السلام سيأتي بالشيك

بقلم: حازي شترنليخت

خرجت احدى منظمات اليسار الراديكالي في حملة دعائية تشمل حيلا دعائية مختلفة وترمي الى أن تضمن للاسرائيليين 1175 دولارا اذا اختاروا ‘السلام’ فقط. ولم يكتب في الاعلانات شيء عمن ينفق على تلك المنظمة. ولم يكتب شيء في الاعلان لوسائل الاعلام سوى حقيقة أن ‘رؤساء الاحتجاج الاجتماعي’ سيكون لهم دور فيها. وهذا أمر غير مفاجيء لأن هؤلاء النجوم يعتاشون على اموال حكومات اجنبية ما عدا اولئك الذين شقوا طريقهم الى الكنيست.
إن تصفحا قصيرا لموقع تلك المنظمة في الشبكة يظهر المفهوم من تلقاء نفسه. فبين المنفقين توجد واشنطن بجلالتها وبنفسها، لكنها ليست وحدها. فمنظمات طلاب الجامعات تشارك في الاحتفال ايضا مع حكومات اوروبية تصب اموالا على منظمات راديكالية. فيا للعار.
إن الحساب الاقتصادي يبدو هاذيا وداحضا ولم يُعرض بالتفصيل في الحقيقة. فلا توجد صفقة على الطاولة بل ولا شيء ما يقترب من الاستعداد للمفاوضة من قبل الفلسطينيين. لكن لنفرض أنه اقترحت صفقة تشبه صفقة السادات تزاد عليها خطبة عصماء مع دموع أبو مازن في الكنيست يقول: تعالوا نصنع سلاما من قال أصلا إننا سنربح من ‘اختيار السلام’؟ يؤسفنا أن التاريخ القصير يعلمنا ما الذي حدث بعد بذل اقتراحات سخية للفلسطينيين رفضوها على نحو عام. هل تذكرون انتفاضة الاقصى؟ بدأت بعد أن حصل الفلسطينيون على اقتراح سخي جدا من اهود باراك في كامب ديفيد.
قُتل في العمليات الانتحارية في الانتفاضة مئات الأبرياء. وانهار الاقتصاد. وفي صيف 2002 ارتفع سعر الدولار الى خمسة شواقل، وأصبحت خزانة الدولة فارغة تقريبا. وبيعت سندات دين حكومة اسرائيل بـ 13 بالمئة. وكنا على شفا افلاس بسبب ‘اختيار السلام’ ذاك. وحتى لو فرضنا أن يحول الامريكيون والاوروبيون مليارات الدولارات، وليس واضحا لماذا يجب أن نصدق هذه الوعود، فان قتل الفلسطينيين سيستنفد تلك المبالغ، هذا اذا لم يُحدث سحبا على المكشوف في الحساب المصرفي لكل اسرائيلي ايضا. واذا تجاوزنا الحديث عن الاضرار الشديد بالأرواح فاننا سندفع عن النفقات الامنية المضافة وعن الركود الاقتصادي الثقيل فائدة مضاعفة. ففي كل مرة ‘اخترنا’ أن نمنح الفلسطينيين فرصة ضُربنا على رؤوسنا في الحقيقة.
والى ذلك فان هذه الحملة الدعائية التي تُدار في جملة ما تُدار به بشيكات كتبت في واشنطن تنبعث منها رائحة العنصرية. فهي تقول في الحقيقة إنه يجب الحديث الى اليهود عن طريق محافظهم. هل تريدون مسيرة سلمية؟ ستحصلون على دولارات. ووعد منظمو الحملة الدعائية ايضا بتوزيع شيكات مع هذا المبلغ على طلاب جامعات في الجامعات وفي الاسواق في أنحاء البلاد.
من المؤسف جدا أن الامريكيين برهنوا أكثر من مرة على أنهم يحتفظون بالمنطق لأنفسهم ويكتفون فيما بقي من العالم بمنطق أضعف كثيرا. فجونثان بولارد عندهم مثلا هو سجين مُدان بجرائم خطيرة يجب أن يستكمل عقوبته. ويمكن عندنا طلب الافراج عن قتلة أبرياء لمنح تلك ‘المسيرة’ فرصة. لكن ذلك ليس فظيعا لأنه ستكون لنا دولارات في جيوبنا، فمن المؤكد اذا أن ننسى كل شيء.