يروجون للمقاطعة بأيديهم

بقلم: عاموس جلبوع

اصوات عديدة، بما فيها لفني ولبيد تخيفنا من مقاطعة متعاظمة، ولكنها تنسى أن ‘الحقيقة’ عن المستقبل لا أحد يمكنه أن يتنبأ بها
موضوع المقاطعة على اسرائيل ليس جديدا. فمنذ أكثر من عشر سنوات يوجد جسم دولي يحمل الاحرف الاولى BDS، وترمز الى المقاطعة، سحب الاستثمارات والعقوبات، تدعو الى مقاطعة دولة اسرائيل لانها دولة أبرتهايد وليس لها حق وجود كدولة يهودية.
ويدور الحديث عن جسم صغير من اليسار ومن اليمين المتطرفين، بالتداخل بالطبع مع جهات فلسطينية، لم يحظَ بكثير من نجاحات المقاطعة، ولم يكن لافعاله صدى اعلامي واسع.
وها هي، في الفترة الاخيرة، فكرة المقاطعة لهذا الجسم غريب الاطوار تحظى بتأييد غير عادي. أساس هذا التأييد جاء من اوساطنا، من داخل شعب اسرائيل. مع أن مفوضية الاتحاد الاوروبي خرجت قبل بضعة اشهر بمقاطعة على الاستثمارات البحثية في المناطق خلف خطوط 67، وتوجد اجسام مختلفة في العالم تقاطع اسرائيل (مقابل الكثير من الاجسام التي تعزز بالذات علاقاتها مع اسرائيل)، الا ان الاصوات القوية، الاكثر اخافة وتهديدا بالمقاطعة تصدر من داخلنا؛ ليس من اليسار الاسرائيلي المتطرف ما بعد الصهيوني المؤيد لـ BDS بل من المعسكر الصهيوني ومن داخل حكومة اسرائيل نفسها التي توجد في مفاوضات مع الطرف الفلسطيني.
في المركز يوجد وزير ماليتنا، الذي أعلن بانه اذا ما فشلت المفاوضات مع الفلسطينيين واتهمت اسرائيل بالفشل، فستأتي علينا مقاطعة اوروبية وسيتضرر تصديرنا بنحو 20 مليار شيكل في السنة، وسيقال 10 الاف اسرائيلي وسيهبط مستوى معيشة كل مواطن، وستتضرر كل ميزانيات الرفاه والصحة، وغيرها هنا وهناك من الكوارث الاقتصادية التي ستقع علينا.
هذه ظاهرة غير مسبوقة. فأي انسان، أي دولة، أي شركة تجارية، أي شخص خاص يأتي ليضغط على نفسه، بكلتا يديه في الوقت الذي يوجد فيه في مسيرة مفاوضات؟ العقل يقول ان من يضغط هو بالذات الطرف الاخر الراغب في أن يحقق من خلال الضغط تنازلات في صالحه. أما عندنا فالعالم مقلوب رأسا على عقب! فهل جننا؟ وما السبب في ذلك؟ يأتي ويقول الضاغطون والمخيفون ان كل غايتهم هي ان يقولوا للشعب الحقيقة في وجهه والا يخفوها عنه. بيان رسمي بهذه الصيغة خرج من مكتب الوزيرة تسيبي لفني.
ليس عندي أي شك بان لفني ولبيد وآخرين من بين المخيفين يريدون فقط مصلحة الدولة، ولكني أرغب في أن اقول لهم أولا، ليس هناك شيء كهذا هو ‘الحقيقة’ بالنسبة للمستقبل، وبالتأكيد ليس في توقعات اقتصادية مختلفة حيال أوضاع خيالية مع عشرات المتغيرات. فماذا تشبه ‘حقيقة’ لبيد، أو للدقة الجناح الاقتصادي في وزارته؟
انها تشبه ان يأتي رئيس شعبة الاستخبارات، اللواء كوخافي، الذي عرض وضعا قائما من 170 ألف صاروخ ومقذوفة صاروخية توجد في أيدي اعداء اسرائيل في لحظة معينة، فيضيف قائلا ان معنى الامر أنه ما أن يطلقوا علينا الصواريخ سيقع عندنا نحو 170 ألف قتيل.
وهو بالطبع لم يقل هذا لان هذا غباء تام. ثانيا، اذا كان لا بد من قول ‘الحقيقة’ فينبغي لوزير المالية أن يعرض الميزان العددي الكامل وأن يأتي ويقول تقريبا على النحو التالي: اذا كانت تسوية وسيتعين علينا ان ننقل من اماكنهم نحو 100 الف شخص من المستوطنات في غير الكتل، فهذا سيكلفنا الكثير من المال. شيء مثل 100 مليار دولار.
وملاحظة مبدئية بشأن المستوطنات. برأيي كل زيادة مستوطنات هي مثابة خطوة هدامة تمس بالدولة ناهيك عن الاعلانات العابثة عن البناء. اذا كنا مطالبين بان نتصدى للاوروبيين ونتوصل معهم الى تفاهم فهذا أولا وقبل كل شيء في موضوع المستوطنات. اي تجميدها لزمن غير محدود. هذا هو أمر الساعة العملي، وذلك ايضا حل مخاطر المقاطعة الاوروبية الغامضة.