قنبلة إيرانية في حقيبة

بقلم: اليكس فيشمان
يتعقب الامريكيون منذ نهاية العقد الماضي من الجو حاويات تتجه في البحر نحو موانيء في سواحل الولايات المتحدة، ويحاولون بمروحيات ووسائل طيران مختلفة العثور على اشعاع ذري تصدره هذه الحاويات. وإن أكبر كابوس عند مكتب حماية الوطن والجهات الاستخبارية التي تخدمه هو دخول حاوية يُخبأ فيها قنبلة ذرية ململمة الى ميناء امريكي. لأن قنبلة ذرية صغيرة كهذه قد تدمر ميناءا ماديا وتقضي على الحياة في المدينة الساحلية.
حينما تتحدث الاستخبارات الامريكية لا الاسرائيلية فقط عن التهديدات الذرية الايرانية، لا تقصد بالضرورة صواريخ بالستية عابرة للقارات تحمل رؤوسا ذرية. فربما تكون هذه الصواريخ البالستية في حوزة الايرانيين بعد عشر سنوات فقط كما يزعم، وربما بحق، البروفيسور عوزي عيلام. إن السيناريو الاكثر يقينا هو على الخصوص ارهاب ذري يبزغ دون أية بصمة لدولة ما كأن تخرج حاوية من الصين وتبحر بصورة ساذجة تماما الى ميناء ديترويت أو الى ميناء حيفا، ولا يكون عند الربان وشركة الملاحة أي علم بأنه خُبئت فيها ‘حقيبة متفجرات ذرية’، وتصل السفينة الى الميناء وتستعمل القنبلة. وستكون ايران بصفتها دولة تساعد الارهاب مشتبها فيها دائما ولا سيما حينما تصبح عندها قدرة ذرية عسكرية. لكن حاول أن تبرهن على ذلك.
في منتصف كانون الاول 2011 قال وزير الدفاع الامريكي آنذاك ليون بانيتا لشبكة ‘بي.سي.إس′ إن ايران ستكون قادرة على تركيب قنبلة ذرية في غضون سنة بل في أقل من سنة. وأُجري لقاء صحفي بصورة موازية مع الـ ‘سي.إن.إن’ مع رئيس هيئة الاركان الامريكي مارتن دامبسي وقال كلاما مشابها. وهاج الجميع بسبب تغير التوجه الامريكي. فقد كان العالم حتى ذلك الحين يعيش تحت اعلان الاستخبارات الامريكية في 2007 بانتهاء المشروع الذري الايراني. ونسب محللون آنذاك تحول توجه الادارة الامريكية الى تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية في حزيران 2011 الذي كشف عن معلومات جديدة عن المشروع العسكري الايراني. لكن يتبين أن الاستخبارات الامريكية كان عندها آنذاك معلومات مستقلة عن تطورات مقلقة في المشروع العسكري. وجاءت المعلومات من مصادر سرية جدا وكانت خطيرة جدا بحيث امتنع الامريكيون عن إشراك اسرائيل فيها برغم الاتفاقات على تبادل المعلومات في هذا الشأن. وفوجئت اسرائيل وغضبت لنقض الثقة. وبعد ضغط فقط نقل الامريكيون الى اسرائيل التقرير الملخص دون المادة الخام. وزعموا دفاعا عن أنفسهم أنه حتى الرئيس تلقى التقرير قبل أن يُنقل الى اسرائيل باربعة ايام فقط.
إن الاستخبارات الامريكية لا الاستخبارات الاسرائيلية المتهمة بالتسييس وبعدم الموضوعية هي التي تقول في جزم إن الايرانيين قريبون جدا من قدرة ذرية عسكرية. وفي كانون الثاني 2014 فقط عرضت الاستخبارات الامريكية تقرير تقدير على اللجنة الاستخبارية التابعة لمجلس الشيوخ يُبين أن لايران القدرات العلمية والتقنية والصناعية لصنع سلاح ذري. وضُمت الى التقرير شهادة رئيس الاستخبارات القومية الذي يقول إن ايران قادرة على بناء صواريخ ذات قدرة على حمل سلاح ذري في اللحظة التي ترغب فيها في ذلك. وبُذلت هذه الشهادة في خلال المحادثات التي تجريها القوى العظمى الست مع ايران، وفي وقت تبحث فيه الادارة الامريكية عن كل طريقة للتوصل الى تسوية مع الايرانيين. وقد يئس الامريكيون من امكان أن ينجحوا في وقف المشروع الذري العسكري الايراني تماما وهم يبحثون عن نظام يضمن رقابة وثيقة مدة سنوات طويلة كي لا تفاجيء ايران العالم فجأة بتفجير ذري خفي.
لا تستطيع اسرائيل والولايات المتحدة ودول اوروبا أن تنام في هدوء برغم توقع أن ايران لن تكون عندها صواريخ بالستية حاملة للرؤوس الذرية في السنوات العشر القريبة. لأنه من يقول إن الايرانيين يسيرون في هذا الاتجاه خاصة؟ ومن ذا يستطيع أن يقول بيقين إن هذا هو الانذار وهذا هو التهديد الحقيقي في مدى السنوات القريبة؟.
يديعوت