أوروبا: لا تتدخلي في شؤوننا

إسرائيل ليست دولة أوروبية لحسن الحظ وعلى الأوروبيين أن يتخلوا عن سياسة الانتقادات المتوالية
غي بخور
في 18 ايلول سيصوت سكان اسكتلندا على اقامة دولة مستقلة والانفصال عن بريطانيا. في 9 تشرين الثاني سيصوت سكان اقليم كتالونيا، وعاصمته برشلونه، على الاستقلال عن اسبانيا، وذلك بعد أن صوت في 20 22 اذار 89 في المئة من سكان البندقية على جعل مدينتهم دولة مستقلة والانفصال عن ايطاليا.
والان تصوروا ان يكون سفراء اسرائيل في الدول المختلفة يتدخلون في التصويت ويوجهون القطاعات كيف تصوت، او ينقلون الاموال الى البندقيين كي ينفصلوا أو يبقوا في ايطاليا. كم من الغضب كان سيثور في اوروبا على هذا السلوك الوقح، وعن حق.
اذا كان هكذا فبأي حق أو صلاحية يتدخل السفير للجبار المريض ‘الاتحاد الاوروبي’ في الشؤون الداخلية لاسرائيل؟ هل نحن جزء من اتحادهم؟ لقد اعتدنا على هذا التدخل لدرجة أننا لم نسألهم حتى اليوم كيف يتصل هذا الامر بأي حال بهم؟ هل ستوافقون على أن نتدخل في شؤون الاتحاد الاوروبي؟ ولعلها حقا فكرة جيدة أن نبدأ بتمويل الكتالونيين، الفالونيين في بلجيكيا أو الباسكيين في اسبانيا من خلال جمعيات تآمرية من أجل ‘حقوق الانسان’ مثلما يفعل الاوروبيون عندنا.
سفير الاتحاد الاوروبي في اسرائيل لارس فابورغ أندرسون قال هذا الاسبوع ان الاتحاد ‘يفك ارتباطه عن المستوطنات’. وهكذا واصل التدخل الفظ في الشؤون الداخلية لدولة ذات سيادة يحل فيها ضيفا. صحيح أنه حاول تلطيف الرسالة بأقوال عن التعاون مع اسرائيل ولكننا نحن، الذين تعبت آذاننا عن سماع التآمر الاوروبي المستمر ضدنا، لسنا مستعدين لان نسمع هذا بعد اليوم.
من المهم ان نتذكر بانه في كل مكان يوجد فيه مستوطنون يهود، سيبقى هناك الامن والاستقرار، وبالعكس، المنطقة الفارغة من المستوطنين هي منطقة سلفية جهادية في المستقبل، انظروا حالة فك الارتباط عن غزة. فهل يتوقع السفير ان تنتحر اسرائيل وتصبح سوريا أو العراق، مع ارهاب يدخل عميقا في بطنها؟ نحن مستعدون لعمل ذلك، فقط اذا ما اصبحت لندن شبه جهادية، وهكذا ايضا برلين، مدريد واستكهولم. في اليوم الذي تنقسم فيه باريس بين الفرنسيين والقاعدة والجهاد، مع قدرة اطلاق صواريخ على قصر الاليزيه، سنوافق على تقسيم القدس ايضا.
في الوقت الذي تحدث فيه السفير في القدس، انطلقت في غزة جوقة حماس والجهاد كيف نجحوا في اقناع الاوروبيين في امكانية أن يعترفوا بحكومة خبراء وهمية ويدفعوا بالمال لحماس ايضا وفي نفس الوقت اطلقوا التهديدات بانهم لن يعترفوا ابدا باسرائيل وان كل أراضي بلاد اسرائيل التاريخية تعود لهم فقط. أفلا يميز السفير اياه بالخدعة الفظيعة وتهديدات الابادة؟
والاخطر من ذلك كيف يتجرأ سفير أجنبي على التدخل في شؤوننا الداخلية في الوقت الذي لا يمكن لليهود مرة اخرى أن يسيروا بفخار في قارته؟ أفلا يرى هو والمسؤولة عنه وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاترين اشتون هرب اليهود من فرنسا، بلجيكيا ودول اخرى في الاتحاد الاوروبي، مثلما في الثلاثينيات؟ أفليس لليهود أيضا حقوق انسان في القارة القديمة التي تتذكر بنبضات قلب سريعة ماضيها اللاسامي.
ولعله ينبغي لنا أن نشكر الاتحاد الاوروبي لانه ليس لديه الوقت للاهتمام بسوريا، بالعراق، بهنغاريا أو باوكرانيا وينشغل بشكل مريض بنا فقط. وهكذا فانه يجبرنا على أن نتوجه شرقا ونبني السوق الاسرائيلية مع الصينيين، الهنود، الكوريين واليابانيين.
وهذا يحصل بالفعل: الشريك التجاري الاول لاسرائيل لا يزال هو الاتحاد الاوروبي، ولكن الثاني بات آسيا. الولايات المتحدة نزلت الى الدرجة الثالثة. المستقبل الاقتصادي والديمغرافي في اوروبا المريضة والغارقة بمهاجريها يبدو قاتما وعلينا أن نشكر تلك القارة التي تجبرنا على أن نشفى منها قبل فوات الأوان.
بعد كل شيء، نحن لسنا في اوروبا. نحن في آسيا، وهذا من حسن حظنا.
يديعوت