حكومة في سلطة الارهاب

عباس وهنية

"الحكومة التي ستشارك فيها حماس إرهابية فكيف توافق الولايات المتحدة على التعامل معها"

بقلم: زلمان شوفال

تأتي من واشنطن اخبار غير مؤكدة بأن الولايات المتحدة تنوي الاعتراف بحكومة الوحدة الفلسطينية عندما تنشأ حتى لو لم تقبل حماس شروط الرباعية الدولية، أي الاعتراف بدولة اسرائيل والالتزام بالاتفاقات السابقة بين م.ت.ف (أو السلطة الفلسطينية) واسرائيل.
وسيكون الاحتجاج الرسمي بأن الحديث عن حكومة «تكنوقراط» – أمراء – لا ساسة. واذا لم تكن الدعوى المذكورة آنفا مقنعة بالضبط فذاك بسبب حقيقة أن نصف الوزراء في هذه الحكومة ستعينهم حماس وهي منظمة عرفتها الولايات المتحدة نفسها بأنها منظمة ارهاب. وستكون النتيجة العملية لذلك أن تصبح واشنطن بمقتضى الحقيقة، محادثة لحكومة ارهابية.
لا نعلم في هذه المرحلة من سيكون «الخبراء» (خبراء بماذا؟) هؤلاء، لكن ينبغي أن نفرض أنهم لن يتجاهلوا النهج الذي ستمليه حماس عليهم كما طلبت اسرائيل ذات مرة ألا يشمل الوفد الفلسطيني الى مؤتمر مدريد ممثلين رسميين من م.ت.ف ـ ووافقت الولايات المتحدة لكنها تعامت عن أن هؤلاء الممثلين كانوا يتلقون أمرا يوميا من مقر م.ت.ف في تونس.
واستقر رأي اسرائيل هذه المرة على ألا تشارك في العاب «يُخيل إلي» هذه وتوقعت أن تلتزم الولايات المتحدة بموقف مشابه. لكن يبدو كما قلنا آنفا بحسب التوجهات التي تلوح في واشنطن أن توقعات القدس في هذا الشأن ستنقلب خائبة.
«لماذا تصر اسرائيل جدا على رفض حماس؟»، هذا ما سيسأله البعض، «فلم يكن يجوز محادثة م.ت.ف ايضا ذات مرة واصبحت الآن محادثة في كل شأن وأمر». وهذا صحيح لكن م.ت.ف وفتح قبلتا نحو الخارج على الاقل قواعد والتزامات ما ولا سيما في مسألة الارهاب والعنف، وعلى أثر ذلك أُسقطت القيود عنهما. أما حماس في مقابل ذلك فلم تتخلَ قط عن نهج الارهاب، واذا كانت قد اقترحت هدنة بين وقت وآخر أو وافقت على وقف اطلاق نار مؤقت مع اسرائيل فقد فعلت ذلك فقط على أثر الضربات التي أنزلها الجيش الاسرائيلي أو كان يوشك أن ينزلها على رأسها.
هذا الى أن اسرائيل قد أصرت في مؤتمر واي في 1998 على وجوب أن يلغي الفلسطينيون مواد «الميثاق الوطني الفلسطيني» التي ترفض وجود دولة اسرائيل وحقيقة كون اليهود شعبا كي تُعطى التزامات الفلسطينيين المختلفة في مجال السلام القدر الادنى من الثقة بها على الأقل. واقتنع الرئيس كلينتون بعدالة المطلب الاسرائيلي فتم الغاء المواد المذكورة في ظاهر الامر على الاقل.
كانت اسرائيل تتوقع اليوم من الرئيس اوباما أن يتابع سلفه في المنصب وأن يطلب ألا تقبل حماس فقط شروط الرباعية بل أن تلغي الميثاق الجهادي المشحون بالعبارات المعادية للسامية التي تدعو الى القضاء على دولة اسرائيل باعتبار ذلك شرطا لكل صلة مباشرة أو غير مباشرة بالحكومة الفلسطينية التي ستنشأ في المستقبل.
لن نكرر هنا كل النظريات التي أثيرت فيما يتعلق بـ «المصالحة» الفلسطينية ولن نشغل أنفسنا ايضا بالشكوك في صدق هذا الاجراء المريب أو قدرته على البقاء، لكن ليس من الممتنع أن يتبين أن أبو مازن وقادة حماس يسعون في هذه المرة الى أكثر من إيهام بوحدة.
من الممكن اذا بيقين أن تصرف الخطوة التي خطوها الابرة الى اتجاه التطرف لا الى اتجاه العنف. فقد بين اشخاص من حماس أنهم ينوون أن يسلكوا سلوك حزب الله في لبنان، أي أن يؤدوا دورا محدودا جدا في الشؤون المدنية والادارية مع الحفاظ على حرية عمل مطلقة بصفة «منظمة مقاومة شعبية». ومعنى ذلك واضح وهو الشرعية السياسية مع الحفاظ على خيار الارهاب.
ويُسأل هل أدركت الولايات المتحدة في عهد اوباما درس اخطاء ادارة جورج بوش حينما ضغط على اسرائيل لتوافق على انتخابات فلسطينية تشارك فيها حماس، ودرس اخطائه هو نفسه في شأن الربيع العربي وتأييده للاخوان المسلمين – كي لا يخطيء الآن مرة اخرى في شأن الحكومة التي تشارك فيها حماس.

اسرائيل اليوم

 

حرره: 
م.م