دمكة إسرائيلية… شطرنج فلسطيني

بقلم: الياكيم هعتسني

توجه الفلسطينيين الى الامم المتحدة للحصول على مكانة دولة مراقبة خرق لب لباب اتفاق اوسلو التعهد ‘بعدم المبادرة أو اتخاذ اي خطوة تغير مكانة الضفة الغربية وقطاع غزة طالما كانت تجري المفاوضات على الوضع الدائم’. هذه هي الجملة التي مقابلها اتخذت اسرائيل الخطوة المصيرية بجلب عرفات، ابو الارهاب الحديث، وعصبته من القتلة من منفى تونس الى البلاد بسلاحهم، الذي استخدم حتى الان لقتل اكثر من 1.500 اسرائيلي. نتنياهو، الذي القى في الكنيست خطابات حماسية ضد اوسلو، حصل على فرصة ذهبية لالغاء هذا الاتفاق الخبيث، لان انتهاكا اساسيا يمنح الطرف المنفذ خيارا بالتحرر منه. وبامتناعه عن تحقيق هذا الحق وقع نتنياهو بنفسه على اوسلو مرة اخرى. وتلخص رد فعله بـ ‘الخدعة الاسرائيلية’: جمد الاموال التي تجبى للسلطة الفلسطينية وحررها على الفور، وعد بالبناء في E1 ولم يفعل شيئا.

والان نفذت رام الله 15 انتهاكا اساسيا آخر لاتفاق اوسلو، وحتى على هذا الفعل التأسيسي لا يرد نتنياهو بعمل تأسيسي خاص به. وهكذا فانه يوقع على اوسلو مرة ثالثة. وحتى لو بنى ردا على ذلك 10 الاف منزل في القدس وفي المناطق، فانه يبقى كمن يعطي دواء للمرض غير الصحيح. لانه على تغيير المكانة الرد المناسب الوحيد هو تغيير المكانة. فعل دولة يتطلب فعل دولة مضاد. مثلا: اذا اعلنوا بشكل احادي الجانب عن سيادة فلسطينية؟ نحن نطبق القانون، القضاء والادارة خاصتنا على الاقل على المنطق ج، بما فيها المستوطنات والطرق اليها، في غور الاردن وصحراء يهودا. دون رد من هذا النوع نكون نحن أشبه بلاعب الدمكة الذي ينتقل شريكه فجأة للعب الشطرنج. اذا كان غبيا وواصل لعب الدمكة، فلا يجب ان يتفاجأ حين ينتصر عليه خصمه بلعبة الملوك. عريقات، اللاعب من جانب م.ت.ف، قال هذا صراحة: نحن لا نجلس هنا مقابلكم عن أرض محتلة، بل عن دولة سيادية محتل. واذا لم ترد اسرائيل على ذلك فورا بفعل سيادي خاص بها، فهذه هي اللحظة التي تخسر فيها عاصمتها ووطنها التاريخي.

فالتتمة واضحة: السلطة الفلسطينية ستنضم كـ ‘دولة’ الى 60 ميثاقاً دولياً. وفي ضوء انعدام الوسيلة في اسرائيل سيعتاد العالم على التعاطي معها كدولة. ومن الان فصاعدا، يكون كل دخول للجيش الاسرائيلي الى ‘اراضيها’ يعتبر خرقا للسيادة الفلسطينية. وعندما يحققوا نيتهم في اقامة مطار قرب أريحا، والغبي العالق لا يزال في مرحلة ‘الدمكة’ يزعج، فانه سيتهم بخرق القانون الدولي. وعندما يهبط هناك الدبلوماسيون الايرانيون الاوائل سيكون الاوان قد فات.

في شبه جزيرة القرم لعب بوتين لعبة الملوك. ونتنياهو والغرب واوباما لعب لعبة الدمكة. قرمنا هي المنطقة ج. محظور أن نترك هناك موطيء قدم للسلطة الفلسطينية ولـ م.ت.ف ليس فقط عمليا بل وبالاساس شرعيا، لان همها هو لعبة السيادة. ج هي المفتاح: من الـ 40 في المئة المتبقية، المثقبة بالمستوطنات كـ ‘الجبنة السويسرية’، لا يمكن للامم المتحدة أن تجعل دولة حتى لو وقفت على رأسها.

ما الذي يخافه نتنياهو؟ من تهديدات عريقات باتهامنا في لاهاي بـ ‘جرائم الحرب’؟ من الذي يتهمنا؟ منظمات الارهاب م.ت.ف وفتح؟ ونحن سنجد صعوبة في أن نثبت من يقف خلف التنظيم وكتائب شهداء الاقصى ومن هو ناكر الكارثة والشريك في قتل الرياضيين في ميونخ، محمود عباس؟
من يهدد باتهامنا بسرقة الحصان الذي لم نسرقه؟ كبير سارقي الحصن في المدينة! ونحن ننهض ونهرب خوفا؟