لماذا أصبحت النساء أكثر سعادةً
أليسار حبيب
في الماضي كانت المرأة تقلق نظراً الى الضغوط الإجتماعية التي كانت تعيشها وتتعرّض لها، إذ إنّها كانت محرومة من حريتها. ولكنّ أسباباً كثيرة جعلت النساء حالياً أكثر سعادة، حيث بتنَ يستمتعنَ بأنوثتهنّ واستقلاليتهن وشخصياتهنّ.
إنّ سعادة المرأة الأساسية تكمن حالياً في نجاحها في تحقيق المساواة مع الرجل وفي قدرتها على التصرّف مثله في مواقف كثيرة، وفي السماح لنفسها بالحصول على كلّ ما يحصل عليه هو "كالبيضة وقشرتها". بمعنى آخر، "بات يُمكن المرأة حالياً الحصول على مهنة مهمّة والإستثمار في مجال العمل، مع الحفاظ على مكانتها بين أفراد أسرتها"، حسب ما أوضحت المحللة النفسية سيلفيان غيامبينو. وقالت: "إنّ الفرح الذي تشعر به النساء حالياً يعود الى إستقلاليتهنّ المادية وحريّتهنّ في تقرير مصيرهنّ وحياتهنّ، حيث أُتيحت لهنّ فرصة اختيار الشريك والإنجاب، والعمل خارج المنزل والإستثمار في السوق مع الحفاظ على مكانتهنّ الأساسية في المنزل. هذا لا يعني أنّ بعض القيود التي فُرضت علينا في الماضي لم تعُد موجودة، ولكنّنا أدخلنا عليها بعض الحريّة والنفحة العصرية". ولاحظت المحللة النفسية أنّ "النساء يتجاذبن بين تيارَين متناقضين: فتارةً يطالبن بحريّتهنّ وبمساواتهنّ وإستقلاليتهنّ ويُثبتن جداراتهنّ على تأدية أصعب المهمّات، وطوراً يطلبن مساعدة الرجل ويبحثن عن الامان العاطفي". ولكنّ غيامبينو أصرّت على أنّ "هاتين النزعتين المتناقضتين اللتين تعيشهما المرأة تندرجان في إطار السعادة الانثوية التي تشعر بها، فهنّ لم يعدن يشعرن بالذنب من عيش حالتين متناقضتين، بل امتلكن القدرة على التعايش معهما وفق مصالحهنّ الذاتية".
التخلّص من الشعور بالذنب
ومن الأسباب التي تجعل النساء يستمتعن حالياً بأنوثتهنّ هو عدم حاجتهنّ للإعتذار عن السعادة التي يشعرن بها. فمنذ مدّة قصيرة، كانت المرأة تضطر الى إخفاء سعادتها لئلّا يحكم عليها المجتمع ويعتبرها أمّاً غير صالحة وتافهة وخارجة عن القواعد الأدبية والمجتمعية. "وكان المجتمع يفرض على المرأة عموماً والامّ خصوصاً عيش حال من الإرتباك والتذمّر وكان عليها أن تشتكي من صعوبة كونها إمرأة وأمّ ومن كمّ المسؤوليات الملقاة على عاتقها"، وفق ما ذكرت غيامبينو.
واستنتجت المحللة النفسية أنّ "النساء أقدمن على العمل بنشاط ونجاح ووضوح، ولم يعدن يخفن من إعلان سعادتهنّ ومن مفاوضة الرجل على علاقته بهنّ، بل إكتسبن القدرة على التعبير عن حاجاتهنّ ورغباتهنّ وقلقهنّ وتطلعاتهنّ بكل جرأة ومن دون الشعور بالذنب". وبحسب غيامبينو "فإنّ كلّ هذه الإنجازات التي نجحت المرأة في بلوغها على مرّ العصور، جعلتها تفرح كونها أنثى".
فرح الإستقلالية
ناضلت المرأة كثيراً قبل تحقيق حرّيتها وإستقلاليتها الماديّة، ولم يكن هذا بالامر السهل، بل عانت كثيراً حتّى توصلت الى إرساء قواعد الحريّة والمساواة. ولكنها تواجه حالياً صعوبة أخرى وهي إمكان تحقيقها إستقلاليتها النفسية التي تخوّلها العيش والتصرّف بحريّة تامّة. وبحسب الفيلسوفة والمحللة النفسية آن دوفورمانتيل: "الاهمّ من الإستقلالية الماديّة هو الإستقلالية النفسية: أي تفكيرها بأنّها قادرة على إتخاذ القرارات بمفردها، وإجراء التعديلات والتغييرات اللازمة على حياتها والتصرّف كشخص له كيانه الخاص والمستقل". من جهتها أقرّت المحللة النفسية صوفي كادلان أنّه يصعب على المرأة تحقيق إستقلاليتها المعنوية "فليس سهلاً أبداً أن تتحمل النساء عواقب خياراتهنّ وقراراتهنّ". وما ترغب المرأة في تحقيقه إذاً هو "الإستقلال المعنوي خارج المنزل من دون إضطرارها لإخفاء الامر".