ذكريات من ليل الفصح في القاهرة

بقلم: سمدار بيري
هاكم قصة حزينة للفصح، تأتي من بلاد الاهرامات. في نهاية المطاف لن تتبقى فقط الذكريات عن جالية يهودية كبيرة وفاخرة في مصر آخذة في الاندثار. ماذا تبقى؟ كنس مذهلة بجمالها الاصل بحاجة الى الترميم، المركز الذي يحمل اسم الرمبام في الحي اليهودي القديم في القاهرة، دزينة كتب توراة، وثائق تاريخية، مبان ملكيتها غامضة، ومقبرتي الاسكندرية والقاهرة.
ماجدة هارون، رئيسة الجالية اليهودية، نشرت قبل يومين بيانا حزينا. لاسفنا، كتبت تقول، بسبب الحزن الشديد الذي نعيشه في الـ 11 شهرا الاخيرة، لن نعقد هذه السنة حفل الفصح. وهذا حزن مزدوج، على موت كارمن فينشتاين، رئيسة الجالية السابقة، عن شيخوخة صالحة وعلى الموت المفاجيء لناديا هارون، شقيقة ونائبة رئيسة الجالية الحالية. هارون هي الشابة بين الجماعة، عمرها يقترب من ستين. الاخرون أكبر منها سنا بعشرين سنة على الاقل. وحسب ما هو معروف تبقى في الجالية المندثرة لمصر 15 يهوديا بالاجمال. وقريبا سيسألون: من سيدفع للحارس عند مدخل المواقع اليهودية؟
هي نفسها، ماجدة هارون تفهم بأن القصة تقترب من نهايتها. هام لها اقامة متحف للتراث اليهودي، ليعلم الناس بانه كانت هنا جالية نشطة في مصر: وزير مالية، مؤسس المسرح، أطباء، محامون، مفكرون بارزون وممثلون سينمائيون. بعضهم تباهى بيهوديته، آخرون أصروا بالذات على اخفائها. وأنا أعرب ما لا يقل عن ثلاث نساء عجائز من المكانة الاجتماعية اللامعة، تمثلن من خلال الزواج وحرصن على البقاء بعيدا. ولكن على مدى السنين جعلن لهن عادة الاستراق الى الكنيس الكبير ‘شعاريه شمايم’ في القاهرة. وهن يعتمرن غطاء رأس كبير، تابعن بعيون دامعة صلوات كل النذور.
في الاسبوع القادم، لاول مرة منذ اتفاقات السلام، لن يبحثن بالشموع عن الطفل الذي يسأل الزنجيات. رزم الغذاء الحلال والفطير ارسلت منذ الان، ولكن لا يوجد مزاج لها. بقايا الجالية، ولا سيما نساء منعزلات، أصبحت ثقيلة الحركة. لا يوجد حاخام محلي، لا توجد تأخيرات دخول للاسرائيليين، الشوارع متوترة، المواجهات العنيفة احتدمت. وفي أماكن المناوشات مع الشرطة والجيش، تزرع عبوات ناسفة.
لمرتين شاركت في حفل الفصح في مصر. دق في القلب لا يشبهه مثيل في اي مكان آخر في العالم. استؤجرت قاعة كبيرة في فندق يطل على نهر النيل، وحرص على تسويغ المطبخ بالحلال، وارسل الخبز الفطير من القدس. وشمرت نساء الدبلوماسيين الاسرائيليين عن اكمامهن لعمل كباب السمك المحشو، واعداد أصناف الطعام الخاصة بالفصح. مرة واحدة ارسل حاخام لادارة تلاوة الاسطورة، وفي المرة الثـــانية، تجند السفير، وتراكض عشرات الاطفــال بين الطــاولات. وعندما انتشرت الشائعة ظهر فجأة عشرات الســـياح اليهود وعصبة كبيرة من الدبلوماســـيين اليهود ممن عملوا في السفـــارات الاجنبية. وكان الانفعال شـــديدا. ووحده الحزام الكثيف من الحـــراس المسلحين في المحيط، في كل زاوية وزقاق أعادتك الى الواقع.
اليوم لا توجد للسفارة الاسرائيلية مكاتب في القاهرة. وعندما سيصل الى هناك سفيرنا الحادي عشر، حاييم كورين، فانه سيعمل، مثل سلفه، من منزله السكني المحروس الذي تحول الى مكتب. منذ ثلاث سنوات لا يوجد ايضا سفير مصري في تل أبيب. كل شيء متوقف، بالانتظار، الى أن ينتخب الرئيس القادم ويعقد البرلمان، في الصيف، بعد رمضان. لا يعتزم احد توسيخ اصابعه في القصة المعقدة للعلاقات معنا. قبل ان يحتل القصر الرئاسي، فان السيسي ملزم بأن يكون واثقا من أنه سينجح في البقاء.