ليتوقف جنون التحريض

بقلم: بن ـ درور يميني

كتب مثقف هام يقول: ‘اسرائيل واليهود هم اللاعبون المركزيون في ثقافة العنف، التي في نهاية المطاف ستدمر الانسانية’. ونشرت صحيفة فلسطينية للاطفال رسالة كتبتها فتاة تدير فيها حوارا مع هتلر الذي يشرح لها بانه قتل اليهود ‘لانهم يزرعون الكراهية على وجه الكرة الارضية’. وكتب اسرائيلي على الفيسبوك عن حلمه بذبح أطفال فلسطينيين. آخرون، أحيانا تحت هوية معروفة، يسألون لماذ لم ينهي هتلر عمله. وأحيانا هؤلاء هم عرب يرغبون في ابادة اليهود، واحيانا هؤلاء هم يهود يرغبون في ابادة الاشكناز.
حوار الكراهية كف عن أن يكون ظاهرة هامشية. وهو ليس محصورا فقط بالمرضى النفسيين، ولا بظلام مجال الانترنت. ففي عصر ما قبل الانترنت، المدونات، الفيسبوك ايضا كان حوار كراهية. كان تحريض. ولكن في العقد الاخير بات الأمر نبعا متعززا. جريمتا كراهية كانتا لنا عشية العيد. واحدة في كانزاس، عندما قتل فرايزر غالن ميلر ثلاثة وهو يهتف ‘هيل هتلر’. والثانية في الخليل، عندما فتح توأم ميلر النار فقتل موشيه مزراحي، الذي كان مع عائلته في الطريق لحفل ليل الفصح. ان حرية التعبير الواسعة، سواء في الولايات المتحدة أم في اسرائيل، تمنح الاذن غير المحدود تقريبا لحوار الكراهية أيضا. في وسائل الاعلام في السلطة الفلسطينية وبالتأكيد في القطاع، ليس حوار الكراهية في الهوامش بل في وسائل الاعلام الرسمية. اما في اسرائيل فالتحريض هو بالاساس على الفيسبوك. وتقرأ شرطة اسرائيل، أو يمكنها أن تقرأ التحريض على قتل العرب أو المسلمين في اسرائيل. حتى الان لم يقدم احد الى المحاكمة. وبالمقابل، استدعي على قراءات اقل إثارة للانفعال في سلم الخطورة عرب الى التحقيق لدى الشرطة. هذه ليست شهادة شرف، هذه شهادة فقر. في بريطانيا، على سبيل الفرق، ارسل اثنان الى السجن، بسبب عبارات على الفيسبوك تدعو الى العنف.
توضح الادبيات البحثية بان ثمة علاقة بين التحريض والعمل. ثمة حاجة الى التشويه، نزع الانسانية، المنهاجية والمتواصلة، من أجل دفع أفراد أو شعوب الى العمل. وبعد سنوات من العمل في المنظمة العنصرية ‘كو كلوس كلان’، انطلق ميلر لتنفيذ الفريضة العليا للطائفة التي يعيش بين ظهرانيها: قتل اليهود. سنوات من غسل الدماغ في العالم الاسلامي، وكذا في السلطة الفلسطينية، تؤدي بافراد الى العمل، حتى دون اي حاجة الى تنظيم. وعندما يحظى مثل هؤلاء القتلة بمخصص ثابت ويصبحون ابطالا من قبل السلطة، تصبح الرسالة واضحة: قتل اليهود هو أمر جدير. هذا ليس كفاحا من أجل التحرير أو ضد الاحتلال، مثلما يدعي الاغبياء المستخدمين من بيننا. هذا عمل ضد اسرائيل، والصهيونية واليهود. الارهاب ليس نتيجة الكفاح لتقدم التحرير او السلام. بل العكس. الارهاب الاجرامي، في كانزاس وفي الخليل، هو نتيجة غسل دماغ كله عنصرية وكراهية.
حرية التعبير هي احدى اهم القيم في كل مجتمع ديمقراطي. هكذا ينبغي أن تكون، ولكن العصر الجديد يوضح بان ثمة حاجة الى اعادة تفكير. بعد دعوة عشرة محرضين على القتل، ضد مسلمين او اشكناز أو يهود الى التحقيق، وتقديمهم الى المحاكمة، قد لا تختفي الظاهرة ولكنها ستذوي. ثمة بالطبع حاجة دائمة الى كشف التحريض العنصري برعاية السلطة الفلسطينية. ولكن هذا لا يعفينا من المسؤولية عما يحصل في اسرائيل. لم يأخذ بعد أي يهودي بندقية ويخرج الى حملات قتل، بسبب التحريض على الانترنت، ولكن هذا قد يأتي. كل من يتعرض للعالم الافتراضي يمكن أن يشم بان هذه مجرد مسألة وقت.
لقد عانت اسرائيل واليهود ويعانون اكثر من اي شعب آخر من تحريض لا ينقطع. ودفعت اسرائيل واليهود الثمن الاعلى على حملات الكراهية. ولاسرائيل واليهود الحق والواجب للكفاح ضد مظاهر الكراهية وصناعة الاكاذيب حتى عندما تحاول الاختباء تحت مظلة الانتقاد وحرية التعبير. وبالذات لهذا السبب فان علينا الواجب ليس فقط لموعظة الاخرين بل وايضا العمل ضد الهوامش المريضة في داخلنا.

حرره: 
م.م