لا يسمعون الأغلبية المتماسكة للسلام

بقلم: ياعيل باز ميلمد

قبل أن يقال كل شيء: الفلسطينيون ايضا مذنبون في تفجير المحادثات. مذنبون بل ومذنبون جدا. فماذا في هذا؟ ماذا يغير هذا من شيء؟ تسعة اشهر ورئيس وزراء اسرائيل ورئيس السلطة الفلسطينية يدوران حول ذيلنا جميعا، يحاولان القاء الذنب الواحد على الاخر. اسرائيل، كما ينبغي أن يقال، خسرت في هذه المعركة. الامريكيون يقولون انها المذنبة الاساس.

اما للاوروبيين فهذا لا يهمهم، والجمهور الاسرائيلي سيدفع على ذلك ثمنا باهظا. ولكن الوزيرين نفتالي بينيت واوري ارئيل سيتجولان كمنتصرين كبيرين، ورئيس الوزراء لن يضطر الى النزاع مع اي واحد في ائتلافه. يا لها من نهاية جيدة. من يقدر علينا؟
ولكن هناك عنصرين هامين للغاية في الائتلاف، لو أنهما أديا كما ينبغي دورهما لكان يتعين على نتنياهو أن يحصيهما هما ايضا في مخاوفه خشية أن يأخذا منه السلطة والفخامة، وكل ما يترافق وذلك. اما هو فلا. 25 نائبا من الائتلاف 19 لـ ‘يوجد مستقبل’ و 6 لـ ‘الحركة’ كان ينبغي لهم الان ان يجلسوا على شريان نتنياهو وأن يبلغوه بانه اذا كانت لا توجد محادثات، فلا يوجد ائتلاف. هذا ما وعدوا به ناخبيهم وكذا لكثيرين جدا لم ينتخبوهم ولكنهم يريدون تسوية بوساطة أمريكية.
في كل استطلاع اجري في الاشهر الاخيرة توجد أغلبية لا بأس بها لتسوية سياسية مع السلطة الفلسطينية مقابل تنازلات اقليمية لاسرائيل. كيف حصل أن صوت هذه الاغلبية لم يسمع؟ كيف حصل أنه لا يوجد حتى ولا جسم واحد في كل الطيف السياسي الاسرائيلي يدعو مئات الاف الاسرائيليين للخروج الى الشوارع، او القيام بخطوات اخرى لاجبار نتنياهو على أن يتوقف عن السماح لبينيت وارئيل او لافيغدور ليبرمان ان يديروا له الدولة.

نحن نوجد في هذه اللحظة في أزمة هائلة، اذا لم تحل فستؤثر على كل حياتنا هنا. نهاية المحادثات وعدم الامل لدى الشعب الفلسطيني في الحصول على دولة مستقلة ستعيد العمليات والعنف الى حياتنا. وزير اسكان المستوطنين، الاسوأ للجمهور الاسرائيلي، سيصدر المزيد فالمزيد من العطاءات لبناء الشقق في المستوطنات مما سيضيف له قوة سياسية، والى الجحيم بكل ما تبقى.
الدولة ستعطي مئات ملايين اخرى من الشواكل في صالح الحياة الطيبة لاولئك الذين سيشترون الشقق بثمن مخفض في تلك المستوطنات، التي يقع بعضها داخل التجمعات السكانية الفلسطينية. الامريكيون سيغادرون، اوروبا غادرت منذ زمن بعيد، ونحن سنبقى مع حكومة يمينة متطرفة (رغم يئير لبيد وتسيبي لفني)، ولن نفهم كيف وقع علينا هذا مرة اخرى. فالانتخابات الاخيرة جلبت تغييرا.

هكذا على الاقل اعتقدنا. فكيف فجأة تحطم كل شيء. إذ نحن ايضا بحاجة الى الامل، وليس فقط الفلسطينيون.
قبل تسعة اشهر اتخذ نتنياهو قرارا جبانا، على عادته، الا يجمد البناء في المناطق وذلك لانهم في ‘البيت اليهودي’ يمكن أن يغضبوا. وبدلا من ذلك قرر تحرير السجناء، بمن في ذلك اولئك الذين مع دم على الايدي.

ويتضمن الاتفاق أربع نبضات من تحرير السجناء، وقد اقر باغلبية كبيرة في الحكومة. ولكن اسرائيل، كعادتها، قررت انها غير مستعدة، لن تحرر هؤلاء السجناء، عقب توقيع الفلسطينيين على 15 ميثاق في الامم المتحدة، مدعين انهم يفعلون ذلك لان اسرائيل قررت الا تحرر السجناء.
كله سجل واحد كبير. والان أعلن ليبرمان بانه لن يسمح بتحرير حتى ولا سجين واحد آخر. وهو يفضل التوجه الى الانتخابات. وماذا عن الوسط اليسار؟ ماذا عنا؟ ماذا عن تلك الاغلبية المتماسكة التي تؤمن بحل سياسي للدولتين للشعبين؟ نحن لا يوجد لنا أي جسم يهدد، يخيف نتنياهو، يصر على الطريق.
وهذه هي المأساة، وبالتأكيد يدور الحديث هنا عن مأساة.