"يسقط يسقط حكم العسكر"

دبي: بعد انطلاق ثورة الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني 2011، أصبح لميدان التحرير مذاق آخر. فالواقف في الميدان يرى المحتجين وهم يأتون من كل حدب وصوب للمشاركة في هذه الثورة التاريخية، التي قلبت نظام الحكم في البلاد، إضافة إلى الباعة، والرسامين، والمصورين، وغيرهم.

غير أن واحدا من أشهر الأشخاص في الميدان، كان شابا لم يتجاوز الرابعة والعشرين من العمر، حمل غيتاره وسط الجميع، وغنى لرحيل النظام أولا، ولسقوط العسكر ثانيا، فأطرب الكبير والصغير، وبث الحماسة في نفوس ثوار التحرير.

وللقاء مع هذا الشاب، رامي عصام، حلاوته لما يتميز به من شجاعة وحماسة تجاه التغيير، فكله أمل أن تتجه مصر بفضل الجيل الصاعد إلى بر الأمان، وأن تتخلص من عباءة النظام السابق، التي كساها الظلم والفساد زمنا طويلا.

ومع بدايته الغناء، قوبل رامي بالعديد من الانتقادات بسبب صوته، الذي وجد فيها البعض صوتا لا يرقى إلى المستوى المطلوب، إلا أن هذا الشاب أثبت أن الصوت في النهاية ليس العامل الوحيد الذي يحدد نجاح الأغنية، بل إن القدرة على استخدام الفن في التطرق لقضايا المجتمع أثبتت أن لها دورا مهما في الثورة المصرية وما بعدها. لهذا، تحول رامي عصام إلى "مغني الثورة" أو "مغني الميدان."

يقول رامي: "أنا مدين للثوار بأي نجاح حققته كفنان، فللأحداث التي حصلت فضل كبير في اختصار مجهود كبير كنت سأبذله بشكل مختلف تماما. الثورة أوصلتني بعمر الـ24 لمكانة كنت سأحتاج لوقت أكبر بكثير للوصول إليها."

وكانت كلمات الأغنيات التي يرددها عصام نابعة من الشعارات والهتافات التي أطلقها المتظاهرون في الميدان، فكلمات مثل "ارحل" و"يسقط حكم العسكر" باتت تحمل أبعادا جديدة.

يقول عصام: "في بادئ الأمر، كان المهتمون بالثورة هم فقط من يستمعون إلي، ولكن بفضل الإنترنت أصبح العدد أكبر، فالشبكة العنكبوتية أفضل وسيلة للوصول إلى الجمهور بدون رقابة. وبعد ذلك بدأت أغنياتي تصل تدريجيا لعدد أكبر من المستمعين، حتى من غير المهتمين بالثورة، وهو أمر حسّن من صورتنا كثوار. ومما فاجأني أيضا أن فني لم يقتصر على فئة الشباب، بل امتد ليصل مستمعين من فئات عمرية مختلفة."

ورغم أن الثورة أسقطت نظاما دام لنحو ثلاثين عاما، يرى عصام أن خطأ فادحا وقع، ودفع بالأمور للوصول إلى ما هي عليه اليوم، إذ يقول: "أكبر خطأ سنندم عليه في الثورة هو مغادرتنا ميدان التحرير بعد تخلي مبارك عن الحكم، فقد عدنا لمنازلنا قبل أن يتم تحقيق جميع مطالبنا."

ورامي عصام الذي جعل من الغناء مهنته حاليا، يؤكد أن أغانيه لن تقتصر على السياسة والثورات فحسب، بل هناك أبعاد أخرى في حياة الإنسان المصري البسيط التي يجب على الفن التطرق إليها.

يقول عصام: "بالنسبة للموسيقى، بدأ الفنانين بتلمس رغبة الجمهور في الاستماع لشيء ذات معنى وهدف. فبعد السنة الأولى من الثورة، لم يكن هناك مكان لأغاني الحب العادية، فقد كان الناس بحاجة أكبر لأغاني تعبر عن الحالة التي كانوا يعيشونها، ورغم هدوء الوضع نسبيا الآن، إلا أن الأغاني الهادفة أظهرت للناس أنها ذات طعم أفضل من الأغاني العادية. فالتطور الموسيقي يكون بالكلمات أكثر من اللحن."

واليوم، وبعد عام ونيف على انطلاق الثورة، يرى رامي عصام أن لا أحد يمكنه التنبؤ بمستقبل البلاد، ولكن اذا استمر الوضع الراهن على ما هو عليه، يرى عصام أن مصر بحاجة إلى ثورة أخرى.

ومؤخرا، قدم رامي عصام أغنية جديدة تحمل اسم "قطع ايدك"، وهي جزء من حملة ضد التحرش الجنسي بالفتيات. وحول هذه الحملة يقول عصام: "المشكلة تكمن في أن الفتيات المتحرش بهن يخجلن من التعبير عن أنفسهن، مما يؤدي إلى إصابتهن بأذى نفسي. وفي البداية، لفتت نظري حملة قطع إيدك على الفيسبوك، فقررنا أنا والشاعر أمجد القهوجي كتابة الأغنية، التي لاقت استحسانا كبيرا حين غنيتها للمرة الأولى في ساقية الصاوي."

يذكر أن رامي عصام قدم ألبوما خيريا حمل عنوان "منشورات"، وأكد أنه يحضر حاليا لألبوم جديد سيشتمل على موضوعات سياسية واجتماعية أكثر.

سي إن إن

_____

أ ج