رئيس وزراء دُمية

بقلم: أمير أورن

كان اريئيل شارون الذي كان سيحتفل هذا الاسبوع بيوم ميلاده السادس والثمانين، سيأسف على التحقيق لو كان موجودا لسماعه أن موته اقتطع مصدر دخل مهما لعائلته، لكن ربما كان يسليه شيئا ما أن يعلم أنه يقدم الآن مصدر عيش ليهود آخرين، فهناك مبادر ناشط في تل ابيب ينظم ‘جولات في مسار حياة اريك شارون، كفار ميلل مزرعة شكميم جفعات هكلنيوت (تل شقائق النعمان)’. لكن هذا في الحقيقة ضئيل جدا لأنه أين قبية والمتلة وصبرا وشاتيلا وجبل الهيكل والجزيرة اليونانية وغوش قطيف لكن هذا ما يمكن الحصول عليه في يوم واحد، حافلة و180 شيكل.
ينتظر شارون شكسبير أو مقلدا ذا خبرة على الأقل لـ ‘هنري الخامس′ و’ريتشارد الثالث’ وسائر المتوجين. إن حياة شارون تتوق الى مسرحية تتناول نشوءه في بلاطي ملكين هما دافيد بن غوريون ومناحيم بيغن. إن هذين العدوين اللذين تغذيا على كراهيتهما المتبادلة وعلى خصومتهما آخر الامر لورثة بن غوريون لن يكونا متشابهين في كل شيء، فقد كان الاول صارما وكان الثاني ليّنا لكنهما تقاسما خصائص كاجلاء النفس في فترات الجدب، والمرض في اوقات الازمة واعتزال الحكم خروجا من الضغوط.
نشأ شارون في رعايتهما واحدا بعد الآخر قافزا من راع الى راع يحمي نفسه من منافسيه بين الدوقات والبارونات، الى أن أصبح بعد ذلك ملكا هو نفسه. إن الدسائس والاكاذيب والتحذيرات وكم كانت مأساوية معرفة بيغن أن تعيينه وزيرا للدفاع خطير وعجزه عن الامتناع عن ذلك وأن يمنع ما جعله يعتزل في أسى ثماني سنوات سجن فيها نفسه في بيته في شارع تسيمح، وحينها، حينما ضعفت قوته أصبح شارون رئيس وزراء. إن الذي جمع الفتات (‘وزارة البنى التحتية’) عن مائدة بنيامين نتنياهو وتوسل الى اهود باراك عبثا كي يتفضل بضمه الى حكومته حقق فجأة نبوءة ‘اريك ملك اسرائيل’، وعرض على باراك أن يتولى منصبا في حكومته ووافق على أن يخدم نتنياهو تحت إمرته.
واليكم تحولا آخر في الحبكة القصصية: فقد عاد نتنياهو ذاك الى الحكم وتمسك به كأنه غاية في حد ذاته، واطار بلا صورة وصفة بلا فعل. مرت 18 سنة هي كمدة العداوة بين اسحق رابين وشمعون بيرس، منذ فاز في الانتخابات على بيرس، وما زال نتنياهو موجودا هنا، لكنه ليس ملك البلاد برغم ما ذكرته مجلة ‘تايم’. ليس هو الملك بيبي الاول بل هو ملك دمية، بل إنه شيء تدوسه قدم نائب وزير دفاعه.
كل ذلك الى أن فاض جام التحرش به فرسم خطا في الرمل يقول الى هنا لا أكثر، محتقرا مزوري شخصيته وكأنه غير قادر على أن يقرر. ها هو ذا يقرر بصورة نهائية لا لبس فيها، ألا يقرر. لا الآن بل بعد سنة، بيقين وآنذاك سيقرر، أن يتحول الى الرئاسة. وبعد سنة ستفكر الحكومة في نقض نفسها كما هي العادة في الاسراع نحو الانتخابات. وبعد سنة سينتقض براك اوباما ايضا. يجب فقط تجاوز هذه السنة والانتقال بعد ذلك بسير سريع سبع دقائق من بيت رئيس الوزراء الى بيت الرئيس. يُطلب منقذ لاجل التقريب بين وجهات النظر، ومن أفضل في ذلك من بيرس فهو مهذب وسخي ويعمل لاجل السلام فقط. واذا ألح عليه بيبي وهو اسم مرادف للسلام أن يبقى سنة اخرى في بيت الرئيس، فلماذا لا؟ هل من الممكن أن يكون ما زال غاضبا عليه بسبب تلك الانتخابات في 1996؟.
يستطيع بيرس أن ينكل به وأن يساوم. واذا كانوا يريدون تغيير القانون فليس لسنة واحدة فقط بل لفترة ولاية كاملة ينتقل فيها من موضعه الحالي وهو العاشر في قائمة رؤساء الدول الاكبر سنا في جميع الازمان الى أن يتجاوز كل الرؤساء والملوك والباباوات ويعزل عن المكان الاول هستنغز باندا من ملاوي الذي كان في السادسة والتسعين حينما خسر في الانتخابات. بازاء التكريم الكبير في تسخين منزل الرئيس للزوجين نتنياهو، قام الانتقام والقدرة على أن يكون مُنصِّب الملوك لتحالف سلام بين حزب العمل وبقايا ‘يوجد مستقبل’ وتسيبي لفني وثلاثي مُنهي فترة التبريد، مئير دغان ويوفال ديسكن وغابي اشكنازي. وسيبقى بيبي ملكا دمية حتى إن داني دنون يصنع منه ‘دنونة’

هآرتس