التي تتجاوز قليلًا الـ 100 دولار أمريكي، إلى أن أنقطع به الحال، وبات يعاني من مشاكل نفسية وفق قوله.
زوجته نسرين ( 36 عاما ) لها موقفٌ هي الأخرى مما يحدث لعائلتها، تضم بين ذراعيها أصغر أطفالها قائلةً لزمن برس :" نحن نعيش مأساة بوجودنا هنا متروكين على قارعة الطريق، حيث لا اهتمام ولا استجابة". وتتابع:" لو كان لزوجي وظيفة ولو بسيطة يستطيع أن يدخر شيء منها لما كان كل هذا لنا أن يحدث".
تلمس بكف يدها رأس الابن الأوسط وتضيف قائلة:" كان وقتها قد مضى على تسجيل الطفل في الروضة شهران، لم نستطع بعدها دفع رسوم تعليمه، فاضطررنا لتوقيفه عن الذهاب إليها، وتأجيل ذلك إلى أن تتحسن ظروفنا، ولم تتحسن بعد".
ومع هذه الصعوبة التي تواجه العائلة في العيش تضطر في كثير من الأحيان إلى دق أبواب المؤسسات، يعود اسماعيل قائلًا:" وعدونا بكثير من المساعدات التي ستغيّر وضع العائلة إلا أن شيئًا من هذا القبيل لم يحدث، فبقينا نتجرع ألم العوز والفقر إلى أن وصلنا لهذه الحالة".
ويأمل رب العائلة أن يزوره المعنيون والمؤسسات وتطلع على ما حدث لهم الأيام الماضية، وتعمل على توفير مأوى مناسب للأولاد، ومصدر دخل ثابت يستطيع معه أن يقف على قدميه من جديد، لتحقيق أحلام عائلته.
أثناء حديثنا إلى العائلة، يقاطعنا رجل أربعيني طالبًا من اسماعيل ازاحة أمتعته من أمام قطعة أرض تعود للرجل مقابل قارعة الطريق، وينصرف، يقول اسماعيل:" كما رأيت، لا أحد يتحملنا، حتى على قارعة الطريق".