أخيراً… إيران تعترف بكذبها على وكالة الطاقة

رونين بيرغمان

نجا د. فريدوني عباسي بفضل يقظته من محاولة تصفية في 29 تشرين الثاني 2010، وعلى سبيل الاعتراف بمكانته عينه بعد ذلك الرئيس الايراني السابق محمود احمدي نجاد نائبا له، ورئيسا للوكالة النووية الايرانية. فلماذا الان إذن يمنح مقابلة كاشفة بهذا القدر عن المكامن وتفشي الاسرار الدفينة للجمهورية الاسلامية؟

يكمن السبب في ذلك في علاقات ايران مع الاسرة الدولية. فالطرفان معنيان باتفاق حل وسط يؤدي الى الغاء العقوبات الاقتصادية عن طهران، غير أن مثل هذا الاتفاق لن يتحقق الا اذا أجابت ايران على كل أسئلة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي تكذب عليها منذ 15 سنة كي تخفي التقدم الحقيقي في برنامجها النووي. وقال لي دبلوماسيون اوروبيون في مؤتمر ميونخ الاخير انهم لن يتنازلوا في هذه النقطة وان على ايران ان تعرض ‘اعترافا كاملا’. وهكذا، فان المقابلة التي منحها عباسي هي الاعتراف المنشود ولكن باسلوب جد ايراني يلقي بكل الذنب على الاسرة الدولية.

يعترف عباسي في المقابلة بان ايران كذبت على الوكالة الدولية للطاقة الذرية دون انقطاع وبوقاحة، اخفت عنها معطيات وغيبت اجزاء واسعة من المشروع النووي. ولكنه يدعي ايضا بانها فعلت ذلك لان المعطيات التي نقلت الى الوكالة الدولية للطاقة الذرية سلمت بعد ذلك الى الاستخبارات الامريكية والى الموساد، والتي استخدمت من قبلهما للتخريب على البرنامج النووي واغتيال العلماء الكبار. ونظرية رئيس الوكالة النووية الايرانية السابق بسيطة: لم يكن لنا مفر غير الكذب بسبب السلوك البائس للوكالة الدولية للطاقة الذرية.

في اطار الاعتراف يعظم عباسي الدراما في وصف نجاعة جهود التخريب للموساد والسي.أي.ايه. حتى اليوم اعترف الايرانيون فقط بجزء صغير من هذه النشاطات وادعوا دوما بانهم نجحوا في وقفها في الوقت المناسب قبل أن يلحق ضرر كبير. اما الان فعباسي يكشف كيف نجحت اسرائيل والولايات المتحدة في انتاج مسارات توريد حصرية للعتاد للايرانيين وكيف زرعوا في ذاك العتاد فيروسات ومواضع خلل.

واذا لم يكن هذا بكاف، فان عباسي يصف بالتفصيل وبشكل نادر أيضا حملة التخويف التي خاضها الموساد ضد علماء النووي الايرانيين ممن تبقوا على قيد الحياة. وهو يروي كيف أن هؤلاء العلماء تلقوا مقاطع فيديو وفيها تقرير ملفق من التلفزيون الايراني عن موتهم او ارساليات ورود وصلت الى ابناء عائلاتهم مرفقة ببطاقات المواساة. هذه هي المرة الاولى التي تتهم فيها ايران الموساد بهذا العمل الذي فيه منفعة قليلة الى جانب خطر انكشاف عال، ولا يمكن أن نعرف اذا كان في هذا الاتهام ما هو حقيقي. في كل حال، يمكن ان نتذكر بان طريقة عمل كهذه ارتبطت في الماضي بالاستخبارات الاسرائيلية: فقبل 30 سنة، في زمن قضية خط باص 300، استدعى أحد ما في المخابرات اكليل جنازة الى بيت المستشار القانوني للحكومة اسحق زمير.

يديعوت