حلم الفرص

بقلم: أفرايم سنيه

فاز نتنياهو في لعبة ‘من المذنب؟’. فقد نجح في أن يوحد حكومته حول موضوعين وهما النفور من الافراج عن مخربين والاعتراف العام الشامل بأن اسرائيل هي الوطن القومي للشعب اليهودي.

دفن نتنياهو لأبو مازن شركا على صورة طلب الاعتراف باسرائيل دولة يهودية، وخطا الرئيس الفلسطيني اليه منتصب القامة. فقد نسي أن عرفات نفسه اعترف بأن اسرائيل دولة يهودية. وأفضى تأخير الوفاء بالتزام الافراج عن سجناء والمناقصة التي اصدرها وزير الاسكان اوري اريئيل لبناء 720 شقة اخرى، في اليوم الذي اتفق فيه تقريبا على ‘صفقة بولارد’، أفضى برئيس السلطة الفلسطينية الى تقديم طلب انضمام الى 15 منظمة في الامم المتحدة (14 منها ليست لها أهمية عملية). إن اجراء أبو مازن يُمكن رئيس الوزراء من الاستمرار على حفظ حكومته الحالية لأن الرئيس الفلسطيني أعطى من يحتاج تصوير البقاء فيها.لكن الحقيقة مختلفة. لا يوجد ولن يوجد أي احتمال لأن تجيز حكومة اسرائيل الحالية أي اتفاق مع الفلسطينيين.

فلا توجد تسوية لا توجب اخلاء مستوطنات، ولا توجد تسوية لا تكون في اطارها عاصمة فلسطينية في الأحياء العربية من شرقي القدس. فهذا هو الثمن الخالص لانهاء الصراع وقبول مبادرة السلام العربية التي تضمن تطبيعا كاملا مع كل الدول العربية. ولم يدع هذا يحدث 42 عضوا من الائتلاف الحاكم من حزبي اليمين، بل سيشوشون على كل محاولة من رئيس الوزراء للتوقيع على اتفاق كهذا.

وسيمنع أكثر اعضاء كتلة نتنياهو الحزبية، سيمنعونه من انشاء ائتلاف وطني جديد يحقق اكثرية ممكنة في الكنيست الحالية لاتفاق مع الفلسطينيين.
سيتغير الواقع بعد موت التفاوض الى اسوأ وسيوجد عنف أكثر في المناطق، وخطوات عقاب تزيد الفقر والشعور بالمرارة، واستمرار على توسيع المستوطنات وعمليات ‘شارة الثمن’. وهذه حلقة مفرغة تجعل اسرائيل دولة واحدة لشعبين يمزقها صراع عرقي عنيف، وتصير أكثر عزلة في العالم.

إن النصر الدعائي في هذا الاسبوع سيكون ثمنه باهظا في المدى البعيد، فمن كان هذا هو حلمه فمبارك عليه. أما من يحلم بدولة يهودية مستنيرة عضو محترمة في اسرة الشعوب فكان يجب عليه أن يسعى الى انشاء حكومة مختلفة.لكن ذلك ايضا غير كاف، فلا يكفي عرض خطة سياسية بديلة بل يحتاج الى شجاعة سياسية لا لعرض الفائدة الاقتصادية لاتفاق مع الفلسطينيين فقط بل لعرض كلفته ايضا. وينبغي أن نذكر أننا نتنازل عن السيطرة عن خُمس مساحة ارض اسرائيل التاريخية وعن السيادة في الاحياء العربية في القدس.

من ناحية اقتصادية سيكلف اخلاء عدد من المستوطنات واسكان سكانها من جديد بصورة انسانية محترمة نحوا من 15 مليار شيكل كل سنة مدة خمس سنوات.
وهذه الكلفة أقل من كلفة الصراع وهي 1.5 بالمئة من الانتاج الوطني السنوي.

والثمن الذي هو أصعب هو الحاجة الى نضال عام لمعارضي الاتفاق. فقد كان عند اسحق رابين واريئيل شارون حتى الآن شجاعة الثبات في مواجهة كهذه.كلما كان التوصل الى موعد القرار الوطني الحاسم المطلوب أبكر كان ذلك أفضل.سيضطر مواطنو اسرائيل لاول مرة منذ 1996 الى التوجه الى الانتخابات التي تدور على الشأن السياسي لا على مواضيع ثانوية الأهمية أثارها رؤساء الاحزاب كي يلتفوا على الموضوع السياسي.
وليس الحسم بين خطتين سياسيتين بل بين حلمين هما ارض اسرائيل الكاملة ونصف سكانها ليسوا يهودا وهي معزولة في العالم، بازاء دولة يهودية ديمقراطية في اربعة أخماس المساحة. ولا توجد مصالحة بين الحلمين فاما هذا وإما ذاك.