كفى تملقاً لتل أبيب

أوباما

 

بقلم: جدعون ليفي

اذا كان العالم موجودا فليظهر فورا. بيد أن الشعور الآن هو الشعور بنهاية المشاركة الدولية. فقد تكمش الامريكيون ويئس الاوروبيون وأصبح الاسرائيليون في ابتهاج والفلسطينيون ضائعين. ومن آن لآخر يظهر بابا ما أو وزير خارجية (زارنا النرويجي هنا في الاسبوع الماضي)، فيدفع ضريبة كلامية ضعيفة مؤيدا السلام ومعارضا الارهاب والاستيطان، ثم يغيب كما جاء. وينتهي الامر ويحل المهرج محل الملك.
لكن هذا التلاشي ايضا هو قول وعدم الفعل فعل، فهم يدعون الصراع لتنهد الفلسطينيين ويدعون الاحتلال في يد اسرائيل – التي يغلب على الظن أن تؤبده وتقويه أكثر. ولهذا فان تكمش العالم غير مقبول فليس له خيار أن يدع الوضع الراهن كما هو حتى لو كان ذلك هوى نفس اسرائيل الحقيقي. فالوضع القائم غير مقبول في القرن الواحد والعشرين. إنه يسهل أن نتفهم الولايات المتحدة لأنها يئست، ويسهل أن نتفهم تعب اوروبا ايضا. لكن كم يمكن بعد السير في نفس الطريق، وكم يمكن اثارة نفس الاقتراحات العقيمة على مسامع آذان صماء.
بعد انتعاش قصير من الاخفاق الامريكي حان الوقت اذا لطريق جديد لم يُجرب قط. يجب أن يتغير الخطاب وسبل العمل ايضا فيكون خطاب حقوق المواطن وسبل عمل عقاب. فالطريقة السابقة اشتملت على تملق اسرائيل بأن أُعطيت جزرة بعد اخرى لارضائها، ومني ذلك بفشل ذريع. وحفزت هذه الطريق اسرائيل الى تعزيز سياسة سلبها. ومني الخطاب ايضا بفشل مدوٍ فقد لفظ حل الدولتين أنفاسه. حاول العالم أن يحققه بطريقة دمثة، وتلت خطة خطة وكانت متشابهة تشابها عجيبا من خطة روجرز الى رحلات جون كيري، وظلت كلها يعلوها الغبار في الدرج. فقد قالت اسرائيل لا دائما ولم تتغير سوى ذرائعها وشروطها فمرة وقف الارهاب واخرى اعتراف بدولة يهودية. وفي خلال ذلك ضوعفت المستوطنات ثلاث مرات أو أربعا، وزادت قسوة الاحتلال قوة الى أن أصبح الجنود يطلقون النار على المتظاهرين عبثا بسبب الملل.
لا يستطيع العالم أن يساعد على ذلك. ولم يعد يوجد مكان في القرن الحالي لوجود شعب بلا حقوق تحت حكم دولة تدعي أنها عضو دائمة في العالم الحر. لا يؤخذ في الحساب ببساطة، أن يظل ملايين الفلسطينيين يعيشون في هذه الظروف؛ ولا يؤخذ في الحساب أن تستمر دولة ديمقراطية على الاستبداد بهم؛ ولا يؤخذ في الحساب أن يتنحى العالم جانبا.
يجب أن يتحول خطاب الدولتين منذ الآن الى خطاب الحقوق: فيا أيها الاسرائيليون الأعزاء هل تريدون احتلالا ومستوطنات – هنيئا مريئا. إبقوا في يتسهار وثبتوا أقدامكم في حضن الجبل وابنوا كما تشتهون في ايتمار. لكن لا يمكن ألا تمنحوا الفلسطينيين الذين يُساكنونكم حقوقا كاملة مثل حقوقكم بالضبط. فليكن حق مساوٍ للجميع وانسان واحد وصوت واحد. هكذا يجب أن يكون الخطاب الدولي. فماذا ستقول اسرائيل بازاء هذا الخطاب الجديد؟ لماذا لا توجد حقوق متساوية – هل لأن اليهود مُختارون؟ هل لأن ذلك يعرض الأمن للخطر؟ ستنفد سريعا الذرائع وتظهر الحقيقة العارية وهي أن الحق في هذه الارض محفوظ لليهود فقط. ولن يمكن السكوت على مثل هذا الخطاب.
وفي مقابل ذلك يجب تغيير معاملة اسرائيل لأنه ما لم تدفع ثمن الاحتلال وما لم يعاقب مواطنوها عليه فلن يبعثهم أي سبب على إنهائه أو شغل أنفسهم به أصلا. إن الاحتلال مطمور عميقا في الخزانة الاسرائيلية ولا يوجد من يُخرجه، وتريد الاكثرية الاستمرار على اخفائه ولهذا فلن يُذكر بوجوده سوى العقاب. اجل لتكن مقاطعات وعقوبات هي أفضل كثيرا من سفك الدم. وهذه هي الحقيقة وإن تكن مُرة ايضا. إن امريكا واوروبا دارتا ما يكفي حول اسرائيل ومن المؤسف جدا أن ذلك لم يدفع أي شيء الى الأمام. فيجب على العالم من الآن أن يتكلم بلغة اخرى فربما تُفهم. وقد برهنت اسرائيل أكثر من مرة في ماضيها على أن لغة القوة والعقاب هي لغتها المعتادة.

هآرتس 

 

حرره: 
م.م