الحقيقة… غير صالحة النشر

بقلم: أسرة تحرير هآرتس
في اجتماع االدول العظمى العشرين في كان في فرنسا في تشرين الثاني 2011 وصف الرئيس الفرنسي في حينه نيقولا ساركوزي بنيامين نتنياهو بـ ‘الكذاب’ وقال انه ‘لا يطيقه’. الرئيس الامريكي، براك اوباما، قال له معقبا: ‘انت مللته، ولكني أنا من يتعين عليه أن يتصدى له كل يوم’.
هذه الاقتباسات النادرة، التي كشفت حقائق لا تصل بشكل عام الى الجمهور، بسبب الدبلوماسية وقواعد السياسة السليمة، لم تكشف الا لان الميكروفونات بقيت مفتوحة ولم يعرف الرؤساء بذلك.
والان جاء دور جون كيري. فخلافا لساركوزي واوباما، أُمسك بوزير الخارجية الامريكية وهو يكشف النقاب عن حقائق غير شخصية، بل مبدئية. فقد سجل لكيري في اثناء ‘لجنة الثلاثة’ وهو يقول ان ‘حل الدولتين هو البديل الوحيد … الدولة الواحدة ستكون دولة أبرتهايد، مع مواطنين من الدرجة الثانية، وستدمر قدرة اسرائيل على البقاء دولة يهودية’.
وحذر كيري أيضا من أن الجمود في المسيرة السلمية من شأنه أن يؤدي الى اشتعال عنيف في المناطق، والمح بانه اذا كان تغيير في الحكومة، يحتمل ان يحصل شيء ما’. هذه الاقوال الصريحة لكيري لم تكن من النوع الذي اعتادت عليه الاذن الدبلوماسية، ولهذا فقد أكسبته موجة من الهجمات السياسية والشخصية. واضطر كيري الى الاعراب عن اسفه علنا على استخدام كلمة ‘ابرتهايد’ وشرح بانه ‘لو استطعت، لادرت الشريط الى الوراء واخترت كلمة اخرى’.
ليس صدفة أن اضطر كيري الى التراجع بالذات عن استخدام كلمة ‘ابرتهايد’. فالحساسية بالنسبة لتشبيه اسرائيل بجنوب افريقيا في عهد الابرتهايد في مكانها. ففي اسرائيل توجد جوانب من الابرتهايد، من شأنها أن تتسع في حالة انهيار حل الدولتين. ولكن بدلا من العمل على تغيير الميل الهدام، فان محافل تسمي نفسها ‘مؤيدة لاسرائيل’ تحاول اخفاء الواقع القاتم من خلال نفي مفهوم ‘الابرتهايد’.
ما قاله كيري ‘لغير النشر’ هو عمليا وصف للواقع: اسرائيل لا يمكنها ان تبقى دولة يهودية وديمقراطية دون حل الدولتين؛ الدولة الواحدة ستكون دولة أبرتهايد؛ الجمود في المسيرة السياسية قد يؤدي الى انتفاضة اخرى؛ التغيير في تركيبة الحكومة بل وفي شخصية رئيسها كفيل بان يغير الصورة. صورة الواقع المقلقة التي عرضها كيري يجب أن تتغير من خلال تطبيق حل الدولتين. خلافا لشريط التسجيل، فان المأساة المتجسدة هنا لن يكون ممكنا اعادتها الى الوراء أو محوها.